الأقباط متحدون - البابا لاوُن في اليوم العالمي للمسنين: طوبى لمن لم يَخِب رجاؤه
  • ٢٣:٤٤
  • الخميس , ١٠ يوليو ٢٠٢٥
English version

البابا لاوُن في اليوم العالمي للمسنين: "طوبى لمن لم يَخِب رجاؤه"

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٥٩: ٠٣ م +03:00 EEST

الخميس ١٠ يوليو ٢٠٢٥

البابا لاوُن
البابا لاوُن

محرر الأقباط متحدون
"طوبى لمن لم يَخِب رجاؤه"، هذا هو الموضوع الذي اختير لرسالة البابا لاوُن الرابع عشر لمناسبة اليوم العالمي الخامس للأجداد والمسنين الذي سيُحتفل به في ٢٧ تموز يوليو ٢٠٢٥ والتي نُشرت اليوم العاشر من الشهر.

نُشرت اليوم ١٠ تموز يوليو ٢٠٢٥ رسالة قداسة البابا لاوُن الرابع عشر لمناسبة اليوم العالمي الخامس للأجداد والمسنين الذي سيُحتفل به في ٢٧ تموز يوليو وموضوعه "طوبى لمن لم يَخِب رجاؤه" (راجع يشوع بن سيراخ ١٤، ٢). وتحدث الأب الأقدس في بداية الرسالة عن أن اليوبيل الذي نعيشه حاليا يساعدنا على اكتشاف كون الرجاء ينبوع فرح دائما وفي أي سن، وحين تصقله نار حياة طويلة فإنه يصبح ينبوع سعادة كاملة. ثم أشار البابا إلى أن الكتاب المقدس يحدثنا عن حالات كثيرة لرجال ونساء تّقدَّم بهم العمر أشركهم الرب في مخططاته الخلاصية. وأعطى مثلا إبراهيم وسارة وتحدث عن اندهاشهما أمام كلمات الله الذي وعدهم نسلا، وأضاف الأب الأقدس أن استحالة أن ينجبا بدا وكأنها قد حجبت نظرة للمستقبل يطبعها الرجاء.

ثم تحدث الأب الأقدس عن رد فعل شبيه لزكريا على البشارة بإنجاب يوحنا المعمدان حيث قال: "بِمَ أَعرِفُ هذا وأَنا شَيخٌ كَبير، وَامرَأَتي طاعِنَةٌ في السِّنّ". وتابع البابا لاوُن الرابع عشر أن الشيخوخة والعقم والتدهور تبدو كأنها تطفئ رجاء هؤلاء الرجال والنساء في حياة خصبة. وعاد قداسته هنا إلى السؤال الذي وجهه نيقوديمُس إلى المعلم الذي حدثه عن ميلاد جديد: "كَيفَ يُمكِنُ الإِنسانَ أَن يُولَدَ وهوَ شَيخٌ كَبير؟ أَيَستَطيعُ أَن يَعودَ إِلى بَطنِ أُمِّهِ ويُولَد؟" (يو ٣، ٤). إلا أن الرب دائما وأمام أسئلة تبدو بديهية يفاجئ محاوريه بفعل خلاصي.

توقف قداسة البابا بعد ذلك عند كون المسنين علامات رجاء، وذكَّر بأن الله في الكتاب المقدس يُظهر عنايته من خلال أشخاص مسنين، وهو ما ينطبق وإلى جانب إبراهيم وسارة وزكريا وأليصابات على موسى أيضا والذي دُعي إلى أن يحرر شعبه وهو في الثمانين من العمر. وبهذه الاختيارات يُعَلمنا الله أن الشيخوخة في عينيه هي زمن بركة ونعمة وأن المسنين هم بالنسبة له شهود الرجاء الأوائل. وذكَّر البابا لاوُن الرابع عشر هنا بما كتب القديس أغسطينوس حول زمن الشيخوخة كزمن تضعف فيه قوى الأشخاص لتظل فيهم قوة الله. وأضاف الأب الأقدس أن تزايد أعداد المسنين اليوم يصبح بالنسبة لنا من وجهة النظر هذه علامة أزمنة تدعونا إلى التمييز كي نقرا جيدا التاريخ الذي نعيشه.

ومن بين ما يسلط عليه قداسة البابا الضوء في الرسالة أن حياة الكنيسة والعالم تُفهم فقط في تتابع الأجيال، وأضاف أن معانقة شخص مسن تساعدنا على أن نفهم أن التاريخ لا ينتهي في الحاضر ولا يُستهلك ما بين لقاءات سريعة وعلاقات مجزأة بل يتوجه نحو المستقبل. وذكَّر قداسة البابا هنا بما جاء في سفر التكوين من حدث مؤثر حسبما ذكر، ألا وهو مباركة يعقوب الشيخ لحفيديه ابنَي يوسف حيث تحثهما كلماته على النظر إلى المستقبل برجاء كما في زمن وعود الله (ر اجع تك ٤٨، ٨-٢٠). وتابع البابا لاوُن الرابع عشر أنه وإن كان صحيحا أن ضعف المسنين يتطلب قوة الشباب، فمن الصحيح أيضا أن عدم خبرة الشباب تحتاج إلى شهادة المسنين من أجل التخطيط للمستقبل بحكمة. وأشار البابا هنا إلى أن الأجداد غالبا ما يكونون لنا أمثلة على الإيمان والتعبد والفضائل المدنية والالتزام الاجتماعي، الذاكرة والمثابرة في الصعاب.

نقطة أخرى تطرق إليها الأب الأقدس في رسالته هي علامات الرجاء بالنسبة للمسنين، وتحدث هنا عن اليوبيل باعتباره منذ الأصول زمن تحرر، ما بين تحرر العبيد والإعفاء من الديون وإعادة الأراضي إلى أصحابها الأصليين. كانت اليوبيلات أزمنة استعادة للنظام الاجتماعي الذي أراده الله. وكتب قداسة البابا أن يسوع قد جدد أفعال التحرر هذه حين أعلن في المجمع في الناصرة البشرى السارة للفقراء وعودة البصر للعميان وتخلية السبيل للمأسورين والإفراج عن المظلومين (راجع لو ٤، ١٦-٢١). وشدد البابا لاوُن الرابع عشر في هذا السياق على أننا حين ننظر إلى المسنين من منظور اليوبيل نصبح مدعوين إلى أن نعيش معهم التحرر، وخاصة من الوحدة والهجر. وأضاف أن أمانة الله لوعوده تُعَلمنا أن هناك سعادة في الشيخوخة، فرحا إنجيليا حقيقيا يطالبنا بأن نهدم جدران اللامبالاة التي غالبا ما يُحبس خلفها المسنون.

وتابع قداسة البابا مشيرا إلى أن مجتمعاتنا غالبا ما تُعَودنا على أن يبقى جزء بمثل هذه الأهمية وهذا الثراء من مكوناتها على الهامش ومنسيا. وأمام هذا الوضع هناك حاجة إلى تغير يشهد لتحمُّل المسؤولية من قِبل الكنيسة بكاملها. وأضاف أن كل رعية وكل جمعية وكل مجموعة كنسية هي مدعوة إلى أن تكون الطرف الفاعل فيما وصفه قداسته بثورة الامتنان والعناية، وذلك من خلال زيارات دورية للمسنين والتأسيس لهم ومعهم لشبكات دعم وصلاة ونسج علاقات يمكنها ان تمنح الرجاء والكرامة لمن يشعر بنفسه منسيا. وأكد البابا أن الرجاء المسيحي يحثنا دائما على جرأة أكبر والتفكير في أشياء كبيرة وعدم الاكتفاء بالوضع القائم، ويحثنا فيما يتعلق بالمسنين على تغيير يعيد إلى المسنين التقدير والمحبة. ولهذا أراد البابا فرنسيس أن يتم الاحتفال باليوم العالمي للأجداد والمسنين في المقام الأول بلقاء مَن هم بمفردهم، وللسبب ذاته تَقرر أن مَن لا يتمكنون من المجيء إلى روما في حج في هذه السنة اليوبيلية يمكنهم أن ينالوا غفرانا يوبيليا كاملا في حال قيامهم بزيارات لوقت مناسب للمسنين الذين يعيشون في وحدة.

خصص الأب الأقدس بعد ذلك جزءً من الرسالة للحديث عن كون الرجاء ممكنا بالنسبة للمسنين، وعاد هنا إلى ما جاء في سفر يشوع بن سيراخ "طوبى لمن لم يَخِب رجاؤه"، وهو موضوع رسالة هذا العام لمناسبة اليوم العالمي للأجداد والمسنين. وكتب البابا أن هذه الكلمات تشير إلى أنه يمكن أن تكون في حياتنا، خاصة وإن كانت طويلة، لحظات كثيرة نوجه فيها النظر إلى الوراء لا إلى المستقبل. ولكن، وكما كتب البابا فرنسيس خلال فترة علاجه الأخيرة في المستشفى: "جسدنا ضعيف، ولكن حتى في هذه الحالة، لا يمكن لأي شيء أن يمنعنا من أن نحب، ونصلي، ونبذل ذاتنا، ونكون بعضنا لبعض، في الإيمان، علامات رجاء مضيئة". وتابع البابا لاوُن الرابع عشر أن لدينا حرية لا يمكن لأي مصاعب أن تسلبنا إياها، حرية المحبة والصلاة، يمكننا جميعا، دائما، أن نحب وأن نصلي، أضاف قداسته.

وواصل الأب الأقدس أن محبتنا للأشخاص القريبين مثل الأزواد والزوجات، الأبناء والأحفاد الذين يجعلون أيامنا بهيجة، لا تنطفئ مع تراجع قوتنا بل على العكس، فغالبا ما تكون مشاعرهم ما يوقظ طاقاتنا مانحة إيانا الرجاء والعزاء، كتب قداسته. ثم شدد البابا لاوُن الرابع عشر في ختام الرسالة على أن علامات حيوية المحبة هذه، والتي تعود بجذورها إلى الله ذاته، تهبنا الشجاعة وتُذَكرنا وكما كتب بولس الرسول في رسالته الثانية إلى أهل قورنتس بأنه "إِذا كانَ الإِنسانُ الظَّاهِرُ فينا يَخرَب، فالإِنسانُ الباطِنُ يَتَجدَّدُ يَومًا بَعدَ يَوم" ٢قور ٤، ١٦). شدد قداسة البابا بالتالي على ضرورة المثابرة واثقين في الرب وخاصة مع التقدم في العمر. ودعا بالتالي إلى أن نتجدد يوميا بلقاء الرب في الصلاة وفي القداس، وإلى أن ننقل بمحبة في العائلة وفي لقاءاتنا اليومية الإيمان الذي عشناه لسنوات كثيرة. وواصل داعيا إلى تسبيح الله دائما على رضاه، وإلى أن ننمي الوحدة مع أحبائنا ونوسع قلوبنا لتشمل من هم بعيدون عنا وخاصة مَن يعيشون في عوز. وختم قداسة البابا أننا هكذا سنصبح علامات رجاء، في كل سن.