CET 00:00:00 - 10/08/2009

مساحة رأي

بقلم: مجدي ملاك
مع قدوم زيارة الرئيس مبارك لواشنطن تبدأ الاستعدادات للتظاهر في واشنطن ضد سياسات النظام الحاكم، وتبدأ الدولة والنظام المصري في إيفاد عدد من الدبلوماسيين من أجل محاولة تهدئة أقباط المهجر ومنعهم من القيام بتظاهرات من شأنها أن تسيء من سمعة النظام الذي يمثله الرئيس مبارك.
ولا يقتصر الأمر على هذا بل يمتد بطلب الكنيسة بإرسال تعليمات بعدم التظاهر أو الإساءة للرئيس مبارك أثناء تواجده في الخارج هو أمر محزن أن تحاول الدولة منع مواطنيها من ممارسة حق طبيعي ليس في الولايات المتحدة فقط ولكن في كل دول العالم من أجل تحسين صورة النظام!!
واعتقد أن النظام لو كان مُنصف وأمين في تعامله مع قضايا الأقباط لما احتاج أن يخاطب ودّهم من أجل منع التظاهر في الولايات المتحدة ولكن الأولىَ على النظام أن يلتفت لماذا يتظاهر الأقباط ولماذا ينتظرون زيارة الرئيس مبارك حتى يعبروا عن غضبهم مما يحدث في مصر، خاصة أنه مع كل زيارة للرئيس مبارك لا يوجد تحسن في أي من الأمور التي تُطرح من وقت لآخر بل على العكس تزداد سؤ ولا أحد يعرف لماذا لا يستجيب النظام لمطالب الأقباط التي تعتبر مطالب معقولة ومشروعة وشرعية في ذات الوقت.

هل يهتم النظام بصورته أمام العالم أكثر من اهتمامه بصورته أمام مواطنيه وأمام نفسه؟، وإذا كان الأمر هكذا فالأمر سيصبح كارثيًا لأن ذلك يعني أن النظام المصري يتقدم خطوة من أجل الآخرين ومن أجل صورته في العالم لا من أجل صالح مواطنيه التي تعتبر واحدة من أهم الأسباب التي يمكن أن تدفع أي مجتمع رشيد لمحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه في ظل الوضع الحالي الذي يعيش فيه المجتمع.

الأمر الأكثر ترجيحًا فيما يتعلق بمحاولة النظام منع مظاهرات أقباط المهجر في هذه الزيارة أن هناك ملفات شائكة وحساسة سيتم مناقشتها في هذه الزيارة ويرغب النظام في عدم تأثر الإدارة الأمريكية بأيًا من الأحداث التي يمكن أن تمرر هذه المناقشات. واعتقد ومن وجهة نظري بالإضافة لملفات السلام والقضية النووية الإيرانية التي ستكون محور اهتمام في تلك الزيارة.
اعتقد أن قضية الانتخابات الرئاسية المصرية التي ستجرىَ في المرحلة المقبلة ستكون أحد الملفات التي لن يعلن عن تطرق المحادثات إليها، فالوقت يمر ولا يوجد مزيد من الوقت من أجل استطلاع رأي الإدارة الأمريكية في إمكانية دعمها لترشيح جمال مبارك في هذه المرحلة، خاصة أن الإعلان عن مرشح الحزب يجب أن يأتي بفترة كافية قبل موعد الانتخابات حتى يمكن الإعداد للحملة الانتخابية خاصة أن الانتخابات من حيث الشكل يفترض أنها سوف تكون تنافسية في مظهرها وغير ذلك في مضمونها.
إذًا القضية الرئيسية في حرص النظام المصري على الظهور بمظهر جيد في هذه المرة لن يكون من أجل الأقباط أو غيرهم ولكن من أجل أحد أهم الملفات التي تشغل بال النظام منذ فترة ولا يوجد أفضل من الظرف الحالي من أجل تمريرها.

ولكن التساؤل الذي يجب أن نحاول أن نجيب عليه هل ستتعاطف الإدارة الأمريكية مرة أخرى مع الأنظمة الديكتاتورية وبالتالي ستقبل ترشيح وتولي جمال مبارك الرئاسة ولن تعلق على هذا الأمر، الإجابة من حيث المبدأ ستكون بنعم، ذلك لأن الإدارة الأمريكية تعيش مرحلة لا يمكن لها أن تكسب مزيد من الأعداء في المنطقة خاصة أن مصر كقوى إقليمية لا يمكن أن تستغني عنها الولايات المتحدة أو تقبل وقوعها في يد التيار الإسلامي الذي تعاني منه في إيران، ولذلك فالإجابة واضحة ولا تحتاج لمزيد من التحليل فيما يتعلق بقبول الإدارة الأمريكية لجمال مبارك كرئيس لمصر في المرحلة المقبلة، خاصة أن جمال مبارك هو واحد من المقربين من الإدارة الأمريكية وهم يعلموا توجهاته بشكل كبير ولا يعتقدوا أنه سيأتي بسياسة جديدة تخالف السياسة التي ترغب فيها الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة.

إذًا النتيجة أن الدولة المصرية تخشى المظاهرات في تلك المرحلة لهدف ابعد من تشويه صورة النظام فقط، ولكن بهدف محاولة تمرير العديد من الملفات التي تحتل أهمية قصوى لدى النظام المصري ولذلك فالنظام كان غاية في الذكاء حينما أرسل مصطفى الفقي من أجل عقد جلسات عمل مع أقباط الولايات المتحدة من أجل تهدئة الأوضاع، ولو كان الأمر يتعلق بمناقشة الأقباط بشكل عام ومعرفة مشاكلهم اعتقد أن مصر بها أكثر من 12 مليون قبطي كان يمكن لمصطفى الفقي أن يعرف مشاكلهم ويحاول تقديم وعود بحلها، فأقباط الخارج لا يعانون مثلما يعاني أقباط الداخل، فهم معبرين فقط عن الألم ولكن الألم الحقيقي يعرفه جيدًا أقباط الداخل الذين تتجاهلهم الحكومة في كل مناسبة.
هذا بالإضافة إلى التناقض الكبير الذي وقع فيه مصطفى الفقي حينما ذهب إلى الولايات المتحدة وقال لهم بالحرف الواحد أن العلاقة بين المسلمين والأقباط ليست على ما يرام، وحينما جاء إلى القاهرة قال: إن المسيحيين يعيشون عصرهم الذهبي في عصر الرئيس مبارك، ولا اعرف سبب أن يقوم شخص بنقض أقواله في فترة لا تتعدى أيام سوى عدم وجود رؤية أمينة للواقع وبصرف النظر عن المناصب أو المظاهر.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ١٧ تعليق