
كنيسة سيدة العرب في الكويت ترتقي إلى مقام بازيليك صغرى
محرر الأقباط متحدون
السبت ١٦ اغسطس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
في أعقاب المرسوم الذي صدّقت عليه دائرة العبادة الإلهية وتنظيم الأسرار في الثامن والعشرين من تموز يوليو الماضي والذي يقضي برفع كنيسة سيدة العرب في الكويت إلى مقام بازيليك صغرى، أجرى موقعنا الإلكتروني مقابلة مع النائب الرسولي في شمال الجزيرة العربية المطران ألدو بيراردي، الذي عبّر عن فرحته بهذا النبأ، مشيرا إلى أن القرار يشكل إقراراً بحضور هذه الكنيسة التاريخي وبدورها الديني والراعوي في المنطقة.
استهل سيادته حديثه لافتا إلى أن كنيسة سيدة العرب في الكويت هي رعية قديمة تخضع حالياً للنيابة الرسولية في شمال الجزيرة العربية، لكنها أبصرت النور بمبادرة للآباء الكرمليين في العام ١٩٤٨، وتم بناؤها لاحقاً من قبل شركة النفط الكويتية لتلبية الاحتياجات الروحية للمهاجرين الكاثوليك العاملين في الحقل النفطي، وقد أحيت الكنيسة منذ سنتين الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيسها. هذا ومن المرتقب أن يتم الإعلان قريباً عن تاريخ الاحتفال الذي سيُقام في المناسبة وسيتم خلاله الإعلان رسمياً عن رفع هذه الكنيسة إلى مقام بازيليك صغرى.
وعاد المطران بيراردي ليسلط الضوء على أهمية هذا الصرح الديني مشيرا إلى أنه يكتسب قيمة روحية كبيرة بالنسبة للأعداد الكبيرة من المهاجرين الذين قدموا للعيش والعمل في الكويت، إذ يجدون إمكانية لممارسة إيمانهم واضعين إياه تحت حماية العذراء مريم. وأوضح أن المبنى يحتوي على تمثال سيدة العرب، بعد أن كانت الكنيسة قد سُميت بالبدء بسيدة الكرمل، وهذا التمثال نال في روما بركة البابا بيوس الثاني عشر، عام ١٩٤٩، وتم تتويجه في العام ٢٠١١ من قبل الكاردينال أنتونيو كانيزاريس لوفيرا، نيابة عن البابا بندكتس السادس عشر. من هذا المنطلق، لفت سيادته، تُعتبر الكنيسة كمزار مريمي هام، خصوصاً إذا ما أخذنا في عين الاعتبار جذورها التاريخية، واللافت أيضا تواجد هذا التمثال المريمي في بيئة حيث غالبية السكان من المسلمين. وهذا أيضا أمر يكتسب بعداً عميقا.
بعدها توقف سيادته عند قرار رفع الكنيسة إلى مقام بازيليك صغرى، وقال إنه يود أن يتوجه بالشكر إلى جميع الأشخاص الذين ساهموا في تحقيق هذا المشروع، خاصا بالذكر السلطات الكويتية، ومن شاركوا في مشروع البناء لسنوات طويلة خلت، وصولا إلى الجمعيات الرهبانية الناشطة في المنطقة والنواب الرسوليين السابقين في الكويت وشمال الجزيرة العربية، بالإضافة طبعاً إلى الكرسي الرسولي. ومضى يقول إن هذه الكنيسة هي بمثابة زهرة في الصحراء، مذكراً بأنه خلال الحرب بين العراق والكويت بقي تمثال العذراء حارساً للكنيسة الصغيرة وحامياً لجميع الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الهروب من الكويت في تلك المرحلة. وأوضح المطران بيراردي أن العذراء سيدة العرب، باتت اليوم شفيعة منطقة الخليج، بشمالها وجنوبها، ويُحتفل بعيدها يوم الأحد الثاني من الزمن العادي.
