
البابا لاون الرابع عشر يستقبل ثلاثة مساجين حجّوا سيرًا على الأقدام إلى روما
محرر الأقباط متحدون
الجمعة ٨ اغسطس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا لاون الرابع عشر يوم أمس الخميس في الفاتيكان'> الفاتيكان ثلاثة مساجين يقضون عقوبتهم في أحد سجون البندقية وقد نالوا الإذن بالتوجه إلى روما لمناسبة الحج اليوبيلي، واللافت أنهم اجتازوا جزءاً هاما من هذه المسافة سيرا على الأقدام، وبالتحديد من مدينة تيرني سائرين لأكثر من تسعين كيلومتراً. للمناسبة أجرى موقعنا الإلكتروني مقابلة مع البندقية'> بطريرك البندقية فرنشيسكو موراليا الذي لفت إلى أن هؤلاء الرجال الثلاثة يريدون تخطي الماضي الذي طبع حياتهم، وعن هذا الحدث اللافت قال مدير السجن إن ضيوف البابا عاشوا خبرة إنسان
لقاء الحبر الأعظم مع المساجين الثلاثة جاء ضمن استقباله وفداً من الحجاج القادمين من البندقية لمناسبة سنة اليوبيل، ومن بينهم الرجال الثلاثة الذين يمضون عقوبتهم في سجن القديسة مريم الكبرى، بعد أن كانوا قد وصلوا إلى المدينة الخالدة يوم الأربعاء، وقد جاؤوا من تيرني سيراً على الأقدام، واستغرقت الرحلة خمسة أيام.
وقال البطريرك موراليا في حديثه لموقعنا الإلكتروني إن الرجال الثلاثة طلبوا إذناً من السلطات القضائية للخروج من السجن لكي يعيشوا هذه الخبرة القيمة التي تشكل جزءاً من مسيرة التحرر من الماضي الذي عاشوه. وكان حاضرا في اللقاء، الذي تم بعد أن عبر الحجاج الباب المقدس في البازيليك الفاتيكان'> الفاتيكانية، مرشد السجن الكاهن ماسيمو كادامورو، ومديره إنريكو فارينا، بالإضافة إلى النائب الأبرشي المونسينيور فابريتسيو فافارو، ومدير كاريتاس البندقية فرانكو سنسيني.
بعدها أكد غبطته أن السجناء الثلاثة نالوا كلمة تشجيع من البابا لاون الرابع عشر، وقد قدموا له هدايا هي عبارة عن أجندة، ومذكراتهم التي تتضمن خبرة مسيرة الحج، بالإضافة إلى نسخة من المجلة التي يُصدرها السجناء. وأضاف موراليا أن الحبر الأعظم ذكّر ضيوفه بأن تاريخ الخلاص يتعلق بالمجتمع، بالأشخاص، بالتاريخ وبالعلاقات بين الأفراد أيضا، كما يشمل بطبيعة الحال نفس الإنسان وعلاقته مع الله.
وأضاف غبطته أن السجناء الثلاثة الأصدقاء يريدون التغلب على الماضي الصعب الذي عاشوه وطبع حياتهم كلها، مشيرا إلى أن مسيرة التخلص من هذا الماضي الأليم لا تبدأ في المستقبل، بعد خروجهم من السجن إذ لا بد أن تبدأ خلال حياتهم اليومية وراء القضبان. وأوضح أن البابا نفسه تحدث أيضا عن هذا البعد الهام، وقد شاء أن يتبادل بعض الكلمات مع كل واحد من الرجال الثلاثة، مشيرا إلى أن صوراً فوتوغرافية التُقطت لهم برفقة البابا وستتسنى لهم إمكانية إدخالها إلى غرف السجن.
