CET 08:40:04 - 18/08/2009

أخبار عالمية

الشرق الأوسط - بغداد: ستيفن لي مايرز *

جيل جديد من النساء اللاتي يمتلكن روح المقاتل وخبرة القتال في العراق وأفغانستان

ليس هناك شك، في أن ذلك المعسكر المترب الذي تكتسي أرضيته بالحصى في شمال شرقي بغداد هو شيء آخر، عدا كونه مركزا للقوات في أرض لا تزال معادية.

مجندات امريكياتولا يوجد شك، في أن النساء اللاتي يرتدين الزي الرسمي كان لهن تأثير قوي في ذلك؛ فلديهن وحداتهن المتنقلة للنوم، وتقع الحمامات التي يستحممن فيها إلى جانب حمامات الرجال، ويستطيع الزوجان أن يقيما معا. بالإضافة إلى أنه توجد بالقاعدة العسكرية عيادة لعلاج أمراض النساء فيها ـ بالإضافة إلى الأدوات التي تحتاجها لمعالجة صدمة الحرب الحديثة ـ أجهزة للأشعة فوق الصوتية.

وكانت لدى المعارضين لوجود المرأة في المناطق القتالية مخاوف من أن ذلك ربما يعني نهاية بسالة الجيش الأميركي. ويذكر أن ميدان الحرب في كل من العراق، وأفغانستان كان أول ميدان يشترك فيه العديد من النساء الأميركيات، حيث يقمن ويقاتلن إلى جانب الرجال، ولفترات طويلة. ففي الحرب على الجبهات الأمامية، كانت هؤلاء السيدات يقمن بعمل أكثر من مجرد عصيان الأوامر، التي تقضي بإبقاء النساء بعيدا عن المواجهات المباشرة مع العدو.

وغيرت هؤلاء النسوة الطريقة التي تذهب بها الولايات المتحدة إلى الحرب؛ فقد أعدن تشكيل الحياة في القواعد العسكرية في العراق وأفغانستان، واستطعن خلق جيل جديد من النساء اللاتي يمتلكن روح المقاتل ـ وخبرة القتال ـ التي كانت قبل ذلك حكرا على الرجال.

وقد استطعن القيام بذلك من دون الإخلال بالانضباط والوحدة العسكرية، التي كان البعض يخشى من تمزقها في أماكن مثل وورهورس.

تقول الجنرال هيدي براون، إحدى أكثر النساء اللاتي ترقين إلى مراكز قيادية في العراق، وهي تتذكر بداية الحرب: «كان هناك الكثير من الجدال حول المكان الذي يجب أن تكون فيه المرأة. ولكننا ما زلنا هنا بعد ستة أعوام، وأنت لا تسمع شيئا عن الأمر. ولا يجب أن تسمع شيئا عنه».

ومن العديد من الزوايا، يعكس مسار الجنرال هايدي المهني منذ بداية الحرب ازدياد حجم الدور الذي تمارسه النساء في المعارك.

وفي عام 2003، حينما كانت كولونيل، أمرت هايدي بتأليف لواء من القوات الجوية، الذي انضم إلى زحف الجنود من الكويت إلى بغداد؛ حيث خسرت تسعة من جنودها في كتيبة صيانة خارج الناصرية بعد ثلاثة أيام من بداية الغزو. كان من بينهم؛ الجندي الأول لوري آن بيستيوا، التي كانت أول امرأة تلقى حتفها في المعارك في العراق، كما تم أسر جيسيكا لنش وفي نفس الهجوم الذي تعرضت له الكتيبة.

والآن، تضاءل الدور الأميركي في الحرب، وأصبحت الجنرال هايدي تضطلع بمهمة الإشراف عن المسائل اللوجستية المتعلقة بسحب الأعداد الكبيرة من معدات الجيش من العراق خلال العام المقبل.

من جهتها، تقول اللواء جنرال ماري إيه ليجير مديرة الاستخبارات: «لقد احتجنا بالفعل لمساهمات رجالنا ونسائنا على حد سواء». وبالطبع فإن الجيش ليس محايدا تماما فيما يتعلق بالجنس، خصوصا في مناطق القتال؛ فالتحرش الجنسي ما زال يمثل مشكلة بالنسبة للمؤسسات، التي ما زالت خاضعة للسيطرة الذكورية، وكذلك الاعتداء الجنسي. ولا يتم عادة الإبلاغ في كلتا الحالتين، وذلك نظرا لأن سلسلة التراتبية العسكرية يمكن أن تجعل الاتهامات أمرا غير مريح، بل ربما يمثل خطورة بالنسبة للضحايا اللائي يعشن في أحياء مجاورة للرجال الذين يتهمنهم.

وكإجراء احترازي، تنصح المرأة بأن تسافر برفقة أخرى، خاصة هؤلاء الذاهبات إلى القواعد العسكرية الصغيرة، التي تتألف أغلبيتها من القوات العراقية والمدنيين. وتحمل الكابتن مارجريت تافي ماكينامي، القائد في العمليات التحليلية التابعة للاستخبارات في وورهورس، سكينا قابلا للطي ومشعلا كهربائيا ثقيل الوزن ـ كان هدية زوجها في عيد الميلاد والذي يعيش معها هنا ـ كإجراء احترازي عندما تكون وحدها في القاعدة أثناء الليل. وتقول السيرجينت باتريشيا برادفورد، 27 عاما، وهي الجندي المسؤول عن العمليات النفسية، إن الاستخفاف بالنساء سواء كان حادا أم عاديا أمر شائع تماما ويمكن التعامل مع بعضه، بينما ليس من الممكن التعامل معه في بعض الأحيان. فما زال ينظر للمرأة بسخرية في الأماكن المتشددة، التي تكون في بعض الأحيان متوترة في أماكن مثل وورهورس.

وتقول هي وغيرها من السيدات، إن القضايا التي يتم إثارتها عند مناقشة قضية وجود السيدات في المواقع القتالية ـ التحرش، التحيز، والعلاقات الجنسية ـ هي قضايا تتعلق بالانضباط، والنضج، والاحترافية ولا تتعلق بالنقاشات الدائرة حول الفصل بين الجنسين.

وتتذكر السيرجينت برادفورد يوما خلال أول جولة لها، عندما كان موكبها يتحرك صوب الجنوب، بينما تحرك موكب آخر كان به خطيبها الجندي باتجاه الشمال من نفس الطريق. وأثناء الطريق علمت من خلال جهاز اللاسلكي أن موكب خطيبها قد تعرض لهجوم بعدما ابتعد موكبها. فتقول: «لم تكن لدي أدنى فكرة عما حدث له لمدة أربعة أيام، ولكن كان يجب علي أن أستمر في مهمتي؛ لأن ذلك ما تفعله عندما تكون جنديا». (علمت بعد ذلك أنه ظهر من دون أن يصاب بأذى).

وعلى المستوى العملي، لم يكن الجيش مستعدا لكي يستضيف ويلبي احتياجات السيدات في مناطق الحرب ـ بما يشمل المسائل التي تتعلق بالرعاية الصحية وتوفير الخصوصية.

وقبل ذلك كانت القواعد العسكرية هي أماكن بدائية وأكثر خطرا؛ حيث كان للجنود، سواء كانوا سيدات أو رجالا، مساكن ومراحيض بدائية، ولم يكن أي منهم يتمتع بأي قدر من الخصوصية.

ويذكر أن السيرجنت داون كلوكي، الأخصائية في الاتصالات، قضت فترة خدمتها الأولى في العراق ما بين عامي 2005 و2006؛ حيث كانت المرأة الوحيدة بين 45 جنديا يعملون في محطة لإعادة البث في جبال شمال العراق، ثم انتقلت بعد ذلك للعمل في وسط بغداد، وكانت تضطر للنوم في حقائب النوم، ولم يكن لديها حمام أو حجرة خاصة بها، وتقول داون إن تلك التجربة أشعرتها بالوحدة والعزلة.

وتقول في مدة خدمتها الثانية التي تقضيها في وورهورس، حيث إنها مسؤولة عن الاتصالات الخاصة بلواء المركبات الأول التابع لفرقة المشاة الخامسة والعشرين: «لقد كنت أشعر دائما أنني كالوباء».

وما زال وورهورس يصطخب بدمدمة المواكب المدرعة وأصوات المروحيات، التي تنقل الجنود وفي بعض الأحيان المصابين؛ فهذا هو شمال بعقوبة العاصمة الإقليمية لمقاطعة ديالي إحدى المقاطعات الأكثر تمردا. على أية حال، لقد انتهت الحرب، وسيكون وورهورس ـ على الأرجح ـ ضمن القواعد العسكرية الأخيرة التي يتم إغلاقها في العراق قبل أن تكمل القوات الأميركية انسحابها. وفي بداية الحرب، أثار دخول السيدات إلى قواعد عسكرية مثل وورهورس المخاوف من تعرضهن للإهانة وإساءة الاستغلال، بالإضافة إلى المسائل المتعلقة بالجنس والحمل، ولكن أسوأ هذه المخاوف لم يتحقق ـ وفقا لبعض المسؤولين.

ولكن النساء يمكن أن يصبحن حوامل، وهو الوضع الذي يقتضي أن تعود المرأة إلى ديارها خلال أسبوعين، مما يتسبب في إحداث ارتباك بين الجنود في وحدات الأفراد.

وقد رفض الجيش والبحرية أن يعلنا عن عدد النساء اللاتي تركن العراق وأفغانستان نظرا لظروف الحمل، ولكن يبدو أن تلك الحالة حالة نادرة وليست مؤثرة على استعدادهم بشكل عام، وفقا لبعض القيادات. وفي وورهورس، وهو اللواء الأول الذي يتألف من آلاف من الجنود، لم يذهب سوى ثلاث نساء فقط إلى ديارهن نظرا للحمل طوال مدة عشرة شهور.

*خدمة «نيويورك تايمز»

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع