الأقباط متحدون - كنائس الجنوب العالمي تطلق نداءً بيئيًا حاسمًا قبيل COP30: لا عدالة مناخية دون ارتداد إيكولوجي وتحول اقتصادي جذري
  • ٠٨:١٠
  • الاربعاء , ٢ يوليو ٢٠٢٥
English version

كنائس الجنوب العالمي تطلق نداءً بيئيًا حاسمًا قبيل COP30: لا عدالة مناخية دون ارتداد إيكولوجي وتحول اقتصادي جذري

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٤٧: ٠٣ م +03:00 EEST

الاربعاء ٢ يوليو ٢٠٢٥

محرر الأقباط متحدون
في ضوء انعقاد مؤتمر الأطراف COP30 في تشرين الثاني نوفمبر المقبل بالبرازيل، قدّمت كنائس إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي وثيقة بعنوان: "نداء من أجل العدالة المناخية والبيت المشترك: ارتداد إيكولوجي، تحوّل ومقاومة للحلول الزائفة". تدعو الوثيقة إلى "تشجيع ارتداد إيكولوجي حقيقي وتغيير النماذج السائدة في رأسمالية اليوم"، وتوجّه انتقادات حادة أيضًا للاقتصاد "الأخضر".

تم تقديم الوثيقة صباح الثلاثاء في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، وقد أعدّها كلٌّ من اتحاد مجالس أساقفة إفريقيا ومدغشقر (SECAM)، اتحاد مجالس أساقفة آسيا (FABC)، مجلس أساقفة أمريكا اللاتينية (CELAM)، وذلك بتنسيق من اللجنة البابوية لأمريكا اللاتينية  (PCAL)وقد شارك في اللقاء، الذي أدارته نائب مديرة دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، كريستياني موراي، كل من الأمينة العامة للجنة البابوية لأمريكا اللاتينية، إيميلسي كودا، الكاردينال خايمي سبينغلر، رئيس أساقفة بورتو أليغري (البرازيل)، رئيس مجلس أساقفة أمريكا اللاتينية ومجلس الأساقفة الوطني في البرازيل (CNBB)، الكاردينال فيليبي نيري فيراو، رئيس أساقفة غوا وداماو (الهند)، ورئيس اتحاد مجالس أساقفة آسيا (FABC)، والكاردينال فريدولين أمبونغو بيسونغو، رئيس أساقفة كينشاسا (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، ورئيس مجلس أساقفة إفريقيا ومدغشقر (SECAM).

تشدد الوثيقة على أن الأزمة المناخية "ليست مجرد مسألة تقنية"، بل هي "واقع ملحّ، ومسألة وجودية تتعلق بالعدالة والكرامة والعناية بالبيت المشترك". ومن أجل مواجهة هذه الأزمة، تدعو الوثيقة إلى "رفض الحلول الزائفة مثل الرأسمالية الخضراء، والتقنية المفرطة، وتسليع الطبيعة، والنزعة الاستخراجية"، والتي "تُبقي على الاستغلال والظلم". وتقترح عوضًا عن ذلك "ارتدادًا إيكولوجيًا عميقًا"، وتحولًا هيكليًا يعيد الإنسان إلى المحور في علاقته بالخليقة، ويتطلب بالضرورة تغييرًا حقيقيًا في النموذج الاقتصادي، من خلال "استبدال منطق الربح غير المحدود بالإيكولوجيا المتكاملة".

نداء مشترك من كنائس جنوب العالم، كما أوضح المتحدثون، يندرج في إطار التحضير لمؤتمر الأطراف القادم COP30، المقرر عقده في مدينة بيليم بالبرازيل من ١٠ وحتى ٢١ تشرين الثاني نوفمبر ٢٠٢٥، بهدف المطالبة بـ "الإنصاف والعدالة والحماية" دفاعًا عن الشعوب الأصلية، والأنظمة البيئية، والمجتمعات المُفقَرة، والأشخاص الأكثر ضعفًا مثل الشباب والنساء والمسنين. ويستمدّ هذا النداء إلهامه من الرسالة العامة "Laudato si" للبابا فرنسيس، ومن دعوة البابا لاوُن الرابع عشر إلى مواجهة "الجراح التي سبّبها الحقد والعنف والأحكام المسبقة، والخوف من الاختلاف، والنموذج الاقتصادي الذي يستنزف موارد الأرض ويُهمّش الفقراء".

