
الأب إبراهيم فلتس: من الخوف إلى الرعب في الأرض المقدسة وسط صمت العالم ومعاناة الأبرياء
محرر الأقباط متحدون
السبت ٢١ يونيو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
كتب نائب حارس الأرض المقدسة، الأب إبراهيم فلتس، مقالاً سلط فيه الضوء على الأوضاع الراهنة في المنطقة وسط التصعيد الأخير وليد تبادل القصف والغارات بين إسرائيل وإيران، موضحا أن القذائف الإيرانية لا توفر المستشفيات في وقت يصمت فيه العالم حيال المأساة المستمرة في قطاع غزة.
استهل الأب فلتس مقاله متوقفاً عند مشاعر الخوف التي سكنت في نفوس أهالي الأرض المقدسة مع بداية الغارات الجوية الإسرائيلية ضد طهران ومناطق إيرانية أخرى، لأسبوع خلا، وسرعان ما تحول هذا الخوف إلى رعب، عندما بدأت رياح الحرب تعصف وعندما بدأت تتسع رقعة النزاع في الشرق الأوسط. وأضاف أنه عشية الاحتفال بعيد القديس أنتونيوس البدواني، شفيع حراسة الأرض المقدسة، اندلعت حرب جديدة في المنطقة. وكان ينبغي أن يُحتفل بالعيد في أجواء من الهدوء والطمأنينة، تُرفع خلالها صلوات الشكر لله على عطية الإيمان والوحدة. لكن ما لبث أن تحول هذا العيد إلى خوفٍ وانعزال وانغلاق.
أضاف فلتس أنه على مدى الأسبوع الماضي انطلقت الصواريخ من إسرائيل ومن إيران حاملة معها الرعب والموت والدمار، خصوصا في الأرض المقدسة، موضحا أن سماء الليل تضيئها الصواريخ، ويتردد دوي الانفجارات في كل مكان. وكتب أن المدن باتت معزولة، والمواقع المقدسة أقفلت أبوابها، وطُلب إلى السكان عدم التجول والمكوث في الملاجئ الآمنة، كما أن الصعوبات تزداد يوماً بعد يوم، إذ بات من الصعب الحصول على الطعام ومواجهة الحالات الطبية الطارئة، هذا ناهيك عن الصدمات النفسية، وكل ذلك يزيد من انعدام الثقة وفقدان الأمل في المستقبل. وأضاف أنه بفضل أدوات الموت هذه، أفسح المجال أمام عمليات الانتقام والأخذ بالثأر، وأمام الحقد والعطش إلى السلطة.
بعدها أكد نائب حارس الأرض المقدسة أن الهجمات لم توفر المرافق التي تخدم فئات المجتمع الضعيفة والمهمشة، موضحا في هذا السياق أن المباني التابعة لرعية القديس أنتونيوس في يافا، بما في ذلك الدير، تعرضت لأضرار جسيمة نتيجة سقوط صاروخ في جوارها. كما أن منازل أبناء الرعية تضررت أيضا، فيما يعيش السكان حالة من الخوف المستمر من تجدد القصف. وذكّر فلتس بأن الصواريخ الإيرانية استهدفت مستشفى في بئر السبع، الذي تعرض لأضرار جسيمة. وقد جُرح في الهجوم عدد من المرضى والممرضين والأطباء والعاملين الصحيين، الذين كرسوا حياتهم لخدمة الآخرين وإنقاذ الأرواح، مضيفا أن هذه المشاهد تعيد إلى الأذهان صور الدمار في قطاع غزة. وباتت المأساة واحدة والاحتياجات أصبحت مماثلة.
هذا ثم قال فلتس إن العالم بات صامتا أمام ما يجري في غزة، خصوصا في أعقاب استهداف مستشفى في خان يونس، لافتا إلى أن انقطاع التيار الكهربائي في المستشفيات يحرم العديد من الأطفال، حديثي الولادة، من فرصة البقاء على قيد الحياة، لاسيما من يولدون قبل الأوان. وأضاف أن مدير المستشفى المذكور تحدث عن هذا الأمر، مشيرا إلى أن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى الحليب ويواجهون خطر الموت نتيجة سوء التغذية. وأكد فلتس أن حقوق الإنسان هي نفسها، ولا يوجد فرق بين الطرفين، وبالتالي لا يمكن أن ينسى العالم معاناة غزة، مضيفا أن من يموتون ومن يتألمون هم المدنيون في المقام الأول، هم أشخاص لا ذنب لهم، إنهم يتمتعون بالحق في الحياة، وفي العيش بكرامة، إنهم أشخاص وضعوا أنفسهم بتصرف الآخرين، وكرسوا حياتهم من أجل الآخرين.
تابع نائب حارس الأرض المقدسة مقاله مشيرا إلى وجود سبع جبهات مشتعلة حاليا في المنطقة وذكّر بأن الرقم "سبعة" في الكتاب المقدس يذكّرنا بأحداث وأوضاع إيجابية، تشير إلى كمال الحضور الإلهي. بيد أن رقم "سبعة" اليوم يدل إلى النتائج السلبية والمدمرة للحروب. وأضاف فلتس أن هذا الرقم يود أن يذكرنا بالمغفرة التي يحدثنا عنها الرب، والتي تُقدم للإنسان على الدوام، في وجه كل الشرور. واعتبر أن الدرب المؤدية إلى السلام يجب أن تنطلق من حياة جديدة للضمائر والقلوب، ومن بداية الغفران المتبادل. وتساءل في الختام ما إذا كان كافياً أن نغفر للآخرين سبع مرات؟ وقال إن الرب يطلب منا أن نغفر سبعين مرة سبع مرات. وهذا الرقم يجب أن يصبح لامتناهياً كي تنعم القلوب بالسلام.