الأقباط متحدون - البطريرك ميناسيان: نحن مدعوّون اليوم إلى أن نكون شهودًا أمناء للمسيح
  • ٢٢:١٢
  • الثلاثاء , ١٣ مايو ٢٠٢٥
English version

البطريرك ميناسيان: نحن مدعوّون اليوم إلى أن نكون شهودًا أمناء للمسيح

محرر الأقباط متحدون

مسيحيون حول العالم

٠٣: ٠٥ م +03:00 EEST

الثلاثاء ١٣ مايو ٢٠٢٥

محرر الأقباط متحدون
"إنّ الرجاء يلازمنا طوال المسيرة، يستمدّ قوّته من الإيمان، ويتقوّى بالمحبّة. وعند نهاية الرحلة الأرضية، يدعونا الرجاء لنعود إلى بيت الآب، حاملين ثمار أعمالنا الصالحة وعطايا الحياة، لنُجيب بسخاء على الدعوة التي أوكلها الرب إلينا" هذا ما قاله البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، في عظته مترئسًا القداس الإلهي في بازيليك القديسة مريم الكبرى في روما، بمناسبة يوبيل سنة الرجاء

ترأس البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك، القداس الإلهي، في بازيليك القديسة مريم الكبرى في روما، وذلك بمناسبة يوبيل سنة الرجاء. شاركه في الذبيحة الإلهية نيافة الكردينال كلاوديو جوجيروتي، رئيس دائرة الكنائس الشرقية الكاثوليكية، وأصحاب السيادة آباء السينودس، وجمع من الكهنة والرهبان والراهبات، والإكليريكيين والعلمانيين، إلى جانب عدد من سفراء الدول المعتمدين، وكوكبة من الشمامسة، وحشود غفيرة من المؤمنين. وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى غبطة البطريرك ميناسيان عظة جاء فيها: نحن اليوم مجتمعون في هذه البازيليك المهيبة، تحت ظلّ أمّ الله الحنون، لنحتفل معًا بعطيّة الإيمان وبالإرث الروحي العظيم الذي تركه لنا الحبر الأعظم الراحل، البابا فرنسيس المبارك، وذلك في إطار السنة المقدسة المخصَّصة للرجاء. إنّه الرجاء الذي لا يخيب، الذي يرافقنا في أوقات الفرح كما في زمن المحنة، ويدعونا دوماً إلى اكتشاف عمقه وخلوده المتجدد.

لقد اختار البابا فرنسيس، في رسالته الخاصة بيوبيل سنة ٢٠٢٥، شعارًا غنيًّا بالمعاني: "حجّاج الرجاء". بهذا الشعار، أراد قداسته أن يُوقظ في قلب كل مؤمن رغبة صادقة في إعادة بناء مناخ من الرجاء والثقة، وهما علامتان على ولادة روحية جديدة تشتدّ الحاجة إليهما في عالم اليوم. كما دعا إلى استعادة الشعور العميق بالأخوّة البشرية، مشدّدًا على أنّنا، جميعًا، أبناء عائلة واحدة، مدعوّون للسير معًا على درب المحبّة والرحمة. لقد أدرك البابا فرنسيس بوضوح أنّ مأساة الفقر المنتشر باتت جدارًا فاصلاً بيننا وبين إخوتنا الفقراء، فتُحرم ملايين النساء والرجال والأطفال من الكرامة التي منحهم الله إيّاها. فكانت كلماته بمثابة تذكير مؤثّر بضرورة ألا نغضّ النظر، وألا نتجاهل الدعوة لنكون شهودًا فعليين للرجاء ومجسّدين للرحمة في عالمنا. وهنا، في هذا المكان المقدّس حيث ترقد رفاته، يبقى تذكّرنا الدائم لأعماله شهادة حية تعيد صوته إلى مسامعنا من جديد.

لكن، هل ننتظر يوبيلًا أو سنة مقدّسة لنحيا الرجاء ونشهد له؟ أليس الرجاء يولد معنا منذ لحظة الميلاد؟ أليس يتغذّى من حياتنا، وأحلامنا، وتوقنا إلى النجاح والسعادة، وشوقنا العميق إلى العودة إلى حضن الآب، وقد امتلأت قلوبنا بتجارب الزمن وغنِيت أرواحنا بالقيم؟ أيها الإخوة الأعزّاء، مع كل ميلاد بشري، يُفتح طريق فريد ومُميّز، ترافقه دعوة إلهية تدعوه ليحيا حياتنًا بمعناه العميق وغايتها السامية. إنّ الرجاء يلازمنا طوال المسيرة، يستمدّ قوّته من الإيمان، ويتقوّى بالمحبّة. وعند نهاية الرحلة الأرضية، يدعونا الرجاء لنعود إلى بيت الآب، حاملين ثمار أعمالنا الصالحة وعطايا الحياة، لنُجيب بسخاء على الدعوة التي أوكلها الرب إلينا. نحن، أبناء الكنيسة الأرمنية الكاثوليكية الشرقية، أحفاد الإيمان والاستشهاد عبر القرون، مدعوّون اليوم، في ظلّ الحروب والنزاعات التي تعصف بالشرق الأوسط والعالم، إلى أن نكون شهودًا أمناء للمسيح، معبّرين بأفعالنا، وأحيانًا بدمائنا، عن تجذّرنا العميق في المحبّة المسيحية. فلنتأمّل في كلمات الرب يسوع التي قال فيها: "هذه هي وصيّتي أن تحبّوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم"، ثم يُضيف: "ليس لأحد حبّ أعظم من هذا أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه".

أيها الأحبّاء، من أجل هذا اجتمعنا اليوم: في الصلاة، والتأمل، والتوبة. كي نوقظ قلوبنا، وننقّيها، ونجددها، فنستعدّ لحياة ملؤها المحبّة الإلهية. وفي لحظة تقديس الخبز والخمر، اللذين سيصيران جسد ودم مخلّصنا يسوع المسيح، فلنقترب من هذا السرّ المقدّس بإيمان حيّ، ولنتغذَّى من الرجاء الحيّ الذي يملأ قلب كل مؤمن. وفي هذا الاحتفال المبارك، نُجدّد التزامنا بأن نكون شهودًا أمناء للإنجيل، متمثّلين بشخص المسيح، مخلّصنا وملكنا، كي يضيء الرجاء في القلوب، ويثمر محبة وسلامًا في العائلات، ويُشيع النور في العالم.

وفي هذه المناسبة المجيدة، نرفع صلاتنا الصادقة، ونعرب عن دعمنا الكامل لخليفة البابا فرنسيس، قداسة البابا لاوُن الرابع عشر، الذي يقود الكنيسة اليوم بالحكمة والحنان. وكما عبّر هو نفسه في بداية خدمته البطرسية، فإنّ هذا الزمن، رغم ما فيه من حزن وفرح، هو زمن مضاء بأنوار القيامة. فلنعيشه بروح فصحية، وفي ظل قيادة قداسة البابا، نُسلِّم نفوسنا لرحمة الله، التي هي عزاؤنا وخلاصنا. فلتُنر قيامة المسيح درب الكنيسة الجامعة والكنائس الشرقية على حدّ سواء.