CET 08:42:16 - 27/01/2011

أخبار مصرية

الأزمة

واحتدام المواجهات بين الأمن والمتظاهرين في القاهرة وعدة مدن مصرية
في مشاهد غير مسبوقة بمصر، ومرة أخرى تجدَّدت الاشتباكات بين قوات الشرطة المصرية ومتظاهرين في العاصمة القاهرة في ظل التأكيدات التي أطلقتها الحركات الاحتجاجية بشأن إصرارها على مواصلة المظاهرات، حيث احتدمت المواجهات العنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين، الأربعاء، في ميدان التحرير وأمام نقابتي الصحفيين والمحامين ودار القضاء العالي، ولجأت قوات الأمن إلى استخدام الهراوات والقنابل المسيلة للدموع والطلقات التحذيرية في محاولات لتفريق المتظاهرين الذين قدرت أعدادهم بنحو ألف شخص، بحسب شهود عيان، وإفادة مراسل "الأزمة" نادر شكري الذي كان يغطي الأحداث هناك.

وقبل ضرب المحتجين ردَّدوا هتافات مناوئة للرئيس حسني مبارك تطالبه بالتنحي عن الحكم ومغادرة البلاد مثل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي هرب من بلاده تحت ضغط احتجاجات شعبية واسعة تفجَّرت على نحو مباغت في تونس.
وأشعل محتجون النار في الإطارات ورشقوا الشرطة بالحجارة في حين تجمَّعت حشود في مناطق مختلفة من القاهرة، ولم يسبق لمثل هذه الاحتجاجات المنسَّقة مثيل في مصر منذ وصول مبارك إلى السلطة عام 1981، ويشكو المتظاهرون من الفقر والبطالة والفساد والقمع ويطالبون بتنحي مبارك مستلهمين الانتفاضة الشعبية في تونس.
ويبلغ عدد سكان مصر 80 مليون نسمة ومعدل النمو السكاني بها 2% ويشكل من هم دون سن 30 عامًا 60% من السكان يمثلون 90% من العاطلين. ويقل دخل نحو 40% من المصريين عن دولارين يوميًّا ويعاني ثلثهم من الأمية.

شائعات ومواجهات
ونفت مصادر في مطار القاهرة أنباء بثَّتها شبكة CNN الأميركية الشهيرة التي قالت فيها إن ثمة "تقارير غير مؤكَّدة" عن سفر نجل الرئيس المصري جمال مبارك وقرينة الرئيس وسوزان مبارك إلى لندن، وقال أمين التدريب والتثقيف بالحزب الوطني الحاكم محمد كمال إن جمال مبارك "لم يغادر مصر، وكان يتابع أحداث المظاهرات في مصر لحظة بلحظة".
أما على صعيد ردود الفعل الدولية على تلك الموجة الواسعة من الاحتجاجات الشعبية، فقد أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض إن واشنطن تراقب ما يجري في مصر عن كثب، كما صرحت أيضًا المتحدثة باسم المفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن الاحتجاجات في مصر تظهر مدى الرغبة في التغيير السياسي، كما قال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله إن على مصر أن تحترم حقوق شعبها المدنية وأهمها حرية الرأي والتجمع والصحافة، غير أنه استدرك مناشدًا "كل الأطراف إلى الإحجام عن العنف".

سيدة مصرية مُسنَّة تشارك في "مظاهرات الغضب"
حتى في إسرائيل فقد أعربت دوائر إعلامية عن قلقها إزاء التطورات السياسية التي تشهدها مصر، وتحيط الحكومة الإسرائيلية نفسها حاليًا بهالة من الصمت، حيث قال يجال بالمور، المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية: "لن نعلق.. لكننا نتابع الأحداث بدقة بالغة"، بينما أفردت الصحف الإسرائيلية صفحاتها لمتابعة الاحتجاجات المصرية وتداعياتها على كافة المستويات.

المشهد الميداني
بداية اليوم الثاني في القاهرة جاءت على لسان شهود عيان قالوا فيها إن قوات الأمن المصرية ضربت محتجين بالهراوات الأربعاء أمام مبنى نقابة الصحفيين وسط القاهرة من احتجاجات واسعة، سماها نشطاء الإنترنت "يوم الغضب"، وسقط خلالها قتلى وأصيب مئات، وما زالت الإجراءات الأمنية مشددة في شتى أنحاء العاصمة وقالت وزارة الداخلية إنها لن تسمح بتجدد المظاهرات.
وحاصرت قوات الأمن مئات المتظاهرين أمام مبنى صحيفة "الأهرام" بشارع الجلاء وسط القاهرة، وأحاطت بهم من خلال كردون أمني، وحاول عدد من صحفيي الأهرام مساندة المتظاهرين، ولكن قوات الأمن حالت دون ذلك وطالبوهم بالعودة إلى صحيفتهم واستجاب الصحفيون لتعليمات الأمن بعد أن تدخل كبار المسؤولين في المؤسسة الصحفية لتوجيه المحررين بعدم الاصطدام مع قوات الأمن، كما أفادت بذلك مصادر في "الأهرام" التي تعد بمثابة الصحيفة شبه الرسمية الناطقة باسم الدولة في مصر.
وقال مصدر أمني مصري وشهود عيان إن عشرات المحتجين تجمعوا أمام مبنى دار القضاء العالي بالقاهرة وفي مدن المحلة الكبرى ودمياط وأسيوط لكن أعدادًا كبيرة من قوات الأمن أسرعت بتفريقهم وألقت القبض على عشرات منهم.
ومضت ذات المصادر موضحة أن هؤلاء المحتجين تجمعوا لفترة أمام مبنى "دار القضاء العالي" وسط القاهرة قبل أن تفرقهم بالقوة قوات الأمن التي اعتقلت ثمانية صحفيين خلال تلك المواجهات، من بينهم عضو مجلس نقابة الصحفيين محمد عبد القدوس، المحسوب سياسيًّا على جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة قانونًا في مصر.

السويس.. بؤرة احتقان
أما في مدينة السويس التي تقع شمال شرق مصر، فقد بلغت الأوضاع مداها خاصة وأن المدينة شهدت وفاة 4 متظاهرين إثر اندلاع العديد من الاحتجاجات في أيام الغضب، ومن ثم قام متظاهرون بتحطيم قسم شرطة الأربعين بالسويس، وإلقاء مواد مشتعلة وزجاجات المولوتوف على القسم.
كما وقعت اشتباكات عنيفة بالأيدي بين قرابة ألفي متظاهر وقوات الأمن أمام مشرحة المدينة، بسبب رفض قوات الأمن تسليم جثمان متظاهر توفي صباح الأربعاء وإصرارهم على توقيع الكشف عليه من جانب الطب الشرعي، حسب مراسلين لوكالات الأنباء وصحفيين محليين.
وقالت مصادر أمنية وشهود عيان إن محتجين في مدينة السويس أضرموا النار في مبنى حكومي وحاولوا إحراق مكتب محلي تابع للحزب الوطني الحاكم في ساعة متأخرة يوم الأربعاء، إذ حاول المتظاهرون تحطيم نقطة شرطة المسلة، ومبنى الحزب الوطني، واستطاع الأمن منع المتظاهرين من الوصول لمبنى المحافظة.

تغطية "الجزيرة" للمظاهرات الاحتجاجية في مدينة السويس
وقرر المسؤولون في المدينة إغلاق جميع المتاجر بعد ورود أنباء عن حوادث نهب، وقال شهود عيان من رويترز إن الاشتباكات مع الشرطة خلفت 55 مصابًا.
يذكر أن مصادر أكدت أن مساعد مدير أمن محافظة السويس اللواء عبد الرؤوف عادل قد أصيب في المظاهرات، كما أصيب رئيس مباحث قسم شرطة مدينة السويس الرائد محمد عادل بحجارة رشقها محتجُّون في السويس.

