في ذكرى الشهداء والكنيسة المضطهدة

بقلم: عصام نسيم
الاضطهاد كان ومازال هو  احد واهم أسلحة الشيطان الذي  يحارب به المؤمنين ,وهو سلاح يستخدمه في كل زمان وكل مكان بإشكال وأساليب مختلفة ومتنوعة.
وفي بداية المسيحية استخدم الشيطان كل طاقته وقوته في القضاء علي المسيحية وقد استخدم  عشرة أباطرة أذاقوا المسيحيين الويلات  وأبشع أنواع العذاب والآلام  بل أنهم تفننوا في استخدام أساليب جديدة وبشعة  في اضطهادهم للمسيحيين في الإمبراطورية  الرومانية كلها في سبيل القضاء عليهم نهائيا ,   وقد كانت أصعب هذه العصور هو عصر دقلديانوس  والذي شن حرب شرسة استخدم فيها كل إمكانياته وطاقته الشيطانية ليضطهد بها المسيحيون في كل إنحاء الإمبراطورية,
وكان هذا الاضطهاد شامل حيث بدء من مصادرة الأموال والأملاك الخاصة بالمسيحيين وطردهم من إعمالهم حتى تعذيبهم وقتلهم بالسيف  لعدم تبخيرهم للأوثان  وتمسكهم بأيمانهم  بالرب يسوع  إلههم ومخلصهم ,
ونحن  نحتفل في هذه الأيام المباركة برأس السنة القبطية  وهو ما يعرف بتقويم الشهداء  وهذا التقويم القبطي هو الذي كان معمول به لدى الأقباط من عصور القدماء المصريين ( الفراعنة ) ولكن نظرا لان فترة اضطهاد دقلديانوس كانت فترة اضطهاد صعب وشرس علي الكنيسة لم ترى الكنيسة مثله ,
وقد بدأت الكنيسة تقويم الشهداء من بداية تولي الطاغية دقلديانوس الحكم عام 284 م وأصبح هذا التقويم هو المعمول به في الكنيسة القبطية في صلواتها وطقوسها وأعيادها المختلفة .

فالكنيسة دائما كانت ومازلت تنظر إلي فترات الاضطهاد علي أنها فترات بركه ومن الاضطهاد خرج إبطال الإيمان والذين ضحوا بكل شئ من اجل إيمانهم حيث كان هدفهم الأول والأخير هو السيد الرب فقط , فالاضطهاد لم تكن أمر غير متوقع عند الكنيسة الأولي بل قد  سبق واخبرنا به رب المجد يسوع وكثيرا ما اخبرنا بأننا سوف نكون مبغضين من الجميع وقال ان العالم سيضطهدنا واخبرنا أيضا بأننا سوف نتألم ونطرد ويفتري علينا من اجل اسمه القدوس وما أكثرها هذه الآيات والوعود التي اخبرنا بها رب المجد ومنها :
حينئذ يسلمونكم الى ضيق ويقتلونكم وتكونون مبغضين من جميع الامم لاجل اسمي. مت 24
وتكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي.ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص. مت 10
.في العالم سيكون لكم ضيق.ولكن ثقوا.انا قد غلبت العالم  يو 16
طوبى لكم اذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين. متى 5
لهذا كانت الاضطهاد ومازلت هي ثمن بسيط يدفعه المؤمن نتيجة إيمانه بالرب يسوع الذي سبق وان اضطهده العالم ايضا من قلبنا , فالعالم قد وضع في الشرير والشرير يحارب أولاد الله بكل طاقته وقوته 

ونحن نحتفل بهذه الذكرى , ذكرى الشهداء نتذكر الشهداء   الأطهار  كيف انهم تحملوا هذه الآلام البشعة التي لم يتحملها احد من قبل فربما الكثير منا لا يعرف تفاصيل هذه الآلام وهذ ه العذابات التي تم اختراعها خصيصا للتنكيل بالمسيحيين في كل مكان وقد كان من هذه العذابات

السجن
و كان يتم سجن المسيحيين  في سجون مظلمة لا تدخلها الشمس تكون إما تحت الأرض او في المغاير والجبال و كان يتم ربط أرجلهم وأيديهم  في شئ يسمي المقطرة وقد تم  ربط القديس بولس به عند  سجنه

الجلد
كان يتم اما بالعصي  او بالكرباج ولم يتم الاكتفاء بهذه العقوبة البشعة بل كان أحيانا كثيرة يتم  سكب الخل والملح علي جرو ح المسيحيين  ولنا ان نتخيل  مدى الآلام  والوجع الذي كان يعانيه هؤلاء الشهداء نتيجة هذه الآلام إلحاده التي لولا نعمة الرب لهم ما كانوا استطاعوا تحملها

حرقهم وهم أحياء
ونتذكر كيف فعل نيرون الطاغية في المسيحيين في روما بعد ان اتهمهم بحرق روما وألقى  القبض عليهم  وجعلهم مشاعل تنير شوارع روما حيث حرقهم وهم أحياء  وعلقهم في كل شوارع روما .

