
وفاة فاضل الجزيري.. أيقونة المسرح والسينما التونسية
فن | مبتدا
١٥:
٠٥
م +03:00 EEST
الاثنين ١١ اغسطس ٢٠٢٥
فقدت الساحة الثقافية والفنية التونسية، اليوم، أحد أعمدة الإبداع والتجديد، برحيل المخرج والمسرحي الكبير فاضل الجزيري بعد صراع طويل مع المرض.
ترك الجزيري مسيرة فنية حافلة أضاءت الثقافة التونسية وأثرت ذاكرة المسرح والسينما وحتى التراث الموسيقي الوطني، فكان رمزا للالتزام الفني والاجتماعي، وجسرا بين الموروث والتجديد الإبداعي.
ولد فاضل الجزيري في عام 1948 في العاصمة تونس، في أسرة مثقفة تحمل ارتباطا عميقا بالأوساط الأدبية والفنية، وقد بدأ مشواره الفني مبكرا في المدرسة الصادقية التي احتضنت ميوله المسرحية وأعطته فرصة الانخراط في نشاط مسرحي فعال.
بعد مشاركته في الحراك الطلابي سنة 1968، واصل تعليمه الفني في لندن، حيث صقل أدواته وإمكاناته التي استفاد منها طوال مسيرته.
انطلقت مسيرته المهنية من دار الثقافة ابن خلدون، وشارك في تأسيس مسرح الجنوب بقفصة في عام 1972 مع مجموعة من الفنانين الشباب المبدعين الذين أصبحوا لاحقا رموزا في المسرح التونسي، منهم فاضل الجعايبي وجليلة بكار، وكان من مؤسسي فرقة المسرح الجديد عام 1976 إلى جانب أسماء كبيرة مثل فاضل الجعايبي والحبيب المسروقي، وقدموا أعمالا رائدة ومؤثرة مثل "العرس" و"غسالة النوادر"، حيث أسسوا من خلالها لغة مسرحية جديدة تتناول قضايا تونسية ومعاصرة.
تميز الجزيري بإخراجه لعروض فنية ضخمة أعادت الاعتبار إلى التراث الصوفي والموسيقى الشعبية التونسية، كان أبرزها العرض الأسطوري "الحضرة" الذي ألقي كتحفة مسرحية تجمع بين الفن الروحي والدرامي بطريقة مذهلة. كما قدم عرض "محفل" الذي لاقى نجاحا وتفاعلا كبيرين، حيث نجح في مزج العناصر التراثية بروح الهوية المعاصرة، ما جعله مرجعا للعديد من الفنانين الشباب في تونس.
امتدت بصماته إلى السينما التي شهدت من خلاله أفلاما وثائقية مهمة بينها فيلم "ثلاثون" الصادر عام 2007، والذي استعرض مسيرة رموز تونسية بارزة، مقدما مادة غنية تسرد التاريخ الوطني عبر فنانين ومثقفين أثروا الحياة الثقافية، كما أخرج فيلم "خسوف" الذي حصد إشادات نقدية، وربط الحاضر بالذاكرة الوطنية.
كما أسس مركز الفنون في جزيرة جربة، الذي كان بمثابة منطلق داعم للإبداع في الجهات، مسهما في تنمية المشهد الثقافي خارج العاصمة وتوفير الفرص للموهوبين الشباب.
تكريما لمسيرته وإبداعه، نال فاضل الجزيري وسام الاستحقاق الثقافي التونسي، وهو تقدير يعكس الاحترام العميق الذي حظي به عبر عقود من العطاء الفني الرفيع والالتزام الثقافي الصادق.
الكلمات المتعلقة