شهادات واعتقالات
وقال الشهود إن المحتجِّين أمام النقابة حاولوا النزول إلى الشارع لتنظيم مسيرة وأن المجندين أوسعوهم ضربًا، وقال شاهد إن المجنَّدين سحلوا أكثر من متظاهر في الشارع بينهم صحفية وعضو مجلس نقابة الصحفيين محمد عبد القدوس وألقوا القبض على نحو سبعة محتجين، وقالت شاهدة عيان إن مجندًا أصيب في عينه خلال التدافع.
وفتحت نقابة الصحفيين أبواب مقرها للنشطاء ومختلف المواطنين الذين يريدون الاحتماء بها، بعدما كانت ترفض دخول أي شخص إلا بعد إظهاره كارنيه عضوية نقابة الصحفيين.
وشوهد رجال أمن في الزي المدني ورجال مباحث يستجوبون المارة المشتبه بهم في ميدان التحرير أكبر ميادين القاهرة، كما ألقت قوات الأمن القبض على كل من توقَّف بالميدان.
وقال مصادر من الحملة الشعبية لدعم البرادعي ومطالب التغيير المعروفة اختصارًا باسم ''لازم'' اعتقال العديد من قياديي وناشطي الحملة والجمعية الوطنية للتغيير بالمحافظات يومي الثلاثاء والأربعاء، فضلاً عن منع الطلبة منهم من أداء امتحاناتهم بالكليات التي يدرسون بها بالجامعات المختلفة.
وقالت المصادر إن المكان الذي يحتجز فيه الدكتور مصطفى النجار المنسِّق العام للحملة غير معروف حتى الآن، مؤكدين أنهم تلقوا اتصالات من معتقلين في معسكر السلام للأمن المركزي والذين أكَّدوا عدم وجود الدكتور مصطفى بينهم.
يأتي هذا في وقت أعلنت فيه مصادر أمنية عن اعتقال 500 شخص على الأقل الأربعاء خلال تظاهرات في القاهرة ومدن أخرى تخلَّلتها اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين.

الداخلية المصرية لن تسمح بأي احتجاجات جديدة.. والمواجهات مستمرة
كما قال ناشطون حقوقيون إن الشرطة: "اعتقلت عددًا غير معروف من النشطاء خلال محاولتهم تنظيم مسيرة من أمام دار القضاء العالي ونجح نحو 200 متظاهر في تجاوز الحصار الأمني ونظموا مسيرة في شارع رمسيس في محاولة للوصول إلى ميدان التحرير".
من جانبه قال مدير "المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية" خالد علي: "الشرطة اعتقلت عددًا غير معروف قد يصل إلى نحو 20 متظاهرًا من أمام دار القضاء العالي خلال محاولتهم التظاهر عقب تقديمنا بلاغًا للنائب العام"، مضيفًا أن "الشرطة تواصل مطاردة المتظاهرين في شوارع وسط القاهرة خلال محاولتهم إعادة التجمع في ميدان التحرير"، كما تواردت أنباء عن انطلاق مظاهرات مشابهة في المحلة الكبرى ودمياط.
واجتذبت الدعوة إلى مظاهرات الاحتجاج على الفقر والبطالة والقمع الآلاف الذين خرجوا إلى شوارع القاهرة وعدد من المدن الأخرى في موجة منسقة من المظاهرات غير المسبوقة المناهضة للحكومة منذ تولي مبارك السلطة عام 1981 بعد اغتيال الرئيس أنور السادات برصاص إسلاميين.

الموقف في المحافظات المصرية
وقال مصدر أمني آخر إن محاولة لتنظيم احتجاج جديد في مدينة المحلة الكبرى في دلتا النيل أحبطت يوم الأربعاء، وكانت المدينة شهدت اضطرابات عام 2008.
وذكر شاهد عيان في مدينة دمياط الساحلية أن قوات الأمن أسرعت بإلقاء القبض على أربعة محتجين لدى وصولهم إلى ميدان الشهابية في المدينة لاستئناف التظاهر، وأضاف أن قوات أمن كبيرة العدد انتشرت في الميدان.
وقالت مصادر أمنية في مدينة أسيوط عاصمة محافظة أسيوط التي تبعد نحو 400 كيلومتر جنوبي القاهرة إن قوات الأمن ألقت القبض على 40 من النشطاء لدى وصولهم إلى ميناء المجذوب في وسط المدينة للتظاهر.
وأفاد شهود عيان في مدينة السويس التي تقع إلى الشرق من القاهرة بأن مئات المحتجِّين تجمعوا أمام مشرحة بالمدينة توجد بها جثة محتج وردَّدوا هتافات مناوئة لقوات الأمن.
وذكرت مصادر أمنية وشهود عيان أن جثتي محتجين آخرين قتلا يوم الثلاثاء دفنتا في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء تحت حراسة الشرطة بحضور أفراد من أسرتيهما، وقال شاهد إن اشتباكًا بالأيدي وقع بين الشرطة وأقارب القتيل الثالث، وقال الشاهد إن نشطاء وأقارب مصابين يساندون أقارب القتيل.
وأضاف الشاهد أن أهالي القتيل الذي توفي صباح الأربعاء متأثرًا بجروحه تجمَّعوا أمام المشرحة مطالبين بتشريح جثته من قبل الطب الشرعي، بينما قالت الشرطة إن أحد أفرادها لقي حتفه يوم الثلاثاء في القاهرة بعد إصابة في رأسه بسبب حجارة تم إلقاؤها.

