الأقباط متحدون - مفاهيم إيمانيّة: الحُرِّيّة التي يقدّمها المسيح
  • ٢٠:٠٦
  • الاربعاء , ٢٣ يوليو ٢٠٢٥
English version

مفاهيم إيمانيّة: الحُرِّيّة التي يقدّمها المسيح

القمص يوحنا نصيف

مساحة رأي

٠٢: ٠٢ م +03:00 EEST

الاربعاء ٢٣ يوليو ٢٠٢٥

القمص يوحنا نصيف
    + هذه هي الحُرِّيَّة الحقيقية.. كما أكّد السيِّد المسيح: "إن حرّركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو8: 36).

    + هي ليست مجرّد حرّيّة من القيود على الجسد، أو حرّيّة سياسيّة في التعبير عن الرأي أو اختيار اتّجاهات معيّنة، بل هي حريّة الروح من تسلُّط الأهواء والشرّ.. فكما أوضح الربّ يسوع أنّ الشرور عندما تتسلّط على الإنسان تستعبده، عندما قال: "الحق أقول لكم أنّ من يصنع الخطيّة هو عبد للخطيّة" (يو8: 34).

    + من هنا نفهم أنّ الحريّة ليست مجرّد وضع خارجي، ولكنّها حالة داخليّة؛ يتمتّع بها الإنسان الذي قام مع المسيح وغلب الخطيّة.. قام من ظلمة القبر إلى الحياة والنور.. قام من قاع الشهوات النتنة، وتحرّر من النظرات الشريرة، والأطماع المادّيّة، والكراهية، وعبودية الذات المُتكبِّرة.. فتذوّق طعم الحُرِّيَّة الحقيقية!

    + لقد جاءت قيامة المسيح لتحرّرنا، كما قيل أنّ الله الآب "أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" (أف2: 6)، وهذه الحُرِّيَّة أخذناها في المعمودية عندما دُفِنّا معه وقُمنا معه (كو2).. هذه هي حرية مجد أولاد الله (رو8)، وهي التي يطالبنا الرسول بولس أن نثبت فيها: "اثبتوا إذًا في الحرية التي حرّرنا المسيح بها، ولا ترتبكوا أيضًا بنير عبودية" (غل5: 1)، ولكنّه في نفس الوقت يؤكِّد علينا "لا تُصيِّروا الحرية فرصة للجسد، بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضًا" (غل5: 13)؛ هكذا نُدرِك أنّه لا يليق بأبناء القيامة أن يعودوا إلى القبور، ويدفنوا أنفسهم في العبودية مرّة أخرى!

    + الحقيقة أنّ الحرّيّة هي ثمرة التوبة؛ فكلّما عاش الإنسان حياة توبة صادقة كلّما تمتّع بالحرّيّة.. والتوبة تتقوّى بالصلاة المستمرّة، التي فيها يأخُذ الإنسان قوّة لغلبة الخطيّة، على حدّ تعبير القدّيس بولس الرسول: "الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ" (غل5: 24).. وهنا يظهر لنا الارتباط الوثيق بين الصليب والحرّيّة؛ فعندما نطلب قوّة الصليب لحياتنا نتحرّر من كلّ رباطات الخطيّة، وكلّما تلامسنا مع محبّة المسيح المصلوب زادت قوّة حبّنا له، فنتحرّر من الارتباط بأيّ محبّة غريبة ضارّة!

    + يوضح لنا السيد المسيح أيضًا حقيقةً هامّة، وهي أنّ معرفة الحقّ تُحَرِّر الإنسان، فهو قال: "تعرفون الحقَّ والحقُّ يحرِّركم" (يو8: 32) فالذي تَسكُن فيه كلمة الحقّ، ويضبط سلوكه على الحقّ الإنجيلي يتحرّر من عبودية الشهوات وروابط العادات السيّئة والأهواء المنحرفة!

    + أمّا معرفة الحق فهي التلامس مع شخص المسيح، واختبار حضوره الدائم في الحياة من خلال الصلاة.. وهي أيضًا سُكنى كلمة المسيح بغِنى في داخل القلب (كو3: 16).. فعندما يستنير القلب بنور الوصيّة، يَتَحرّر من كلّ أعمال الظلمة إن كانت فِكرًا أو قولاً أو فِعلاً أو اتّجاهًا!

    + معرفة الحق مصدرها الاتّصال بالمسيح الذي هو الطريق والحقّ والحياة، والثبات بقوّة فيه عن طريق حفظ كلامه والشبع الدائم به يوميًا.. وهكذا يتحقّق قوله فينا: "إن ثبتّم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي، وتعرفون الحقّ والحقّ يُحِّرركم" (يو8: 31).

القمص يوحنا نصيف
يوليو 2025م

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع