دولة الميكروباص... شكرًا

ناهد صبري

بقلم: ناهد صبري
قبل أيام قليلة ساقتني الأقدار لركوب سيارة ميكروباص مملة، موتور هذه السيارة يصدر عنه فحيح يشبه فحيح الأفعى لذلك تجد السائق يمشي بطيئًا بشكل ممل جدًا عكس باقي سائقي السيارات الذين دائمًا ما يسابقون بعضهم البعض وحتى لا يسبقه أحد ويأخذ الدور، كما أن زجاج النافذة اتسعت مجاريه بدرجة جعلته يصدر زعيقًا كزعيق الحناجر إذا عَلت بالهتاف.
أما السائق نفسه فهو طويل عريض، ليست هذه هي المشكلة فهي خلقة ربنا لكن المشكلة في أنه استخدم هذه الخلقة في "التأثير البدني" على الزبون وحمله على الإذعان لقوانين هي من صنع أباطرة الميكروباص.

هؤلاء الأباطرة لهم قوانينهم الخاصة وعُرفهم الخاص ولغتهم الخاصة بل ولهم من يحميهم ومن يذود عنهم، كما أصبح لهم مفردات لغوية خاصة بهم وإشارات ولغة للجسد يسببون الرعب والهلع لمن يتعامل معهم بسبب الألفاظ النابية التي يستخدمونها فيما يشبه التحذير.
ناهيك عن السرعة الجنونية التي يعتمدها هؤلاء والسير عكس الاتجاه والمشاجرات لأتفه الأسباب كما إن أغلبهم دائم الزيارة للسجن أو قد يكون مسجل خطر -أقول أغلبهم وليس كلهم فالبعض اضطرته ظروف العيش للعمل كسائق للميكروباص-.
أما الميكروباص في حد ذاته كوسيلة للنقل أصبح يعمل تحت ظروف ميكانيكية غير لائقة لأمن وراحة المواطن فقد تركته الدولة تحت رعاية بلطجية كل ما يهمهم الربح فقط.

هم دولة داخل دولة، وفي ظني إن هذه الفئة من المصريين تسببت في كارثة حقيقية لوطنهم ويكفى إن الخارجية الأمريكية قد حذّرت رعاياها من ركوب الميكروباص لأنه خطر على حياة وصحة المواطنين كما أشار التقرير إلى ظاهرة عدم احترام سائقي الميكروباص لإشارات المرور.
 حقيقةً أصبحت اشعر بالمهانة في كل مرة استخدم فيها هذه الوسيلة من المواصلات لذا فقد توقفت عن استخدامها منذ فترة قريبة إما لسوء معاملة السائقين للركاب أو لسوء حالة السيارة نفسها.
وأنا على يقين من أن السبب في كل هذه العنجهية من هؤلاء هو حماية بعض أفراد الشرطة لهم لأن هذه النوعية ما أن تشعر بوجود سلطة أو (ظهر) لها كما يقولون تتفنن في خرق كل القوانين والقواعد.

إن ثقافة الركاب وحاجتهم لركوب الميكروباص يوثر على مدى تفاعلهم مع سائقي الميكروباص وتدافعهم الهمجي على السيارات والقفز من الشبابيك لحجز الأماكن ويقينهم أن أحد يأخذ لهم حقهم إذا هم لجئوا للشرطة، فالشرطة وجدت لتخويف المواطن إذا هي متحصله على إتاوات ورشاوى من هؤلاء الوحوش الصغيرة التي تقود سيارات متهالكة تجرى في الشوارع دون حسيب أو رقيب سوى الله.  
أفقت من أفكاري على صوت "صبى الميكروباص" وكأنه يريد أن يحط السيخ المحمى في صرصور ودني: "الأجرة".