مظاهرات شباب مصر في يوم الغضب الثاني 26 يناير
أما الأوضاع في شمال سيناء فكانت في أغلب المناطق هادئة نسبيًّا، باستثناء احتجاجات البعض من البدو، كما لم تسجل محافظة شمال سيناء خلال احتجاجات العريش، ولم تشهد مشاركة شعبية تذكر لدعم القلة المحتجَّة، باستثناء عدد من أعضاء حزبي "الكرامة والوفد" الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام المجلس الشعبي المحلي، في حراسة أمنية ولم تستمر وقفتهم الاحتجاجية أكثر من ساعتين، وانفضت دون مشاركة شعبية من أهالي العريش باستثناء بدو قرى مدينتي رفح والشيخ زويد المستمرين حتى الآن في الاحتجاجات.
وعاود البدو في مدينة "رفح" تنظيم مظاهرات احتجاجية، في المنطقة الواقعة على الحدود الإسرائيلية، وكانت البداية مع تجمُّع عشرات البدو في قرية "المهدية"، وقاموا بإشعال إطارات السيارات، وإطلاق أعيرة نارية في الهواء، وعقدوا العزم على التوجُّه إلى طريق العريش رفح الدولي لقطعه، وإغلاقه أسوة بما فعلوه يوم الثلاثاء، وانضم إليهم العشرات من الشباب في هذه الاحتجاجات.

أصداء دولية
وفي إطار ردود الفعل الدولية على الاحتجاجات في مصر دعا البيت الأبيض الأربعاء الحكومة المصرية إلى الإصغاء لتطلُّعات شعبها واحترام الحقوق الديمقراطية"، وقال في بيان "إن الحكومة المصرية لديها فرصة هامة للإصغاء إلى تطلُّعات الشعب المصري وأن تقوم بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية من شأنها أن تحسن حياة الشعب وأن تساعد على ازدهار مصر".
وأضاف البيت الأبيض في بيانه أن "الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع مصر والشعب المصري من أجل تحقيق هذه الأهداف"، وتابع البيان قائلاً: "إننا ندعم الحقوق الشاملة للشعب المصري، بما في ذلك حق حرية التعبير والتجمُّع".
من جانبها قالت المتحدثة باسم المفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، إن الاحتجاجات في مصر تظهر "الرغبة في التغيير السياسي"، كما أنها "مؤشر" على تطلعات العديد من المصريين عقب أحداث تونس. وقالت المتحدثة مايا كوتسيانشيتش في بيان لها إن "الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب التظاهرات التي تجري حاليًا في القاهرة ويعتبرها مؤشرًا على تطلُّعات العديد من المصريين في أعقاب أحداث تونس".
كما حث الاتحاد الذي يضم 27 بلدًا القاهرة إلى "الانتباه إلى رغبتهم (المصريين) المشروعة" في أن يتم اتخاذ قرارات سياسية "لمعالجة المشاكل التي تؤثر على حياتهم اليومية".

تغطية التلفزيون الحكومي لأحداث الاحتجاجات في برنامج "مصر النهاردة"
من جانبه قال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله يوم الأربعاء إن على مصر أن تحترم حقوق شعبها، ودعا كل الأطراف إلى الإحجام عن العنف بعد وقوع اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين. وقال الوزير الألماني: "يجب احترام حقوق الإنسان الأساسية والحقوق المدنية وحرية الرأي والتجمع وحرية الصحافة في مصر". وأضاف: "احترام الشعب وحقوق الإنسان هو أفضل سبيل للاستقرار"، على حد تعبير الوزير الألماني.
وأخيرًا قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني في تصريح إذاعي "نأمل في أن يستمر الرئيس حسني مبارك في حكم بلاده كما فعل دومًا بحكمة وتبصُّر"، وأضاف: "العالم يعتبر مصر مرجعًا لعملية السلام" في الشرق الأوسط.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ١ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع