
البابا لاوُن: "البوليفونية" هي شكل موسيقي غنيّ بالمعاني لحياة الإيمان المسيحي
محرر الأقباط متحدون
الخميس ١٩ يونيو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
البابا لاوُن الرابع عشر يلتقي المشاركين في الحدث الذي نظمته مؤسسة "دومينيكو بارتولوتشي" بمناسبة الذكرى المئوية الخامسة لولادة جوفاني بيرلويدجي دا بالسترينا.
استقبل قداسة البابا لاوُن الرابع عشر عصر أمس الأربعاء في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في الحدث الذي نظّمته مؤسسة "دومينيكو بارتولوتشي"، بمناسبة الذكرى المئوية الخامسة لولادة جوفاني بيرلويدجي دا بالسترينا، المؤلف العظيم للموسيقى المقدّسة البوليفونيّة في القرن السادس عشر، والذي شغل منصب مدير مؤسسات موسيقية مرموقة مثل الكابيلا الموسيقية الحبريّة "سيستينا"، والكابيلا "بيا اللاتيرانية"، والكابيلا "ليبيريانا"؛ وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال بفرح أشارك في هذا اللقاء الذي نحتفل فيه، بالكلمة والموسيقى، بالإصدار الطوابعي الجديد الذي أطلقته مؤسسة بارتولوتشي ونفذته هيئة البريد الفاتيكانية بمناسبة الذكرى المئوية الخامسة لولادة جوفاني بيرلويدجي دا بالسترينا.
تابع الأب الأقدس يقول لقد كان جوفاني بيرلويدجي دا بالسترينا، في تاريخ الكنيسة، من أكثر المؤلفين الموسيقيين إسهامًا في الترويج للموسيقى المقدسة، "لمجد الله وقداسة وبنيان المؤمنين"، في سياق حساس ومثير في آنٍ واحد، هو سياق الإصلاح المضاد. وتتميز مؤلفاته، المتسمة بالوقار والجلال، والتي تستلهم من الأناشيد الغريغوريّة، بأنها تجمع بين الموسيقى والليتورجيا بشكل وثيق، "إذ تعبّر عن الصلاة بتعبير أكثر عذوبة وتعزز الوحدة، وتضفي مزيدًا من الجلال على الطقوس المقدسة".
أضاف الحبر الأعظم يقول إن البوليفونية نفسها، هي شكل موسيقي غني بالمعنى، سواء في الصلاة أو في الحياة المسيحية. فهي، أولًا، تستوحي من النص المقدس، وتسعى إلى "إعطائه لحنًا لائقًا" ليصل بشكل أفضل إلى "فهم المؤمنين". كما تحقق هذا الهدف من خلال توزيع الكلمات على عدة أصوات، يكررها كل صوت بطريقته الخاصة والمتميزة، بحركات لحنية وتناغمية متنوعة ومتكاملة.
تابع الأب الأقدس يقول وأخيرًا، تنسّق هذه العناصر كلها بمهارة المؤلف الموسيقي الذي يطوّر ويشبك الألحان، وفق قواعد الكونترابنط، ليجعل منها أصداءً لبعضها البعض، مولّدًا أحيانًا نشازاتٍ يتم حلّها لاحقًا في توافقات جديدة. وإنّ أثر هذا التناسق الديناميكي في التنوع – الذي يشكّل مجازًا لمسيرتنا الإيمانية المشتركة تحت إرشاد الروح القدس – هو مساعدة المستمع على التعمق شيئًا فشيئًا في السرّ التي تعبِّر عنه الكلمات، مع إمكانية الاستجابة، حين يقتضي الأمر، بردّات أو في حوار تبادلي.
أضاف الحبر الأعظم يقول بفضل هذا الغنى في الشكل والمضمون، لا تزال التقاليد البوليفونية الرومانية، إلى جانب ما تركته لنا من إرثٍ هائل في الفن والروحانية، تشكّل حتى اليوم مرجعًا في المجال الموسيقي يُحتذى به – مع ما يلزم من تكييف – في التأليف الموسيقي المقدّس والليتورجي، لكي "يشارك المؤمنون بالكامل وبوعي وفعالية في الليتورجيا"، من خلال مشاركة عميقة بالصوت والعقل والقلب.
تابع الأب الأقدس يقول وتُعدُّ الـ Missa Papae Marcelli، ضمن نوعها، مثالًا بامتياز على ذلك، شأنها شأن التراث القيّم من المؤلفات الموسيقية التي تركها لنا الكاردينال الراحل دومينيكو بارتولوتشي، المؤلف البارز والذي شغل منصب مدير جوقة الكابيلا الموسيقية البابوية "السيستينا" لحوالي خمسين عامًا.
وختم البابا لاوُن الرابع عشر كلمته بالقول لذلك، أتوجّه بالشكر إلى جميع الذين ساهموا في إنجاح هذا اللقاء: مؤسسة بارتولوتشي، المتحدثين، الجوقة، وجميعكم. أذكركم في صلاتي. لقد قال القديس أغسطينوس، متحدّثًا عن ترنيمة هللويا الفصحية: "لنرنّمها إذًا الآن، يا إخوتي […]. كما يفعل المسافرون، رنّم ولكن واصل السير […]. تقدّم، تقدّم في عمل الخير […]. رنّم وسِرْ! لا تخرج عن الطريق، لا تلتفت إلى الوراء، ولا تتوقف!". لنتبنَّ دعوته هذه، لا سيما في هذا الزمن المقدس، زمن اليوبيل. ولكم جميعًا أمنح فيض البركة الرسوليّة.