
أندريا تورنييلي عقب العظة الأولى للبابا لاوُن الرابع عشر: "نختفي ليبقى المسيح"
محرر الأقباط متحدون
السبت ١٠ مايو ٢٠٢٥
محرر الأقباط متحدون
نظرة البابا الجديد إلى الكنيسة والخدمة وتحديدا دعوة قداسته إلى أن نختفي ليبقى المسيح، هذا محور مقال لمدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي.
في مقال افتتاحي له عقب عظة البابا لاوُن الرابع عشر خلال ترؤسه القداس الإلهي مع الكرادلة أمس، الجمعة ٩ أيار مايو، توقف مدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات أندريا تورنييلي عند كلمات الحبر الأعظم ويشكل خاص عند دعوة قداسته إلى أن نختفي ليبقى المسيح، وهي العبارة التي عنون بها تورنييلي مقاله. وكتب مدير التحرير أن هناك كلمات تحدد الطريق وأشار إلى أن العظة الأولى للبابا لاوُن الرابع عشر قد تضمنت إعلان بطرس الإيمان بالمسيح من خلال كلماته "أنت المسيح ابن الله الحي". ولفت تورنييلي الانتباه إلى أن هذه العبارة قد أراد البابا يوحنا بولس الأول أن يكررها في نهاية عظة قداس بداية حبريته.
توقف مدير التحرير بعد ذلك عند ما يعتبرها في عظة البابا نظرة إلى الكنيسة وكيفية القيام بأية خدمة في الكنيسة، وهو ما أبرزته الجملة الأخيرة للبابا في عظته الأولى: "سأكون حقًّا تلميذًا ليسوع المسيِح عندما لن يرى العالم جسدي"، وهي عبارة للقديس أغناطيوس الأنطاكي بينما كان يُقتاد إلى مكان استشهاده. وقد قال أسقف روما الجديد أمس، حسبما واصل تورنييلي، إن هذه الكلمات تُذكِّرنا بمعنى أوسع بالتزام لا يمكن أن يتخلى عنه أي شخص في الكنيسة يمارس خدمة السلطة: وهو أن نختفي ليبقى المسيح، وأن نصير صغارا نحن لكي يُعرَف ويُمجَّد هو، وأن نبذل أنفسنا إلى أقصى حد حتى لا تَنقص الفرصة لأي أحد لكي يعرفه ويحبه". تحدث البابا بالتالي عن الاختفاء وأن نكون صغارا كي يعرف الناس المسيح، أي الابتعاد عن كل ما هو دنيوي وعن التطلع إلى السلطة والمال ومشاريع ما يمكن اعتباره تسويقا دينيا، وذلك لتسليم أفسنا لمن يقود الكنيسة والذي لا يمكننا بدونه أن نفعل شيئا حسبما ذكر البابا، لنُسلِّم أنفسنا لعمل نعمته التي تسبقنا دائما. وواصل تورنييلي مشيرا إلى أن هذه النظرة للبابا الجديد تعكس استمرارية هامة مع سلفه البابا فرنسيس والذي كان قد استخدم في أكثر من مرة صورة القمر والتي كان يستخدمها آباء الكنيسة لوصف الكنيسة، صورة يكون من الخادع الاعتقاد أنها تريد الإشارة إلى بريق نورنا نحن، لأن هذا القمر يعكس بالأحرى نورا آخر.
وتابع مدير التحرير أن البابا الإرسالي، الذي وُلد في الولايات المتحدة وعاش في ضواحي العالم كراعٍ يحمل رائحة الخراف، يبدو في بداية مسيرته وكأنه يردد أصداء كلمات يوحنا المعمدان حول يسوع "لا بُدَّ له مِن أَن يَكبُر. ولا بُدَّ لي مِن أن أَصغُر". وواصل مدير التحرير أن هذا يعني أن كل شيء في الكنيسة هو من أجل الرسالة، كي يكبر المسيح، وأن على الجميع في الكنيسة من البابا حتى آخر المعمَّدين أن يكونوا صغارا كي يعرف العالم يسوع. وتابع تورنييلي أن دعوة البابا لاوُن الرابع عشر هذه نلمس فيها اتقاد النفس الأغسطيني بحثا عن الحقيقة، عن الله، ويتحول هذا إلى شغف لمعرفته بشكل أكبر دائما والخروج من الذات لجعل الآخرين يعرفونه كي تتقد في الجميع الرغبة في الله.
توقف المقال الافتتاحي بعد ذلك عند اختيار الكاردينال بريفوست اسم لاوُن، فكتب تورنييلي أن هذا الاخيار يرتبط بشكل مباشر بالعقيدة الاجتماعية للكنيسة، من حماية العاملين إلى المطالبة بنظام اقتصادي مالي أكثر عدلا. ثم ذكَّر مدير التحرير بالتحية الأولى التي وجهها البابا الجديد عقب انتخابه حين عاد إلى سلام الفصح، ذلك السلام الذي نحن في حاجة قصوى إليه، هذا إلى جانب حديث البابا عن الجميع، الجميع، وهو ما كان يكرره البابا فرنسيس. ومن بين ما يتضح من الكلمات الأولى للبابا لاؤُن الرابع عشر، حسبما تابع مدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات، الرغبة في مواصلة المسيرة السينودسية، كما ومن المؤثر من جهة أخرى تلاوة البابا الجديد صلاة التبشير الملائكي مع شعب الله في أول ظهور له والذي تزامن مع يوم التضرع إلى العذراء سيدة بومباي. وذكَّر تورنييلي هنا بأن البابا فد أنهى عظته مع الكرادلة أمس الجمعة قائلا: "ليمنحنا الله هذه النعمة، اليوم ودائما، بمعونة وشفاعة سيدتنا مريم العذراء، أم الكنيسة الجزيلة الحنان".
ثم أراد مدير التحرير لفت الأنظار إلى ما يعتبره حدثا قد يصعب تفسيره بالمنطق البشري، ألا وهو نجاح 133 كاردينالا، يأتون من جميع أنحاء العالم وكان كثيرون من بينهم لم يعرفوا بعضهم البعض من قبل، في أن يختاروا في أربع وعشرين ساعة أسقف روما وراعي الكنيسة الجامعة، وكتب تورنييلي أن هذه هي علامة جميلة للوحدة. وختم أن رسالة خليفة القديس بطرس، والتي أبرقت في الصوت الضعيف للبابا فرنسيس قبل أيام، تنتقل اليوم إلى أسقف متواضع إرسالي من أبناء القديس أغسطينوس. وأضاف أن الكنيسة هي حية لأن حي وحاضر هو يسوع الذي يقودها من خلال تلاميذ ضعفاء مستعدين لأن يختفوا كي يبقى هو، هو وحده.