وقد قدّم معدّو الوثيقة النص إلى البابا قبل اللقاء الإعلامي، موضحين الالتزامات التي يمكن أن تضطلع بها الكنيسة، ومنها: الدفاع عن الأشدَّ ضعفًا في القرارات المتعلقة بالمناخ والطبيعة، تعزيز أنظمة تقوم على التضامن و"البساطة السعيدة" ومبادئ الحكمة المتجذّرة في التقاليد، تقوية تحالف عبر القارات بين دول جنوب العالم، تأسيس مرصد خاص "لـلعدالة المناخية" لمتابعة نتائج مؤتمرات الأطراف. كما يؤكِّد التقرير على أهمية التربية، باعتبارها أداة حاسمة لمواجهة "الموقف المنكِر واللامبالي الذي تتّخذه شرائح المجتمع الفاحشة الثراء، أي ما يُعرف بالنخب المتسلطة"، حسب ما يرد في الوثيقة، مستندة إلى الإرشاد الرسولي Laudate Deum للبابا فرنسيس. ويخاطب التقرير كذلك جميع الفاعلين على الساحة العالمية بمجموعة من المطالب المحددة: احترام اتفاقيات باريس، ووضع الخير العام فوق الربح، تحويل النظام الاقتصادي ليصبح أكثر استدامة لكوكب الأرض، تعزيز حقوق الإنسان.

قالت إيميلسي كودا: "نسعى لبلوغ قلوب المؤمنين وغير المؤمنين على حد سواء". وتسعى كنائس جنوب العالم الخاصة إلى "بناء جسور فيما بينها كعلامة على الكاثوليكية"، وكذلك جسور مع من هم خارج الكنيسة. وهكذا تصبح الوثيقة "تعبيرًا ملموسًا عن القدرة على تجاوز الانقسامات والأيديولوجيات"، لأنّه "إمّا أن نتّحد أو نغرق".

إنّ الرسالة واضحة: لا عدالة مناخية من دون ارتداد إيكولوجي، ولا ارتداد من دون مقاومة للحلول الزائفة، قال الكاردينال خايمي سبينغلر. ومن بين هذه "الحلول الزائفة": تسليع الطبيعة وتحويلها إلى أدوات مالية، الرأسمالية الخضراء، التعدين المفرط، والزراعات الأحادية للطاقة، التي تُضحي بالجماعات والأنظمة البيئية. وأضاف الكاردينال سبينغلر مُندّدًا: "هناك مصالح اقتصادية تختبئ خلف هذه الحلول المضلّلة: فهل لا يزال من الممكن أن تتحوّل مسألة المناخ إلى مكسب لأقلية؟". إنّ الارتداد الإيكولوجي له ثمن: "إما أن نتحلّى بشجاعة اتخاذ قرارات حاسمة، أو نُعرّض مستقبل الأجيال القادمة للخطر. إنّ الإلهام، بحسب الوثيقة، قد ينبع من انتقال عادل وجماعي، يُعطي دورًا محوريًا للشباب والنساء. لكن لتحقيق ذلك فعليًا — إلى جانب: الدفاع عن سيادة الشعوب الأصلية والجماعات التقليدية على أراضيها، القضاء على الوقود الأحفوري (وقد تمّ تجاوز الحدّ الأقصى المسموح به لارتفاع درجات الحرارة عند ١.٥ درجة مئوية خلال الفترة الزمنيّة بين ٢٠١٥-٢٠٢٤)، تعزيز آليات التضامن، واحترام الثقافات المحلية — لا بدّ من تغيير جذري في النموذج الاقتصادي.

وتؤكّد الوثيقة: "على الدول الغنيّة أن تعترف وتتحمّل مسؤوليتها عن دَينها الاجتماعي والإيكولوجي، بصفتها الفاعل التاريخي الأساسي في استخراج الموارد الطبيعية وانبعاث الغازات الدفيئة". ويُطلب منها أيضًا: الالتزام بتمويل مناخي يمكن الوصول إليه وفعّال لا يؤدي إلى تراكم ديون إضافية، العمل من أجل تحالف أخلاقي وعادل مع دول جنوب العالم، إنشاء آليات حوكمة مناخية بمشاركة فاعلة من الجماعات المحلية، اعتماد سياسات لتقليص الطلب والاستهلاك، السعي إلى أهداف للنمو العكسي، والانتقال نحو نماذج اقتصادية أكثر دائرية وتضامنًا وتجديدًا.

وفي هذا السياق، "تُعدّ أفريقيا مثالًا بارزًا"، كما أشار الكاردينال فريدولين أمبونغو بيسونغو. "إنها أرض غنية جُرّدت من خيراتها عبر قرون من الاستغلال والاستخراج المفرط. واليوم، القارة التي تُلوّث أقل من غيرها، تدفع الثمن الأغلى للتلوّث العالمي. ولذا، من التناقض استخدام أرباح استخراج النفط لتمويل الانتقال البيئي". فيما أوضح الكاردينال فيليبي نيري فيراو أن آليات التعويض تُعدّ أساسية، لكنها لا تزال غير كافية، مؤكدًا على ضرورة أن "تتحمّل الدول المتقدمة ديْنها الإيكولوجي، والذي من المتوقع أن يبلغ ١٩٢ تريليون دولار بحلول عام ٢٠٥٠". لذلك، فإن مؤتمر Cop30 في البرازيل يُمثّل نداءً تاريخيًا، ويأتي في لحظة حاسمة للبشرية التي تعاني أيضًا من ويلات الحروب. وختم مقدّمو الوثيقة قائلين: "نريد ألا يكون هذا المؤتمر مجرّد حدث آخر، بل نقطة تحوّل أخلاقية".