
المسيحية في سوريا ( ٢ )
القمص رويس الجاولى
السبت ١٦ اغسطس ٢٠٢٥
القمص رويس الجاولى
سوريا الطبيعية والسياسية
++++++++++++
سوريا الطبيعية:
+++ يقسّم المؤرخ فيليب حتي سوريا الطبيعية إلى خمس مناطق طبوغرافية طولانية متوازية تفصل بين البحر والبادية، أولها هو السهل الساحلي الذي يمتد على ساحل البحر المتوسط الشرقي، من شبه جزيرة سيناء حتى خليج الإسكندرونة، وثانيها هي سلسلة الجبال الغربية، وتبدأ من جبل سيناء في الجنوب حتى جبال الأمانوس شمالاً، وثالثها هو حوض التصدع، ويبدأ شمالاً من المنعطف الغربي لنهر العاصي ثم يستمر جنوباً في سهل البقاع ووادي الأردن حتى البحر الميت، ثم وادي العربي حتى خليج العقبة، ورابعها هو السلسلة الشرقية وتبدأ من جنوبي حمص ثم الحرمون فهضبة الجولان وتستمر في تلال جلعاد وهضبة مؤاب وأخيراً جبل سعير جنوبي البحر الميت، وخامسها هو بادية الشام.
+++ أما مجمع اللغة العربية في دمشق، فيقول بأن حدود «سوريا المجوفة» هي بالشكل التالي: «الأراضي الواقعة بين جبلي لبنان الشرقي والغربي والممتدة إلى وادي التيم ووادي بردى الغربي وإلى أنطاكية حيث تجري فيها الأنهر المعروفة باسم العاصي وبردى والليطاني [..] وكانت تخمها القديم من عدوتي البحر الميت إلى أنطاكية».
+++ أشار المؤلف الروماني بومبونيوس ميلا في كتابه: كتاب الجغرافيا الثالث (باللاتينية: De situ orbis libri III) إلى الساحل الشرقي للبحر المتوسط باسم سوريا (باللاتينية: Syria). وذكرها بطليموس بعده في كتابه المجسطي بنفس التهجئة للإشارة إلى ولاية سورية الرومانية.
++++++++++++
سوريا السياسية:
+++ بعد موت الإسكندر الأكبر، كانت منطقة شرق البحر المتوسط من نصيب السلوقيين، حيث قسّموها إدارياً إلى عدد من الولايات هي ولاية سوريا، وولاية كل سوريا، والتي تعرف أيضاً باسم سوريا الجوفاء(5) وولاية فينيقيا وولاية فلسطين، أما القسم الصحراوي فدُعي بالصحراء العربية وكان خارج الولايات السلوقية.
+++ في عام 64 ق.م، أنهى بومبي الحكم السلوقي وجعل سوريا الجغرافية كلها ضمن ولاية سورية (باللاتينية: Provinica Syria) وكانت عاصمتها أنطاكية، وسمح للممالك العربية كالأنباط بالاحتفاظ بممتلكاهم الأصلية مقابل جزية سنوية، وأصبحت اليهودية دولة خاضعة ضمن ولاية سورية. أما المنطقة الجنوبية فقد عرفت باسم الولاية العربية الصخرية. وبعد انقسام الامبراطورية إلى شرقية وغربية، أصبحت ولاية سورية جزءاً من الامبراطورية الشرقية، وكانت مقسمة إلى عدد من الولايات في حوالي القرن الرابع الميلادي، هي ولاية سوريا الأولى وعاصتمها أنطاكية وولاية سورية الثانية وعاصمتها أفاميا، وولاية فينيقيا الأولى وعاصمتها دمشق وفينيقيا اللبنانية وعاصمتها حمص وولاية فلسطين الأولى وفلسطين الثانية وعواصمتاهما قيصرية وسيكثوبولس على الترتيب. أما الولاية العربية فأصبحت تعرف باسم ولاية فلسطين الثالثة وعاصمتها البتراء.
+++ وبعد الفتح الإسلامي، وفي عصر الدولة الأموية، أصبحت دمشق عاصمة دولة الخلافة، التي امتدت من سفوح جبال الهملايا في الشرق إلى ساحل المحيط الأطلسي في الغرب، وكانت سورية وفلسطين تخضعان لحكم الخليفة المباشر في دمشق. ثم تحولت سوريا الجغرافية إلى إقليم يتبع الدولة العباسية بعد انتقال مركز الخلافة إلى بغداد، وسميت ولاية الشام، نسبة إلى مدينة دمشق، وقسمت إلى ستة أقسام إدارية سميت الأجناد، ومفردها جُند، وهي: جُند فلسطين، وجُند الأُردُن، وجُند دمشق، وجُند حِمص، وجُند قنسرين، وجُند العواصم. مع تراخي قوة الخلافة العباسية، أصبحت سورية الجغرافية أو أجزاء منها إقليماً تابعاً لدويلات مختلفة قصيرة العمر هي الطولونية والأخشيدية والحمدانية، وتلاهم السلاجقة والفاطميين قبل أن تتعرض أجزاء من الشريط الساحلي للحملات الصليبية، ثم أجزاء من الأقسام الداخلية إلى الغزو المغولي، ثم سادت فيها سلطة المماليك قبل أن ينتزعها العثمانيون منهم في عام 1517م.
++++++++++++
أما كلمة سورية اليوم فتشير إلى الجمهورية العربية السورية، التي أخذت شكلها الحالي في الجمهورية السورية الأولى، قبل أن يُسلخ لواء الإسكندرونة منها في العام 1939م لصالح تركيا، وتقوم إسرائيل باحتلال هضبة الجولان في عام 1967م.