
الاحتفال بيوبيل الشبيبة الإيطالية في الفاتيكان.. عظة الكاردينال زوبي ورسالة البطريرك بيتسابالا
محرر الأقباط متحدون
الجمعة ١ اغسطس ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
عشرات آلاف الشبان والشابات الإيطاليين غصت بهم الساحة الفاتيكانية عند الساعة السابعة من مساء الخميس للمشاركة في يوبيل الشبيبة الإيطالية. ترأس الاحتفال رئيس مجلس أساقفة إيطاليا الكاردينال زوبي الذي شدد على ضرورة أن تُجرد القلوب والأيادي من السلاح في عالم مطبوع بالعنف. وقد استمع الحاضرون إلى رسالة فيديو لبطريرك القدس للاتين الكاردينال بيتسابالا الذي لفت إلى أن عملية صنع السلام ما تزال ممكنة، مشيداً بما يقوم به العديد من الأشخاص الذين يرفضون الاستسلام للشر وسط هذا البحر من انعدام الثقة والحقد.
يوبيل الشبيبة الإيطالية جرى تحت عنوان "أنت بطرس"، وتخللته لوحات موسيقية وقراءات بيبلية وشهاداتُ إيمان، وشاء من خلاله المنظمون أن يعيش الشبان والشابات الإيطاليون هذا الحدث متّحدين كعائلة واحدة، وقد طلب منهم الكاردينال زوبي أن يشعروا بمعانقة الكنيسة لهم والتي تنظر بفرح وثقة وتعاطف إلى النضارة والعفوية اللتين تميزان حياتهم. وقال نيافته إن فكره يتوجه إلى البابا فرنسيس، مشيرا إلى أن البابا الراحل ينظر إلى هؤلاء الشبان من السماء ويباركهم.
في العظة التي ألقاها للمناسبة – وبعد أن عُرضت على المشاركين رسالة الفيديو التي بعث بها البطريرك بيتسابالا – أكد رئيس مجلس أساقفة إيطاليا أن البشرية مدعوة اليوم إلى وضع حد للحرب وإلا وضعت الحرب حداً للبشرية. وأشار إلى أن فكره يتجه أيضا نحو الأشخاص الذين يصنّعون الأسلحة ليقتلوا الآخرين، وليقضوا على مقومات الحياة، بما في ذلك المستشفيات.
وقال نيافته إن الكنيسة تقف اليوم عند أقدام الصليب، وتغمر الدموع عينيها، وقلبُها جريح نتيجة الآلام التي تصيب البشرية كلها. ولفت زوبي إلى العديد من الحروب والصراعات التي تُخاض اليوم حول العالم، والتي لا جدوى منها، وقال "يكفينا أن نزور مدافن الحروب"، مذكرا بالنداء الشهير الذي أطلقه البابا لاون الرابع عشر في أعقاب انتخابه عندما دعا إلى العمل من أجل سلام منزوع السلاح وينزع السلاح. وأضاف زوبي: دعونا نجرد قلوبنا من السلاح كي نتمكن بدورنا من تجريد القلوب والأيادي من السلاح، ومن مداواة الجراح والحيلولة دون نشوب صراعات جديدة.
بعدها قال نيافته إن عالمنا اليوم يقبل المواجهة والانقسامات كأمر طبيعي، وهو عالم فقد رشده، ولم يعد يخاف من القوة الهائلة المدمرة للأسلحة النووية، معبرا عن قلقه حيال منطق التسلط الذي يبدو اليوم أمراً طبيعياً. وقال زوبي إنه يود أن يتبنى النداء الذي وجهه بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا إلى الشبيبة داعياً إلى العمل من أجل السلام، والدفاع عن الحياة البشرية في جميع مراحلها، منذ اللحظة الأولى لتكوينها وحتى موتها الطبيعي، لافتا إلى أن هذا المنطق ينبغي أن يُطبق على جميع الأشخاص، بدون أي تمييز، لأنه مرتبط بكرامة الكائن البشري. وقال إن هذا المفهوم يكتسب أهمية كبرى في عالم اليوم المطبوع بالحروب والمواجهات ومشاعر الانتقام.
تابع رئيس مجلس أساقفة إيطاليا عظته متمنياً أن تصبح الجماعات كافة بيوتاً للسلام، وأشار إلى أن الجماعات – حتى لو كانت صغيرة عددياً – تكون عظيمة إذا ما كانت متواضعة، وحرةً إذا ما عاشت المحبة وعمل أفرادها من أجل بعضهم البعض. وقال إن الجماعات الصغيرة تكون عظيمة إذا ما وُجد الرب بداخلها، وتستطيع بالتالي أن تفعل أموراً عظيمة. وشجع الشبان والشابات الحاضرين في الساحة الفاتيكانية على إعلان إيمانهم – بشكل فردي أو جماعي – كي يعضدوا بعضهم بعضاً ويرتكزوا إلى الصداقة والأخوّة. وشدد على ضرورة أن نحب بعضنا بعضاً لأن المحبة تشفي، وتصلح كل الأشياء، أكثر مما يمكن أن نتصور.
في رسالة الفيديو التي وجهها إلى المشاركين في يوبيل الشبيبة الإيطالية توقف البطريرك بيتسابالا عند الأوضاع في الأرض المقدسة ولفت إلى المأساة الراهنة اليوم – والتي يصعب تصورها – بسبب النقص في الغذاء والدواء، وقال إن الجوع ليس "نظرية". وأضاف غبطته أن سكان الأرض المقدسة يعيشون اليوم ليلاً لا يعرف نهاية، وثمة حاجة إلى نظرة الإيمان، مشيرا إلى أن الألم موجود ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، لكن علينا أن نحمل التعزية والسلوان وسط هذا الألم. ولفت إلى وجود العديد من الأشخاص في المنطقة الذين يشعّون بنورهم، وهذا يصح بالنسبة لقطاع غزة، كما في كل الأرض المقدسة بما في ذلك إسرائيل، حيث الوقوف إلى جانب سكان غزة يولّد غالباً سوء الفهم. ولفت إلى وجود العديد من الرجال والنساء الذين رفضوا الاستسلام إلى هذا الواقع المرير المطبوع بانعدام الثقة والحقد، وهم يراهنون على العمل معاً وعلى التعاون.
وأوضح البطريرك بيتسابالا في هذا السياق أن هناك شبكة من رجال الدين والمتطوعين المنتمين إلى كل الديانات، الذين يشكلون علامة جلية لهذا اليوبيل، إنهم بمثابة منارة علينا أن نوجه أنظارنا نحوها كي نستعد لمرحلة إعادة إعمار ما هُدم، وترميم النسيج الاجتماعي الممزق. وقال بطريرك القدس للاتين: إننا ككنيسة موجودون على الأرض، وسط الصعوبات الكثيرة وسوء الفهم، إننا موجودون من خلال الحوار والنقاش، وعلينا أن نحمل للآخرين – على غرار الرسل الأوائل، لاسيما القديس بطرس – كلمة ولغةً تبني وتفتح آفاقاً جديدة، وتخلق فرصاً لاستعادة الثقة.
في ختام رسالة الفيديو إلى الشبان الإيطاليين قال بطريرك القدس للاتين: السلام ما يزال ممكناً لكن لا بد أن نريده ونبحث عنه.