الأقباط متحدون - البابا لاوُن: معًا، سنجعل الكرامة تتغلب على كل إدمان يُهين الإنسان
  • ٠٨:٥٢
  • الخميس , ٢٦ يونيو ٢٠٢٥
English version

البابا لاوُن: معًا، سنجعل الكرامة تتغلب على كل إدمان يُهين الإنسان

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

١٣: ٠٢ م +03:00 EEST

الخميس ٢٦ يونيو ٢٠٢٥

البابا لاوُن
البابا لاوُن

محرر الأقباط متحدون
"لنواصل المسير معًا، مضاعفين أماكن الشفاء، واللقاء، والتربية: مسارات رعوية وسياسات اجتماعية تبدأ من الشارع، ولا تعتبر أحدًا ضائعًا أبدًا" هذا ما قاله قداسة البابا لاوُن الرابع عشر في كلمته للمشاركين في اليوم الدولي لمكافحة المخدرات

استقبل قداسة البابا لاوُن الرابع عشر صباح اليوم الخميس في الفاتيكان المشاركين في اليوم الدولي لمكافحة المخدرات وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أشكر جميع الذين جعلوا ممكنًا هذا اللقاء، الذي يقودنا بطرق عديدة إلى قلب اليوبيل، سنة النعمة التي يتمُّ الاعتراف فيها للجميع بالكرامة، التي كثيرًا ما تم الانتقاص منها أو إنكارها. إنَّ كلمة رجاء هي كلمة غنيّة بالتاريخ بالنسبة لكم، فهي ليست شعارًا، بل نورًا تم استعادته من خلال جهد عظيم. أرغب إذًا في أن أكرر لكم تلك التحية التي تغيّر القلوب: السلام معكم! في مساء الفصح، حيّا يسوع التلاميذ المنغلقين على أنفسهم في العلية بتلك الكلمات. كانوا قد تركوه، وظنوا أنهم فقدوه إلى الأبد، وكانوا خائفين ومُحبطين، وبعضهم كان قد رحل. ومع ذلك، فإن يسوع هو الذي عثر عليهم من جديد، أتى باحثًا عنهم مرة أخرى. دخل فيما كانت الأبواب المغلقة حيث كانوا كأنهم مدفونون أحياء. حمل السلام، وأعاد خلقهم بالمغفرة، ونفخ فيهم: أي أفاض عليهم الروح القدس، نفس الله فينا. عندما ينقص الهواء، عندما يغيب الأفق، تذبل كرامتنا. فلا ننسَينَّ أن يسوع القائم من الموت لا يزال يأتي، ويحمل إلينا نفسه! وغالبًا ما يفعل ذلك من خلال أشخاص يتجاوزون أبوابنا المغلقة، ويرون، رغم كل ما حدث، الكرامة التي نسيناها أو التي تم إنكارها لنا.

تابع الأب الأقدس يقول أيها الأعزاء، إن حضوركم هنا هو شهادة على الحرية. أتذكّر أن البابا فرنسيس، حينما كان يدخل أحد السجون، حتى في آخر خميس مقدّس له، كان دائمًا يطرح هذا السؤال: "لماذا هم وليس أنا؟". المخدرات والإدمان هما سجن غير مرئي، وأنتم قد عرفتموه وحاربتموه بطرق مختلفة، لكننا جميعًا مدعوون إلى الحرية. حين ألتقي بكم، أفكّر في هوّة قلبي وكلِّ قلب بشري. أحد المزامير – أي الكتاب المقدس – يسمّي السر الذي يسكننا "هوّة". والقديس أوغسطينوس قد اعترف بأن قلبه المضطرب لم يجد السلام إلا في المسيح. نحن نبحث عن السلام والفرح، نحن عطاش لهما. وفي هذه المسيرة قد نُخدع كثيرًا، بل وقد نقع في أسر الخداع. لكن لننظر من حولنا. ولنقرأ في وجوه بعضنا البعض كلمة لا تخون أبدًا: معًا. إنَّ الشر يُغلب معًا، والفرح يُكتشف معًا، والظلم يُحارَب معًا. إن الله الذي خلق كل واحد ويعرفه – وهو أقرب إليّ من ذاتي – قد خلقنا لكي نكون معًا. صحيح أن هناك أيضًا علاقات تؤلم، ومجموعات بشرية تفتقر إلى الحرية. لكن حتى هذه لا يمكن التغلب عليها إلا معًا، بثقة في ذلك الذي لا يربح من ألمنا، والذي يمكننا أن نلتقي به باهتمام وبدون مصلحة.