تابع البندقية'> بطريرك البندقية حديثه لموقعنا الإلكتروني لافتا إلى أن لاون الرابع عشر تحدث أيضا عن المسيرة اليوبيلية، التي ينبغي أن توجّه أنظار المؤمن نحو مستقبل ولا بد أن يبدأ ببنائها اليوم، خلال إمضاء العقوبة والتي هي تعبير عن العدالة، وفي الوقت نفسه مسؤولية تجاه المجتمع. هذا ثم ذكّر غبطته بأنه تطرق إلى أوضاع السجون في البندقية خلال لقاء جمعه لشهر خلا مع وزير العدل الإيطالي كارلو نورديو، موضحا أنه سلط الضوء، في تلك المناسبة، كما خلال لقاءات سابقة مع مسؤولين حكوميين إيطاليين، على الأوضاع الصعبة التي يعيشها السجناء، كما أشار إلى أبرز التحديات التي تواجهها شرطة السجون، بالإضافة إلى المتطوعين ومختلف الجمعيات الناشطة داخل السجون. وقال البندقية'> بطريرك البندقية إن الوزير الإيطالي تعهد بالعمل على حل المشاكل لافتا إلى أنه مطلع على الصعوبات.
هذا ثم لفت موراليا إلى أن أبرشية البندقية سعت، خلال السنوات الماضية، أن تكثّف نشاطاتها داخل السجون، بهدف مساعدة هؤلاء الرجال والنساء، الذين ارتكبوا الأخطاء في الماضي، على القيام بمسيرة جديدة، موضحا أن الكنيسة تريد أن تدعمهم وتقف إلى جانبهم، ليس بالأقوال وحسب إنما من خلال إطلاق مشاريع ملموسة. وأكد، على سبيل المثال، أن الكنيسة المحلية تسعى إلى توفير شقق سكنية للسجناء السابقين في وسط المدينة، وهذا الأمر يساعدهم على إيجاد فرص عمل، وهي تعمل على هذا المشروع بالتعاون مع هيئة كاريتاس المحلية وجمعية "بيت القديس يوسف".
وقال البطريرك موراليا إن بازيليك القديس مرقس الشهيرة جداً في البندقية، فضلا عن الكنائس الأربعين التي تُعتبر إرثاً فنياً للمدينة، عازمة على تقديم فرص عمل، بموجب عقود نظامية، للسجناء والسجينات الذين استوفوا الشروط القانونية التي تخولهم بقضاء عقوبات بديلة عن السجن، وبهذه الطريقة يتمكن هؤلاء الرجال والنساء من إمضاء فترات طويلة خارج القضبان. وختم غبطته حديثه لموقعنا الإلكتروني معرباً عن قناعته بأن هذه المبادرات هي جزء مما تريد أن تقدمه الكنيسة التي تحرص جداً على المجتمع بكل أبعاده.
في أعقاب اللقاء مع البابا لاون الرابع عشر أجرى موقعنا أيضا مقابلة مع مدير سجن القديسة مريم الكبرى في البندقية إنريكو فارينا الذي اعتبر أن زيارة الحج هذه لم تكن رمزية وحسب إنما تكتسب أهمية على صعيد الوعي والولادة الجديدة. وقال إن عيون السجناء الثلاثة كانت معبّرة جداً، وكأنها تفوهت بآلاف الكلمات، وعكست الدهشة والامتنان في الآن معا.
وعبّر فارينا عن قناعته بأن السجن ينبغي ألا يقتصر على كونه مكاناً يمضي فيه المحكوم عقوبته، بل يجب أن يكون بمثابة جسر، ومما لا شك فيه – تابع يقول – أن زيارة الحج اليوبيلي إلى روما هي خير تعبير على ذلك. وأوضح أن الإذن الخاص الذي حصل عليه الرجال الثلاثة لم يكن "جائزة" بل جاء ثمرة عمل جاد ودؤوب ويشكل خطوة إلى الأمام في درب الرسالة الدستورية والمسيحية التي تقودنا كل يوم، ألا وهي أن نقدم للأشخاص الراغبين إمكانية واقعية لتخطي الماضي.