الأقباط متحدون - نداء من جامعة الغريغوريانا: انتقال عادل وتنمية مستدامة في أميركا اللاتينية
  • ١٤:٥٥
  • الخميس , ١٢ يونيو ٢٠٢٥
English version

نداء من جامعة الغريغوريانا: انتقال عادل وتنمية مستدامة في أميركا اللاتينية

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

١٣: ٠٣ م +03:00 EEST

الخميس ١٢ يونيو ٢٠٢٥

محرر الأقباط متحدون
في ندوةٍ حواريّةٍ أُقيمت في جامعة الغريغوريانا الحبريّة، شدّد الكاردينال سبينغلر، ونائب الوزير خاراميلّو خاسير، على ضرورة تحقيق تنميةٍ مستدامة تضع في مركزها كرامة الإنسان والعناية بالبيت المشترك. وسلّط الحدث الضوء على الحاجة الملحّة لتعزيز تغييرٍ هيكلي في أميركا اللاتينية.

من خلال نداء حاسمٍ يدعو إلى مواجهة الأزمة الاجتماعية والبيئية باعتبارها واقعًا واحدًا معقّدًا يتطلّب حلولاً شاملة، قدّم الكاردينال خايمي سبينغلر، رئيس أميركا اللاتينية'> مجلس أساقفة أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي (CELAM)، يوم الأربعاء ١١ حزيران/يونيو ٢٠٢٥، في روما، محاضرةً مكثّفة خلال الندوة الحواريّة التي حملت عنوان: "انتقالات عادلة: دور الكنيسة في بناء رؤيةٍ أميركية لاتينية لتنمية اجتماعية واقتصادية وبيئية مستدامة." وقد نُظم الحدث بمبادرةٍ من سفارة كولومبيا لدى الكرسي الرسولي، بمناسبة مرور ١٩٠ عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، وعُقد في القاعة الكبرى لجامعة الغريغوريانا الحبريّة، بإدارة إميلسي كودا، الأمينة العامة للجنة الحبريّة لأميركا اللاتينية، وبمشاركة عددٍ من الأكاديميين، منهم ماريا أديلايدا فارة كيخانو، النائبة الأكاديمية لرئيس جامعة خافريانا الحبريّة في كولومبيا، والأب أدلسون أراوجو دوس سانتوس، أستاذ في جامعة الغريغوريانا.

بأسلوبٍ رعوي ونَبَوي، حذّر الكاردينال سبينغلر من أنّ "الزمن الحاضر يبدو كأنه يدلّ على أن العالم الذي يحتضننا يتداعى"، مشيرًا إلى أنّ التغيّرات المتسارعة، والتدهور البيئي والاجتماعي، تظهر في شكل كوارث طبيعيّة وأزمات اجتماعية واقتصادية. وأمام هذا الواقع، دعا الكنيسة في أميركا اللاتينية إلى أن تكون صوت رجاء وصرخة احتجاج. وقال: "على الكنيسة أن تسمح لمجرى التاريخ بأن يُقلقها"، مشددًا على أنها لا تستطيع أن تحلل الواقع أو تقترح حلولاً وهي تدير ظهرها للجماعات الأكثر تضررًا. وذكّر بأن الانتقالات العادلة يجب أن تنطلق من الدفاع عن كرامة الإنسان واحترام البيت المشترك، مستشهدًا بنداء البابا فرنسيس في الرسالتين كن مسبّحًا وسبّحوا الرب. كذلك ندّد الكاردينال بالحلول المناخية الزائفة التي، في إطار منطق السوق، تحوّل الطبيعة إلى سلعة مالية، محذرًا من "تشجير النظام" أو تلوينه باللون الأخضر دون أن يطال التغيير البُنى العميقة. وأضاف: "نحن بحاجة إلى تغييرات هيكلية مُلحّة"، مؤكدًا أن التغيّر المناخي هو "مشكلة اجتماعية عالمية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بكرامة الحياة البشرية."

