CET 00:00:00 - 13/08/2009

من الاخر

بقلم: أماني موسى
خرج المواطن المقهور بتاع البلاد إياها دي اللي اسمها "أجري غور" وبينما هو يسير بتلكأ ويتأمل بحسرة أحواله، أوقفته مذيعة حلوة ومسمسمة ونافخة وشافطة ومتظبطة مش زي الستات اللي بيشوفهم في الشارع ولا في المترو واللي مسميهم سيئات مش ستات.
وحين بادرته بقولها: مساء الخير.. ممكن نتعرف بحضرتك؟ فأجابها يا مساء الفل والحسنات اللي في الدنيا طبعًا نتعرف، وقبل أن يكمل حديثه وهو يحاول أن يظبط ياقة قميصه المتهالك وشعره المنكوش ويمسح فردة حذائه بأحد أطراف البنطلون، قاطعته بنبرة منشكحة: إحنا في برنامج (لو بطلنا نحلم نموت) ومهما كنت بتحلم بيه هنحققهولك..... معانا مفيش أمل بعيد ولا حلم مستحيل.
وأكملت: نفسك في إيه؟ بتحلم بإيه؟

فسكت ذلك المواطن المقهور لفترة من الوقت، يبدو أن السؤال كان مدهش وعمره ما فكر فيه لأنه عارف أنه عمره ما هيقدر ينفذ إجابته، أو يمكن من كتر همومه بطل يحلم.
وظل ذلك المواطن سارح في أفكاره دون إجابة للسؤال، وسرح بخياله فيما رآه على إحدى الفضائيات من عملية إنقاذ لأحد المخلوقات واللي كان عبارة عن فيل تايلاندي صغير (بيبي) وقع في أحد شبكات الصرف الصحي وهو بيتمشى فجاءت إليه عربات الإنقاذ من كل حدب وصوب حتى ينتشلوه من المصرف الذي وقع به، والأكثر من ذلك وما زاده دهشة وحسرة أنهم حاولوا إخراجه بمنتهى الرفق وأحضروا طبيب بيطري ليساعدهم على إخراجه دون جرح لجسده أو نفسيته، وحين أخرجوه أخذوا يربتون على كتفه ليشعروه بالأمان ويداعبون زلومته في رفق متناهي!!

فازداد حسرة وتذكر على الفور كيف أن ببلاده تم إحراق الخنازير بالجير الحي ورميها من أعلى العربات في منتهى القسوة واللا إنسانية وكذا إلقائها أم العربات لتدهسها، وتذكر أيضًا أن ببلاده لا يوجد فارق كبير بين الحيوان والإنسان فكلاهما مُهان.
فحين مات الناس فطيس في الدويقة وغطتهم الصخور في تخاذل واضح من المسئولين واستهانة بقيمة البشر والبني آدميين، واللي ماتوا في العبّارة وراحوا وجبة دسمة وشهية للسمك من غير أي رادع قانوني أو عقاب للمسئول، واللي اتفحموا بالقطر وهما مسافرين في أمان الله لأسرهم في الأعياد، وغيره وغيره الكتير من الحوادث اللي بتحصل كل يوم وبتروح ضحاياها مئات من الحيوان والإنسان، واللي بالنهاية بتجمعهم سمات مشتركة في بلادهم أنهم مالهمش أي تمن.

وبعد كل تلك الخواطر تنبه ذلك المواطن المقهور على صوت المذيعة وهي تنغزه بكتفه وتسأله: يا أستاذ.... يا أستاذ حضرتك كان نفسك تبقى إيه؟ أو بتحلم بإيه؟ فأجابها وهو يبكي بشدة ويقول: نفسي أبقى فيل تايلاندي وللا حتى قرد بسديري في بلاد الواء واء، أهو على الأقل كنت يمكن أبقى محترم وليا بقاء مش ماليش قيمة ولا تمن عند مسئولين فارقهم الخشا والحياء.
فنظرت إليه المذيعة بدهشة واستغراب وقالت له: للأسف مش هنقدر نحقق لك حلمك.
فتحول بكاءه إلى ضحك شديد وقال لها: قديمة...، قال إيه برنامج لو بطلنا نحلم نموت!! يا ستي إحنا لو حلمنا برضه هنموت لأننا أكيد هنفضل عمرنا كله نحلم من غير ما نقدر نحقق الحلم، فالحل يأما نبطل نحلم يأما نفضل نايمين في العسل طول الوقت ونحلم بقى براحتنا.
عادي في بلادي: تظل الأحلام دومًا مشروعة ولكنها تبقى ممنوعة!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق