البوس ممنوع بأمر الحكومة

سحر غريب

بقلم: سحر غريب
حماتي الغالية كانت في زيارة لبيتي، زيارة كادت تخرب البيت، بيتي الذي كان عشًا هادئًا تغرد فيه عصافير الحب والمودة حتى وطئته حماتي بقدميها، فقد كانت حماتي مريضة عندها أنفلونزا شديدة جدًا وكان معها أبنها عم أبنائي الذي كان مصابًا هو الآخر بالإعياء الشديد، وهو من الأشخاص المُصدرين للأمراض فمرضه دائمًا شديد ومُعدي.  

وكوني واحدة ست عندها طفلين لو سقطت مريضة لجاع الطفلان وتوقف البيت عن الدوران فقد أبعدت أنفاسي عنها ولأن كلمتي دائمًا تقف في الزور وتُعتبر إهانة فقد أخبرت زوجي بأن يمنع القبلات المتطايرة منها ومن ابنها الآخر المريض ناحية أطفالي الصغار حتى نتجنب انتقال المرض لباقي أفراد الأسرة وهنا ثارت ثائرة حماتي وكتمت في نفسها زعلها حتى انفجرت أمام زوجي لتخبره أن زوجته المصون خايفة من العدوى وبتشتكي من زورها اتهامًا لأمه التي حملت فيه تسعة أشهر كاملة بأنها السبب في مرضها، ثم نغزتني بكلمتين بايخين لا لزوم لهم وقلبت عليا زوجي المُثقف المُتحضر والذي ينحاز لوالدته دون جدال فهي دائمًا على حق حتى لو كان الحق عدوها اللدود.

وكل هذا حدث رغم إعلانات التليفزيون الجديدة التي أمطرتها علينا الحكومة والتي تقدم التوعية للمواطنين بإبعاد الأنفاس ومنع القبلات بينهم منعًا لانتقال المرض الوبائي الجديد، تخيلوا أنه مع هذه الإعلانات كلها فيه لسة ناس زعلانة ومقموصة عشان القبلات التي أصبح يتجنبها البعض، وكل واحد واخدها على كرامته وغضبان... أمتى بقى نعرف إننا داخلين على عهد جديد عهد يجب علينا جميعًا فيه أن نتكاتف لمنع انتشار المرض، وكما توضع لافتة عليها ممنوع التدخين يجب أن يوضع أيضًا لافتة أخرى عليها ممنوع القبلات، وجعل السلام بطرق أخرى لا تنقل المرض.

أنا لست مريضة بالوسواس القهري كما يدعي زوجي واحتياطاتي ليست كثيرة بل أنها عادية جدًا فأنا احرص كل الحرص عندما يصاب فرد أتعامل معه بمرض مُعدي أن أتجنب تناول الطعام معه من طبق واحد أو أتبادل معه القبلات أو أبقى في غرفة واحدة مغلقة مع المريض، واعرف أيضًا إن الوقاية خير من العلاج.. كفانا جهل وقمصة كذابة لا داعي منها وممنوع القبلات بأمر الحكومة يا خلق هووووه.