
البابا لاوُن يترأس أمسية صلاة لمناسبة يوبيل الشباب ويجيب على أسئلة لبعض الشبيبة
محرر الأقباط متحدون
٢٩:
٠١
م +03:00 EEST
الأحد ٣ اغسطس ٢٠٢٥
كتب - محرر الاقباط متحدون
ترأس قداسة البابا لاوُن الرابع عشر مساء السبت ٢ آب أغسطس في منطقة تورفيرغاتا في روما أمسية صلاة لمناسبة يوبيل الشباب، وكانت في استقباله أعداد كبيرة من الشباب من جميع أنحاء العالم. وبدأ الأب الأقدس موجها إلى الجميع تحيته التي عودنا عليها، السلام معكم، ثم قال للشباب: بعد أن سرنا وصلينا وتقاسمنا أيام النعمة هذه، أيام اليوبيل المخصص لكم، ها نحن نتجمع اليوم بينما يتقدم نور المساء للصلاة معا. في اليقين بأن المسيح هو دائما جنبنا ويسير معنا فلنتضرع إلى الروح القدس كي، وكما تلميذَي عماوس تتدفأ قلوبنا نحن أيضا بحضوره وكلمته.
هذا وتضمنت أمسية الصلاة حوارا بين قداسة البابا وثلاثة شبان وشابات حيث أعربوا عما في قلوبهم وفي قلوب أترابهم من رجاء وشكوك وتساؤلات. وأجاب الأب الأقدس أولا على سؤال لفتاة من المكسيم حول كيف يمكن، وفي زمن تطبعه الاتصالات وخاصة وسائل التواصل الاجتماعية وحيث يبدو هناك تواصل كبير ولكن ليست هذه علاقات حقيقية ودائمة، العثور على صداقة حقيقية ومحبة صادقة يقودان إلى رجاء حقيقي، كما وسألت كيف يمكن للإيمان أن يساعدنا على بناء مستقبلنا.
وفي إجابته توقف البابا لاوُن الرابع عشر عند كون العلاقات أمرا لا غنى عنه لكل واحد منا، فجميعا أبناء لأشخاص ما، أي أن حياتنا تبدأ برباط. وأضاف أننا ننمو من خلال الروابط وأن هناك في هذه النسيرة دورا أساسيا للثقافة حيث هي ما يمكن اعتبارها الشفرة التي نفهم من خلالها أنفسنا ونقرأ بها العالم. وكما القواميس فإن في أي ثقافة هناك الكلمات النبيلة وتلك الدارجة، القيم والأخطاء والتي علنيا أن نتعلمها وان نتعرف عليها. وحين نبحث عن الحقيقة بشغف، واصل البابا، فإننا لا فقط نتلقى الثقافة بل ونحولها من خلال ما نتخذ من قرارات حياتية.
وفي سياق حديثه عن الروابط قال الأب الأقدس إن انترنت وشبكات التواصل الاجتماعي قد أصبحت فرصة استثنائية للحوار واللقاء والتبادل بين الأشخاص وأيضا للحصول على المعلومات والمعرفة، إبا أن هذه الأدوات تصبح غير واضحة حين يهيمن عليها المنطق التجاري والمصالح التي تكسر علاقاتنا. وذكَّر الأب الأقدس هنا بحديث البابا فرنسيس عن أن آليات الاتصالات والدعاية وشبكات التواصل الاجتماعي يمكن في بعض الأحيان أن تُستخدم لجعلنا كائنات منوَّمة ومدمنين للاستهلاك. وسلط البابا لاوُن الرابع عشر هنا الضوء على ما توجد اليوم من خوارزميات تخبرنا ما علينا أن نرى وأن نفكر ومَن يجب ان يكونوا أصدقاءنا، وهكذا فإن علاقاتنا تصبح مشوَّشة ويطبعها القلق في بعض الأحيان. فعندما تهيمن الأداة على الإنسان يصبح الإنسان أداة، أداة للسوق، ويتحول أيضا إلى سلعة.
ثم ذكر البابا لاوُن الرابع عشر بأن القديس أغسطينوس كان قد مر بمرحلة شباب عاصفة لكنه لم يستسلم ولم يُسكت صوت قلبه بل بحث عن الحقيقة التي لا تُخَيِّب والجمال الذي لا يزول. وكيف عثر على الصداقة الحقيقية، قال البابا مذكرا بسؤال الشابة، وعلى المحبة القادرة على منح الرجاء؟ بلقاء مَن كان يبحث عنه، يسوع المسيح، أجاب الأب الأقدس. أما عن كيفية بناء المستقبل فقد قام بهذا باتّباع يسوع، صديقه منذ الأزل. وذكر البابا بكلمات القديس أغسطينوس أنه ليست هناك صداقة حقيقية إن لم تكن في المسيح، وتابع الأب الأقدس أن الصداقة مع المسيح، والتي هي في أساس إيماننا، لا فقط تساعدنا في بناء المستقبل بل هي نجمنا القطبي. وشدد على أن صداقاتنا وحين تعكس هذا الرباط مع يسوع فإنها تصبح صادقة وسخية وحقيقية. وهكذا دعا قداسته الشباب إلى أن يحبوا بعضهم بعضا في المسيح وإلى أن يروا يسوع في الآخرين، وتابع أن الصداقة يمكنها أن تغير العالم، هي درب السلام.
