
المسيحيون في غزة: نور وسط الظلمة... وشهادة للمسيح بالصلاة والمغفرة
محرر الأقباط متحدون
الاثنين ٢١ يوليو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
اختتم الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، زيارته الراعوية إلى رعية العائلة المقدسة في غزة يوم أمس، ٢٠ تموز/يوليو، بعد أن كانت قد تعرّضت لهجوم من الجيش الإسرائيلي في ١٧ من الشهر ذاته، ما أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى ونحو عشرة جرحى، اثنان منهم في حالة حرجة. يروي لوكالة "سير" تفاصيل هذه الزيارة الأب غابرييل رومانيلي، وهو مرسل أرجنتيني من معهد الكلمة المتجسد.
"أعبّر عن ألمي العميق جراء الهجوم الذي شنّه الجيش الإسرائيلي ضد رعية العائلة المقدسة الكاثوليكية في مدينة غزة... هذا الفعل، للأسف، يضاف إلى سلسلة الهجمات العسكرية المستمرة ضد السكان المدنيين وأماكن العبادة في غزة. أكرر ندائي من أجل وقف هذه الهمجية فوراً، والتوصل إلى حل سلمي للنزاع... إلى مسيحيينا الأحباء في الشرق الأوسط أقول: أنا قريب من شعوركم بالعجز أمام هذا الواقع المأساوي. أنتم في قلب البابا وقلب الكنيسة كلها. شكرًا لشهادة إيمانكم". بهذه الكلمات، عبّر البابا لاوُن الرابع عشر أمس، من كاستل غاندولفو، خلال تلاوته صلاة التبشير الملائكي، عن قربه من رعية العائلة المقدسة في غزة التي استقبلت يوم الجمعة زيارة تضامن من بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيتسابالا، ومن البطريرك الأرثوذكسي ثيوفيلوس الثالث.
وقد تأثّر الجميع، بحسب ما أفاد به الأب رومانيلي لـوكالة الأنباء الكاثوليكية "سير"، بـ"الذكر المؤثر الذي قام به البابا لأسماء الضحايا الثلاثة: سعد عيسى قسطندي سلامة، فومية عيسى لطيف عياد، نجوى إبراهيم لطيف أبو داوود". وكان الأب رومانيلي نفسه من بين الجرحى في الهجوم. وقد استمرّت زيارة الكاردينال بيتسابالا حتى يوم أمس، حيث عاد بعدها إلى القدس بعد أن التقى بالجماعة المسيحية المحلية وصلّى معهم. ويضيف الأب رومانيلي: "كانت زيارته بلسماً لرعيتنا المجروحة". وأثناء احتفاله بالقداس صباح أمس في الكنيسة، التي لا تزال قابلة للاستخدام رغم تضرر الواجهة الزجاجية والجدار قرب الصليب، عبّر البطريرك عن تشجيعه للمؤمنين قائلاً: "لقد رأيت الحياة في وجوهكم رغم الدمار من حولكم". ثم ختم عظته بكلمات مؤثرة: "إنَّ زيارتنا هذه تعبّر عن محبة الكنيسة جمعاء لكم. في كل مرة أزوركم، أتلقى منكم أكثر مما أستطيع أن أقدمه، وأعود إلى بيتي أغنى مما كنت. اثبتوا في يسوع. العالم كله ينظر إليكم. كونوا نورًا ليس فقط لغزة، بل للعالم أجمع". وفي ختام زيارة الكاردينال بيتسابالا وبعد ثلاثة أيام من الهجوم الإسرائيلي، أجرت وكالة "سير" مقابلة مع الأب غابرييل رومانيلي.
في جوابه على السؤال حول ما هي الأوضاع اليوم في الرعيّة بعد الهجوم قال الأب غابرييل رومانيلي إنَّ الحياة مشلولة، والوضع خطير جدًا. إلى جانب واقع الموت المأساوي – ولاسيما للعديد من الأطفال – الذي نعيشه منذ بداية الحرب، هناك صبرٌ استثنائي لدى الناس هنا. رغم كل الألم، يهبّ الكثيرون لخدمة الآخرين، وهذا أمر مؤثِّر جدًّا. ثم جاءت زيارة البطريركين التي كانت مصدر عزاء كبير. لقد مثَّلا جميع كنائس العالم، كما قال البطريرك خلال القداس، وكانت علامة قرب ملموسة.