هذا ثم تحدث سيادته عن النيابة الرسولية في شمال الجزيرة العربية مشيراً إلى أنها تشمل المملكة العربية السعودية، البحرين، قطر والكويت، وتضم مؤمنين قادمين من جميع أنحاء العالم، لاسيما من الفيليبين والهند، بالإضافة إلى بلدان عدة من أفريقيا وأوروبا. وهم مهاجرون يأتون غالباً إلى الكويت بدافع العمل. وقال إن هؤلاء المسيحيين ينتمون إلى جميع المذاهب والطقوس، وبالتالي يمكن أن نقول إنهم يشكلون تعبيراً عن الكنيسة الجامعة، وهي جاليات متمسكة جداً بلغاتها وبطقوسها. وأضاف أن عدد المؤمنين الكاثوليك في شمال الجزيرة العربية يُقدر بمليوني شخص تقريباً، يضاف إليهم مليون آخرون في جنوب الجزيرة العربية. والأكثرية الساحقة هم مواطنون أجانب مع أن الأمر لا يخلو من وجود سكان محليين، وجماعة المؤمنين هذه هي جماعة حية، فتية ومتدينة.
تابع المطران بيراردي حديثه متوقفاً عند يوبيل الشبيبة الذي تم الاحتفال به في روما أواخر تموز يوليو ومطلع آب أغسطس، وشهد مشاركة حوالي مليون شاب وشابة قدموا من مختلف أنحاء العالم. وقال سيادته إن من بين المشاركين في هذا الحدث الكنسي الهام عدداً من الشبان القادمين من دول الخليج، وأوضح أنه تسنت لهؤلاء فرصة أن يتذوقوا بأنفسهم العبادة التي تقوم بها الكنيسة مجتمعةً، مضيفاً أنها كانت أياماً من النعمة والمقاسمة، وربما لم يعتدْ عليها مؤمنو المنطقة لأنهم، وعلى الرغم من تمتعهم بحرية العبادة في الكنائس، لا بد أن يتقيدوا ببعض الشروط فيما يتعلق بالتعبير علناً عن الإيمان.
من هذا المنطلق اعتبر سيادته أنه كان من المهم جداً بالنسبة لهؤلاء الشبان والشابات أن يلتقوا بأترابهم من أنحاء العالم كافة، لأن هذا الأمر ساعدهم على الثبات في الإيمان، كما تسنت لهم فرصة الصلاة عند ضريحَي القديسَين بطرس وبولس، كما عاشوا في تورفيرغاتا أمسية الصلاة والقداس الإلهي مع البابا لاون الرابع عشر. وقد عاد هؤلاء الشبان إلى ديارهم وهم يستعدون الآن للمشاركة في الأيام العالمية للشبيبة في كوريا الجنوبية عام ٢٠٢٧.
في سياق حديثه عن النشاطات الرعوية قال المطران بيراردي إن الكنيسة في شمال الجزيرة العربية، وضمن الأطر القانونية المتاحة لها، تقدم خدمات إعانية للعمال الذين يواجهون صعوبات مادية، ولفت أيضا إلى وجود مجموعات كنسية ناشطة جداً، كالحركات المريمية والجمعيات الرهبانية. وقال إن هذه النشاطات تتمحور حول ركائز ثلاث ألا وهي القداس الإلهي، السجود للقربان والتعبد للقديسة مريم، وهذه الركائز ترافق بنوع خاص التعليم المسيحي للأطفال وتنشئة الخدام العلمانيين.
هذا ثم ختم النائب الرسولي في شمال الجزيرة العربية حديثه لموقعنا مؤكداً أن اعتراف الكرسي الرسولي بكنيسة سيدة العرب على أنها بازيليك صغرى لا يشكل مدعاة شرف كبير للنيابة الرسولية وحسب إذ يشكل أيضا تأكيداً عميقا وهاماً على الإيمان الحي الذي يعيشه المؤمنون في المنطقة.