ثم أجاب قداسة البابا على سؤال لشابة إيطالية حول كيفية العثور على الشجاعة للاختيار واتخاذ القرارات. وتوقف قداسته عن كون اتخاذ القرارات فعلا بشريا أساسيا ولكن إن دققنا في الأمر فسندرك أننا لا نختار فقط شيئا ما بل شخصا ما، أي أننا نختار مَن نريد أن نصبح. وأضاف الأب الأقدس أن اتخاذ القرارات يتم تعلمه من اختبارات الحياة وفي المقام الأول بتذكر أننا قد تم اختيارنا، فقد نلنا الحياة مجانا بدون اختيار منا، ولم يكن أصلنا قرار لنا بل كان محبة حصلنا عليها. وتابع قداسته أن مَن يؤكد كونه صديقا بالفعل هو مَن يساعدنا على التعرف على هذه النعمة وتجديدها فيما علينا أن نتخذ من اختيارات.
وواصل البابا لاوُن الرابع عشر مشيرا إلى حديث الشابة التي طرحت السؤال عن أن الاختيار يعني التخلي عن شيء ما وأن هذا يعيقنا في بعض الأحيان، وقال إن هذا صحيح وأكد أنه وكي نكون أحرارا فعلينا الانطلاق من الصخرة التي تسند خطواتنا والتي هي محبة تسبقنا وتفاجئنا وتتجاوزنا بشكل لا نهائي، محبة الله.
شجاعة الاختيار تأتي بالتالي من محبة الله التي أظهرها في المسيح الذي بذل ذاته بالكامل مخَلصا العالم كاشفا أن هبة الذات هي الطريق لتحقيق الذات.
ثم عاد الأب الأقدس إلة كلمات البابا يوحنا بولس الثاني، في هذا المكان تحديدا خمسة وعشرين عاما مضت، حين قال للشباب إن يسوع هو مَن تبحثون عنه حين تحلمون بالسعادة، وهو مَن ينتظركم حين لا يرضيكم شيء مما تجدون، هو الجمال الذي يجذبكم بقوة وهو مَن يدفعكم إلى نزع الأقنعة التي تجعل الحياة زائفة. وتابع البابا لاوُن الرابع عشر أننا وفي الاختيارات الجذرية مثل الزواج أو الكهنوت والتكرس نجد تعبيرا عن هبة الذات ونجد السعادة. فلنتعلم أن نهب أنفسنا، قال الأب الأقدس، أن نهب حياتنا للآخرين.
هذا وأراد قداسة البابا التذكير خلال إجابته على هذا السؤال بفتاتين اختارتا المجيء إلى روما للمشاركة في يوبيل الشباب توفيتا هذه الأيام، وهما ماريا من إسبانيا وباسكال من مصر. ودعا البابا إلى الصلاة من أجلهما ومن أجل عائلتيهما، كما ودعا إلى الصلاة من أجل شاب إسباني نُقل إلى مستشفى الطفل يسوع في روما.
ثم جاءت إجابة قداسة البابا على السؤال الثالث والأخير وهو لشاب من الولايات المتحدة حول كيف يمكننا بالفعل أنى نلتقي الرب القائم في حياتنا وأن نكون واثقين في حضوره حتى وسط الاختبارات وعدم اليقين. وعاد الأب الأقدس في إجابته إلى ما ذكر البابا فرنسيس في الوثيقة التي دعا فيها إلى يوبيل الرجاء بعنوان "الرجاء لا يُخَيِّب" حين كتب أن في قلب كل إنسان رجاء هو رغبة وانتظار للخير. وتابع البابا لاوُن الرابع عشر أن كلمة القلب في الكتاب المقدس تشير إلى أعمق كيان الإنسان ما يشمل أيضا الضمير. وأضاف أن فهمنا لما هو خير يعكس كيف تشكلت ضمائرنا من قبل الأشخاص في حياتنا، أي من أحسنوا إلينا وأصغوا إلينا بمحبة وساعدونا، فقد ساعد هؤلاء على أن نكبر في الخير وأن تتشكل ضمائرنا كي تتطلع إلى الخير في الاختيارات اليومية.
ثم قال قداسة البابا للشباب إن يسوع هو الصديق الذي يرافقنا دائما في تشكيل ضمائرنا، وإن أردتَ بصدق أن تلتقي بالرب القائم استمع إلى كلمته التي هي إنجيل الخلاص، وتأمل في أسلوب حياتك واسعَ إلى العدالة من أجل بناء عالم أكثر إنسانية، اخدم الفقير وكن شاهدا للخير الذي نريد دائما أن نتلقاه من القريبين منا. كما ودعا البابا إلى الاتحاد مع المسيح في الإفخارستيا وعبادة القربان الأقدس ينبوع الحياة الأبدية، أدرس واعمل وأَحب على مثال يسوع، المعلم الصالح الذي يسير دائما إلى جانبنا.
وواصل البابا لاوُن الرابع عشر داعيا إلى أن نسأل الرب بينما نتطلع إلى ما هو خير: أمكث معنا يا رب، أمكث معنا لأننا بدونك لا يمكننا أن نفعل الخير الذي نتمناه، أنت تريد خيرنا، أنت خيرنا، قال قداسة البابا وتابع، مَن يلتقونك يريدون أن يلتقيك الآخرين أيضا لأن كلمتك نور يبرق أكثر من أي نجم ويضيء حتى أحلك الليالي. وذكَّر قداسة البابا بتكرار البابا بندكتس السادس عشر القول إن مَن يؤمن لا يكون أبدا وحيدا. وأضاف الأب الأقدس أننا نلتقي المسيح في الكنيسة، أي في شركة مع مَن يبحثون عنه بصدق. وقال البابا لاوُن الرابع عشر للشباب: كم يحتاج العالم إلى مرسلي الإنجيل وإلى شهود العدالة والسلام، وكم يحتاج المستقبل إلى رجال ونساء هم شهود للرجاء، وأضاف: هذا هو الواجب الذي يوكله الرب القائم إلى كل واحد منا.
الكلمات المتعلقة