تابع الأب غابرييل رومانيلي مجيبًا على السؤال حول إن كان البابا لاوُن الرابع عشر قد تواصل معهم وقال نعم، لقد اتصل بنا. اتصل بالبطريرك وحاول التواصل معنا أيضاً. في تلك اللحظة لم يكن لديَّ شبكة اتصال فلم أتمكن من الرد، لكنه تحدث لاحقًا مع الأب كارلوس والأب يوسف. لقد عبّر لنا البابا عن قربه وقلقه وصلاته من أجلنا. حدث ذلك صباح الجمعة، وكان بمثابة تعزية كبيرة لنا.
أضاف الأب غابرييل رومانيلي مجيبًا على السؤال حول كيف تتحرك الكنيسة لمساعدة السكان وقال تحاول بكل وسيلة إيصال المساعدات. لكن الغالبية العظمى من الناس لا يملكون شيئًا: لا طعام ولا ماء. على سبيل المثال، درجات الحرارة هذه الأيام تصل إلى ٤٢ درجة. الناس مرهقون ويائسون، والقصف مستمر. وفي وسط كل هذا الظلام، تحاول الكنيسة أن توصل شيئًا، لكن للأسف لم ننجح حتى الآن. نأمل أن ننجح في الأيام المقبلة، ولكن الوضع خطير للغاية.
تابع الأب غابرييل رومانيلي مجيبًا على السؤال حول كيف يعيشون هذا الزمن الصعب كجماعة مسيحية وقال نواصل الشهادة للمسيح بحضورنا وصلاتنا ومساعدة بعضنا البعض ومساعدة الجيران. لقد صلينا أمس من أجل جميع ضحايا الحرب بدون تمييز، ومن أجل حرية الأسرى، ومن أجل إطلاق سراح الرهائن. نحن نريد السلام، ولكن أول ما يجب فعله هو وقف هذه الحرب فورًا.
أضاف الأب غابرييل رومانيلي مجيبًا على السؤال حول ما يقوله عن زيارة الكاردينال بيتسابالا وقال لقد قام بالكثير. زار كنيستنا، والكنيسة الأرثوذكسية، والمستشفى، برفقة البطريرك الأرثوذكسي. أحد أكثر اللحظات تأثُّرًا كانت عندما قبّل أحد الجرحى، وهو لا يزال في المستشفى، صليب البطريرك الصدري. هو من بين أخطر الحالات: لقد أصيب بثقب في الرئة نتيجة القصف. لقد زارا أيضًا العيادة الصحية التابعة لكاريتاس، التي تم تجديدها مؤخرًا، ومركز القديس توما الأكويني حيث رأيا الأضرار، ومدرسة راهبات الوردية في حي تل الهوا جنوب مدينة غزة. لقد رأى البطريرك الدمار العام. وقد أمضى معنا يوم الأحد في الصلاة: عبادة القربان، وصلاة مسيحة الوردية، والقداس.
تابع الأب غابرييل رومانيلي مجيبًا على السؤال حول إن كان البطريرك كما قيل أحضر معه أطنانًا من المساعدات وقال لا. يجب توضيح هذه النقطة. لم يُحضِر أي مساعدات مادية. دخل بأغراضه الشخصية فقط. ولكنّه حمل بركة الكنيسة وتعزيتها.
أضاف الأب غابرييل رومانيلي مجيبًا على السؤال حول إن كانوا يتوقعون هجومًا بهذا الشكل المباشر وقال أبدًا. لقد كانت مفاجأة تامة. لم نكن نتوقعه. منذ ١٧ يومًا كانت هناك عمليات عسكرية في حيّنا، وكنا نحاول أن يبقى الجميع في الداخل، لكن لا يمكن البقاء في مكان واحد ١٧ يومًا بدون حتى مرحاض. كان لا بد من الخروج أحيانًا، ولكن بسرعة. ورغم ذلك، أُصيب حتى الذين كانوا يحتمون تحت السقف: أنا نفسي، والأب يوسف، نائب كاهن الرعية، والطالب سهيل أبو داوود. لقد طال الهجوم جزء الواجهة الذي يعلو فيه صليب ارتفاعه نحو مترين. وقد تسببت الشظايا المعدنية والركام المتساقط من الأعلى بوقوع ضحايا وجرحى. لحسن الحظ، بقي داخل الكنيسة سليمًا، باستثناء الزجاج الذي تحطم.
وختم الأب غابرييل رومانيلي حديثه لـوكالة الأنباء الكاثوليكية "سير"، مجيبًا على السؤال حول ما سيفعلونه الآن كرعية وقال سنواصل الصلاة، ومساعدة الأكثر ضعفًا، والعمل من أجل السلام، وطلب الغفران من الرب لجميع المسؤولين عن هذه الحرب.