أضاف الحبر الأعظم يقول إن هذا اليوم، أيها الإخوة والأخوات، يلزمنا بمعركة لا يمكن التخلي عنها طالما أن هناك من حولنا من لا يزال سجينًا في أشكال متعددة من الإدمان. معركتنا هي ضد الذين يجعلون من المخدرات وجميع أشكال الإدمان – لنفكّر في الكحول أو القمار – تجارة هائلة. هناك تكتلات ضخمة من المصالح ومنظمات إجرامية متشعبة على الدول أن تتحمل مسؤولية تفكيكها. من الأسهل محاربة ضحاياهم. غالبًا ما شُنّت حرب على الفقراء باسم الأمن، وامتلأت السجون بالذين ليسوا سوى الحلقة الأخيرة في سلسلة الموت. أما من يمسك السلسلة بيده، فغالبًا ما يتمتع بالنفوذ والإفلات من العقاب. لا يجب أن تتخلص مدننا من المهمشين، بل من التهميش؛ ولا يجب أن تتخلص من اليائسين، بل من اليأس. "كم هي جميلة المدن التي تتغلب على عدم الثقة غير السليم وتدمج المختلفين، وتجعل من هذا الدمج عاملاً جديداً للتنمية! كم هي جميلة المدن التي، حتى في تصميمها المعماري، هي مليئة بالفسحات التي تربط وتدخل في علاقة وتعزز الاعتراف بالآخر!".

تابع الأب الأقدس يقول يدلّنا اليوبيل على ثقافة اللقاء كدرب نحو الأمان، ويطلب منا إعادة وتوزيع الثروات المكتسبة بشكل غير عادل، كسبيل للمصالحة الشخصية والمدنية. "كما في السماء كذلك على الأرض": إنَّ مدينة الله تلزمنا بالنبوءة في مدينة البشر. ونعلم أن هذا – حتى اليوم – يمكنه أن يؤدي إلى الاستشهاد. إنَّ محاربة تهريب المخدرات، والعمل التربوي في أوساط الفقراء، والدفاع عن الجماعات الأصلية والمهاجرين، والأمانة للعقيدة الاجتماعية للكنيسة، جميع هذه الأمور تعتبر في كثير من الأماكن أعمالًا تخريبية.

أضاف الحبر الأعظم يقول أيها الشباب الأعزاء، أنتم لستم متفرجين على التجديد الذي تحتاج إليه أرضنا بشدة: أنتم روّاد. إنَّ الله يصنع أمورًا عظيمة مع الذين يحررهم من الشر. يقول أحد المزامير، الذي أحبه المسيحيون الأوائل كثيرًا: "الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار حجر الزاوية". إنَّ يسوع قد رُفض وصُلب خارج أبواب مدينته. وعلى هذا الحجر، حجر الزاوية أعاد الله بناء العالم، وأنتم أيضًا حجارة ثمينة في بناء إنسانية جديدة. إذا شعرتم من قبل أنكم مُهمَّشون ومُنتهون، فأنتم اليوم لستم كذلك، لأنَّ أخطاؤكم وآلامكم، ولاسيما رغبتكم في الحياة، يجعلونكم شهودًا على أن التغيير ممكن.

وختم البابا لاوُن الرابع عشر كلمته بالقول إنَّ الكنيسة بحاجة إليكم، الإنسانية بحاجة إليكم، والتربية والسياسة بحاجة إليكم. معًا، سنجعل الكرامة اللامتناهية المطبوعة في كل إنسان تتغلب على كل إدمان يُهين الإنسان. هذه الكرامة، للأسف، تلمع أحيانًا فقط عندما تكون على وشك الضياع. حينها يحدث انتفاض داخلي، ويتضح أن النهوض هو مسألة حياة أو موت. واليوم، يحتاج المجتمع بأسره إلى هذه الانتفاضة، ويحتاج إلى شهادتكم، وإلى العمل العظيم الذي تقومون به. فنحن جميعًا مدعوون لكي نكون أحرارًا أكثر، وإنسانيين، مدعوين للسلام. وهذه هي الدعوة الأسمى، الدعوة الإلهية. لنواصل المسير معًا، إذًا، مضاعفين أماكن الشفاء، واللقاء، والتربية: مسارات رعوية وسياسات اجتماعية تبدأ من الشارع، ولا تعتبر أحدًا ضائعًا أبدًا. وصلّوا أنتم أيضًا، لكي تكون خدمتي في خدمة رجاء الأشخاص والشعوب، في خدمة الجميع. أوكلكم إلى العناية الوالديّة للعذراء مريم الكلية القداسة. وأبارككم من كل قلبي.