الأقباط متحدون - “عندما تُلعن مدرسة لأنها رفضت الغش: يا مسيحية يا وسخة!”
  • ٠٥:٣٣
  • السبت , ٥ يوليو ٢٠٢٥
English version

“عندما تُلعن مدرسة لأنها رفضت الغش: يا مسيحية يا وسخة!”

شريف منصور

مع رئيس التحرير

٤٨: ٠٥ م +03:00 EEST

السبت ٥ يوليو ٢٠٢٥

شريف منصور
شريف منصور

شريف منصور
في إحدى لجان الثانوية العامة في القاهرة، وقعت حادثة تكشف حجم الانهيار الأخلاقي الذي يعيشه المجتمع المصري. مدرسة رفضت التواطؤ مع الغش، وأصرّت على أداء واجبها المهني بشرف، فما كان من بعض أولياء الأمور إلا أن شتموها بأقذر الألفاظ، لمجرد أنها منعت أبناءهم من الغش! ولأنها مسيحية، كان السب الجاهز:

“يا مسيحية يا وسخة!”
وكأن الأمانة أصبحت تهمة، والمسيحية سببًا للسخرية، بينما الغش أصبح حقًا مكتسبًا!

لم يكتفوا بالسب، بل حاولوا الاعتداء الجسدي عليها، ولولا تدخل فرد أمن، لربما تعرضت لإصابات جسيمة. الأدهى من ذلك، أن من قاموا بالاعتداء يرتدون مظاهر التدين؛ منقبات ومحجبات، يرفعون شعار الدين في مظهرهم، بينما يدوسون على قيمه الحقيقية: الصدق، والأمانة، والعدل، واحترام الآخر.

هل يعقل أن يصبح الغش، هذا الفعل الدنيء، يصبح حقًا مكتسب ومشروع ؟ بل ويُدافع عنه الأهالي، ويشترون لأبنائهم سماعات أذن متطورة ليمارسوا الغش بأساليب تكنولوجية؟!

ما يحدث في لجان الامتحانات ليس مجرد ظاهرة تربوية، بل مؤشر خطير على انهيار المنظومة الأخلاقية في مصر. هؤلاء الطلبة، الذين يتعلمون أن الغش حق، سيكونون بعد سنوات مهندسين، أطباء، محامين، قضاة، ضباط شرطة، رجال دين، إعلاميين، تجار، وحتى وزراء ونواب برلمان. فماذا ننتظر من بلد يُربى فيه جيل على السرقة المقننة باسم “الغش”؟

إننا لا نتحدث عن خطر قادم فقط… بل عن خطر مقيم بيننا بالفعل.
هؤلاء الغشاشون أصبحوا في مواقع المسؤولية الآن، يوقّعون القرارات، ويحكمون بين الناس، ويُطبّقون القوانين، ويُفترض أنهم القدوة. فما بالك بما هو قادم؟ القادم سيكون ألعن وأخطر، لأن الجيل الجديد يتعلم أن الغش حق مشروع، وأن الشرفاء هم الغرباء.

الانحدار الأخلاقي الذي يعيشه المجتمع هو السبب الحقيقي للفقر، وليس فقط الظروف الاقتصادية أو السياسية. كيف يُصلح الله حال بلد يُهان فيه الشرفاء، ويُكرَّم فيه الغشاشون؟ بلد يرى فيه الناس التدين مجرد زيّ خارجي، ويعتبر فيه الصدق ضعفًا، والخيانة “شطارة”.

نعم، نحن أمام كارثة حقيقية:
شعب متدين بطبعه… لكنه فقد أخلاق التدين.