الإلقاء للوحوش الجائعة .
وكان يتم إلقاء المسيحيين وهم إحياء أما وحوش جائعة مفترسه مثل النمور والأسود وخاصة في مدينه روما وكان لا يتم التفريق في هذه العذابات البشعة بين رجل او أمراه او شاب أو طفل  .

القتل بالسيف .
وكان أسهل أنواع القتل حيث كان يستخدمه المضطهدين بعد ان يكون قد ضاقت بهم كل أساليب التعذيب ولم يستطيعوا ان يثنوا الأقباط عن إيمانهم.
نتذكر أيضا  الدافع الذي جعل أجدادنا يتحملون كل هذه الويلات والعذابات والآلام ودفعوا حياتهم رخيصة من اجل إيمانهم ولم يتنازلوا عنه أبدا  والهدف الذي كان إمام أعينهم في  كل هذه العذابات  و   هو  حبهم للسيد المسيح مخلصهم  الذي أحبهم من قبل وبذل ذاتهم من اجلهم فالمحبة هي التي دفعت الله ان يتجسد ليفدي البشر ويحتمل كل الآلام والصلب من اجل إتمام الخلاص  والمحبة هي التي جعلت  الشهداء والمعترفين يبادلون الرب إلههم هذه المحبة  يتحملون الآلام والعذابات والموت بفرح وسرور  فالمحبة هي أساس  المسيحية فالمسيحية هي ديانة المحبة  , المحبة الباذلة , المحبة التي بلا حدود  , المحبة التي تحتمل كل شئ ، وقد لخص رب المجد في عبارة قالها بفمه الطاهر : ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه.  يو 15 

تأتي ذكرى  عيد الشهداء في كنيستنا القبطية في هذه الأيام والتي تعاني فيها الكنيسة الكثير والكثير من الآلام والأوجاع , فهناك كنائس تحرق , وكهنة تقتل وتسجن  , هناك  أقباط يتم سجنهم وتشريدهم ,  وهناك أقباط يتم سلب ممتلكاتهم و حرقهم وقتلهم , هناك ضيق شديد علي الكنائس وبناءها  , هناك ضيق وتضييق علي كل من مؤمن جديد بالسيد المسيح  مخلص له حيث يسجن ويعذب وربما يقتل . هناك من يفترون علي الكنيسة وأبناءها  في كل يوم من إخبار كاذبة وإشاعات وافتراءات ضدها  ,  هناك اليهوذيين والمنتفعين وهناك الخونة ظاهرين  و خفيين, هناك أيضا من يحاربوا أيمان الكنيسة القويم ببدعهم وأفكارهم الغريبة ضد الإيمان المستقيم , هناك الكثير والكثير ولكن رغم ذلك فالكنيسة كعادتها دائما تقف صامدة شامخة متمسكة بوعد سيدها وربها السيد المسيح بان - أبواب الجحيم لن تقوى عليها - 
نتذكر أجدادنا وكيف تحملوا  لندرك إننا رغم كل ما نعانيه اليوم فهو  لا يساوي شئ  مما تحملوا هم ,ونعرف أيضا أن ثمن إيماننا الذي ندفعه اليوم هو ثمن رخيص جدا مقارنة بما  دفعوا هم ,
نتذكر أيضا مدى حبهم للسيد المسيح ونملئ  قلوبنا بهذا الحب والذي سيجعلنا نتحمل كل ما يحدث لنا بفرح وحب , وندرك أيضا إن الشيطان هو هو لا يتغير وأسلحته وحروبه  واحده وأيضا إن إلهنا لا يتغير  فهو من غلب العالم وإعطانا أيضا هذه الغلبة .
وكل عام والجميع بمحبه وسلام رب المجد يسوع إلهنا ومخلصنا وفادينا .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع