الأقباط متحدون - البابا لاوُن الرابع عشر: حرية الصحافة هي خير عام لا يمكن التخلّي عنه
  • ٢٣:٥٦
  • السبت , ٢١ يونيو ٢٠٢٥
English version

البابا لاوُن الرابع عشر: حرية الصحافة هي خير عام لا يمكن التخلّي عنه

الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٤٦: ٠٦ م +03:00 EEST

السبت ٢١ يونيو ٢٠٢٥

محرر الأقباط متحدون
"ولكل الصحفيين في البيرو أجرؤ أن أقول، بمودة راعوية: لا تخافوا. بعملكم يمكنكم أن تكونوا صانعي سلام، ووحدة، وحوار اجتماعي. كونوا زارعي نور وسط الظلال" هذا ما كتبه البابا لاوُن الرابع عشر في الرسالة التي وجّهها البابا بمناسبة العرض المسرحي "Proyecto Ugaz".

في رسالة مؤثرة ومليئة بالشجاعة والرجاء، عبّر قداسة البابا لاوُن الرابع عشر عن دعمه العميق لمسرحية "Proyecto Ugaz"، التي عُرضت في البيرو، واعتبرها أكثر من مجرد عمل فني، بل "فعل ذاكرة وعدالة" يسلّط الضوء على معاناة ضحايا جماعة "سوداليسيو" المنحلّة، ويمنح صوتًا ووجهًا لألم طال إسكاته. وفي هذه الرسالة التي وجّهها البابا بمناسبة العرض المسرحي، وجّه نداءً حازمًا ضد كلّ أشكال الإساءة: الجنسية، أو إساءة استخدام السلطة، أو إساءة الضمير. كما شدد على أنّ الوقاية والرعاية ليستا مجرد استراتيجية رعوية، بل هما في صميم رسالة الإنجيل. وجاء العرض مخصصًا للصحفية البيروفية باولا أوغاز، المعروفة بتحقيقها الجريء حول هذه الجماعة الكنسية والتي تعرّضت، بسبب عملها، لحملة اضطهاد قضائية وإعلامية.

كتب البابا لاوُن الرابع عشر بكل احترام واعتراف عميق، وبعد مرور ما يزيد قليلاً عن شهر على بداية حبريتي، وإنما بامتنان حوالي أربعين عامًا منذ أول رسالة عشتها في البيرو، أنضمّ إلى عرض مسرحية "Proyecto Ugaz"، التي تُعطي صوتًا ووجهًا لألم تمَّ إسكاته طويلاً أكثر من اللازم. هذه المسرحية ليست مجرد عمل مسرحي: إنها ذاكرة، وصرخة، وقبل كل شيء، هي فعل عدالة. فمن خلالها، يضيء ضحايا الجماعة الروحية المنحلّة "سوداليسيو" والصحفيون الذين رافقوهم — بشجاعة وصبر ووفاء للحقيقة — وجه الكنيسة الجريح وإنما المفعم بالرجاء.

تابع الأب الأقدس يقول إنَّ كفاحكم من أجل العدالة هو أيضًا كفاح الكنيسة. لأنه كما كتبتُ لسنوات خلت: "إنَّ الإيمان الذي لا يلمس جراح الجسد والروح البشرية هو إيمان لم يتعرّف بعد على الإنجيل". واليوم، نحن نعترف بهذه الجراح في وجوه كثير من الأطفال والشباب والبالغين الذين خُذِلوا في أماكن لجأوا إليها طلبًا للتعزية؛ وكذلك في الذين خاطروا بحريّتهم وسمعتهم لكي لا تُدفن الحقيقة. أودّ أن أعبّر عن امتناني لكل من ثابر في هذه القضية، حتى عندما تم تجاهلهم، أو التشكيك فيهم، أو حتى ملاحقتهم قضائيًا. وكما قال البابا فرنسيس في رسالته إلى شعب الله في آب أغسطس ٢٠١٨: "إنَّ ألم الضحايا وعائلاتهم هو أيضًا ألمنا، ومن ثم من المُلحِّ أن نعيد التأكيد على التزامنا بضمان حماية القاصرين والبالغين الضعفاء". وفي الرسالة عينها، دعا سلفي، الذي تحدث عن الفرق المحفّز بين الجريمة والفساد، الجميع إلى توبة كنسية عميقة. وهذه التوبة ليست مجرد خطاب بل مسار ملموس من التواضع والحقيقة والتعويض.

أضاف الحبر الأعظم يقول إنَّ الوقاية والرعاية ليستا مجرد استراتيجية رعوية: بل هما في صميم الإنجيل. ومن الملحّ أن نرسّخ في الكنيسة كلها ثقافة وقاية لا تتسامح مع أي شكل من أشكال الإساءة — لا في السلطة ولا في الضمير، لا الروحي منها ولا الجنسي. ولن تكون هذه الثقافة حقيقية إلا إذا وُلدت من يقظة فعّالة، ومن عمليات شفافة، ومن إصغاء صادق إلى الجرحى. ولهذا نحتاج إلى الصحفيين. واليوم أودّ أن أشكر بشكل خاص باولا أوغاز على شجاعتها في التوجه يوم ١٠ تشرين الثاني نوفمبر ٢٠٢٢ إلى البابا فرنسيس لطلب الحماية من الهجمات الجائرة التي كانت تتعرض لها هي وثلاثة صحفيين آخرين: بيدرو ساليناس، دانييل يوفيرا، وباتريسيا لاتشيرا، بسبب فضحهم الانتهاكات التي ارتكبتها جماعة كنسية نشأت في البيرو وتوسعت في بلدان عدة. ومن بين العديد من الضحايا، كان هناك أيضًا ضحايا لانتهاكات اقتصادية، من سكان كاتاكوس وكاستيا، الأمر الذي جعل ما تم كشفه أكثر فظاعة.

تابع الأب الأقدس يقول منذ بداية حبريتي، حين كان لي شرف مخاطبة الصحفيين لأول مرة بعد انتهاء الكونكلاف، شددت على أن "الحقيقة ليست ملكًا لأحد، لكنها مسؤولية الجميع بأن يبحثوا عنها، ويصونها، ويخدمونها". لم يكن ذلك اللقاء مجرد تحية بروتوكولية، بل تأكيدًا على الرسالة المقدسة للذين، من خلال عملهم الصحفي، يصبحون جسورًا بين الوقائع وضمير الشعوب — حتى وسط صعوبات كبيرة. واليوم، أرفع صوتي مجددًا، بقلق ورجاء، وأنا أنظر إلى شعبي الحبيب في البيرو. في زمن التوترات المؤسساتية والاجتماعية العميقة، إن الدفاع عن صحافة حرّة وأخلاقية ليس مجرد عمل عدالة، بل هو واجب على كل من يتوق إلى ديمقراطية قوية وتشاركية.

أضاف الحبر الأعظم يقول إنَّ ثقافة اللقاء لا تُبنى بخطابات فارغة ولا بسرديات مزيّفة، بل بأحداث تُروى بموضوعية ودقة واحترام وشجاعة. لذا، نحثّ سلطات البيرو، والمجتمع المدني، وكل مواطن، على حماية الذين، من الإذاعات الجماعيّة إلى وسائل الإعلام الكبرى، ومن المناطق الريفية إلى العاصمة، يُخبرون الناس بالحق والشجاعة. فعندما يتمُّ إسكات صحافي، تُضعَف روح الديمقراطية في بلدٍ ما. إنَّ حرية الصحافة هي خير عام لا يمكن التخلّي عنه. والذي يمارس هذه الدعوة بضمير حيّ، لا يجب أن تخنق صوته المصالح الضيقة أو الخوف من الحقيقة. ولكل الصحفيين في البيرو أجرؤ أن أقول، بمودة راعوية: لا تخافوا. بعملكم يمكنكم أن تكونوا صانعي سلام، ووحدة، وحوار اجتماعي. كونوا زارعي نور وسط الظلال.

وختم البابا لاوُن الرابع عشر رسالته بالقول لذلك، أرجو أن تكون هذه المسرحية عمل ذاكرة، وإنما أيضًا علامة نبوية. فتوقظ القلوب، وتحرك الضمائر، وتساعدنا على بناء كنيسة لا يضطر فيها أحد بعد الآن إلى المعاناة في صمت، وحيث لا يُنظر فيها إلى الحقيقة كتهديد، وإنما كمسيرة للتحرر.