وتناول الكاردينال سبينغلر كذلك تحدّي الاستخراج المفرط للموارد الطبيعية في أميركا اللاتينية، الذي يُفاقم اللامساواة ويهدّد حياة الجماعات الأشدّ فقرًا. ودعا إلى حماية أراضي الشعوب الأصلية، والزراعة العائلية، ورفض تحويل الطبيعة إلى سلعة مالية، مذكّرًا بأن: "الأنظمة البيئية ليست خدمات تُباع، بل هي أساس الحياة." وفي هذا السياق، عرض الكاردينال سبينغلر خمس مسارات لا بدّ منها من أجل انتقال عادل: العيش المتقشّف كنوع من المقاومة ضد الاستهلاك المفرط، التربية من أجل ارتداد إيكولوجي، تعزيز الجماعات المحليّة، الحوار مع الجماعة العلميّة، وسرديّات الرجاء التي تُظهر تحوّلات حقيقيّة. وقال محذّرًا: "إنَّ الوقت ينفد"، مؤكّدًا أن "جودة حياة الأجيال الجديدة تعتمد على خياراتنا وقراراتنا. وبالتالي فجميعنا مدعوون إلى العناية بالبيت المشترك وزراعته".

من جهتها، عبّرت إميلسي كودا عن امتنانها للدعوة التي وُجهت إلى اللجنة البابوية لأميركا اللاتينية. وأكدت اللاهوتية الأرجنتينية أنّ هذه المبادرة، وإن جاءت في إطار إحياء العلاقات الثنائية، إلا أنّها تشكّل التزامًا حقيقيًا، في خط نداءات البابا فرنسيس والبابا لاوُن الرابع عشر، لتحديد الخطوات المطلوبة نحو انتقال عادل في أميركا اللاتينية، "حيث الحياة معلّقة بخيط رفيع".

بدوره، شدّد نائب وزير الشؤون المتعددة الأطراف في كولومبيا، ماوريسيو خاراميلّو خاسير، على الدور التاريخي للكنيسة في الحياة السياسية الكولومبية، وعلى دعمها الدائم للسلام والمصالحة. وقال: "لقد كانت الكنيسة دومًا حليفة للسلام، باعتباره مسارًا اجتماعيًا يخصّ المجتمع كلّه، وهو يتجاوز البعد الديني المحض". وأشار إلى ثلاث إسهامات كبرى قدّمتها الكنيسة في كولومبيا: دورها الأساسي في خفض حدّة النزاع وحماية حقوق الإنسان، مرافقتها لمسارات الحوار من أجل نزع سلاح الجماعات المسلّحة، وتشجيعها الدائم على الحوار الاجتماعي الشامل والمتعدّد الأصوات، في بلدٍ عانى من العنف. وأكّد خاراميلّو أن التحدّي الرئيسي الذي تواجهه أميركا اللاتينية يكمن في إيجاد توازنٍ بين سدّ الفجوات الاجتماعية وحماية البيئة. وقال: "ليس من السهل الحفاظ على هذا التوازن، وخصوصًا في البلدان التي يغريها النموذج الاستخراجي"، مشيرًا في الوقت عينه إلى أمله "بألا ينسى السياسيّون الفقراء والمهمّشين، وأن ييتمَّ الاعتراف بحقوق الإنسان كحقّ لكلّ كائن بشري بدون استثناء." وختم وزير الشؤون المتعددة الأطراف في كولومبيا بالتشديد على ضرورة مقاومة إغراءات الاستهلاك والنموذج الاقتصادي القائم على الاستخراج، مؤكدًا: "أعتقد أن الناس من القاعدة باتوا يدركون تناقضات نموذجٍ قائم على الاستغلال والتكديس." وأضاف أن التحوّلات يجب أن تبدأ من المواطنين أنفسهم، لا أن ينتظروا حتى تأتيهم من فوق فحسب.

وقد اختُتم الحدث برسالة شكرٍ والتزامٍ مشترك، مع تأكيد الحاجة إلى العمل معًا — الكنيسة، والجامعات، والحكومات، والمجتمعات — من أجل بناء تنمية إنسانية حقيقية، شاملة ومستدامة في القارّة.