CET 00:00:00 - 06/10/2009

أخبار وتقارير من مراسلينا

• يرجع الوجود المسيحي في العراق إلى قرابة ألفي سنة تقريبًا.
• العراقيون المسيحيون من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن يفتخرون بعراقيتهم المتأصلة في عمق التاريخ.
• تعرض مسيحيو العراق لعمليات إبادة مخططة من قِبل الجماعات التكفيرية.
• حكومة المالكي شكلت لجنة تحقيقية، وذهبت اللجان وعادت اللجان بلا معاقبة للجناة.
كتب: عماد توماس - خاص الأقباط متحدون

يعانى مسيحيو العراق من عمليات ترحيل وتهجير وجرائم ضد الإنسانية على أيدي الجماعات التكفيرية والأصولية المتطرفة التي تجول تعبث فسادًا ببني البشر.
وأكثر ما يعتبر مأسويًا كما يخبرنا الكاتب جهاد الصالح هو رفض الحق الأساسي لجماعات أثنية، وأقليات قومية في الوجود، وممارسة طقوس العقيدة. ولهذا يجري قمعها أو ترحيلها بعنف، أو السعي إلى إزالة هذه الهوية القومية الأثينية من الوجود.

المسيحية في العراق
مسيحيو العراق... خيارات بين التهجير أو الموتالمسيحية هي ثاني ديانة في العراق من حيث عدد الأتباع بعد الإسلام وهي ديانة معترف بها حسب الدستور العراقي حيث أنه يعترف بأربعة عشر طائفة مسيحية في العراق مسموح التعبد بها. يتوزع أبنائها على عدة طوائف و يتحدث غالبيتهم اللغة العربية كلغة أم في حين أن نسبة منهم تتحدث اللغة السريانية بلهجاتها العديدة واللغة الأرمينية.

الوضع المعاصر للمسيحية في العراق
كانت نسبة المسيحيين في العراق حسب إحصاء عام 1947م 3.1% أي حوالي 149 ألف نسمة من أصل الأربعة ملايين ونصف سكان العراق الإجمالي. وقدر عددهم في الثمانينيات بين المليون والمليونا نسمة من مجموع سكان العراق. انخفضت هذه النسبة بسبب الهجرة خلال فترة التسعينيات وما أعقب حرب الخليج الثانية من أوضاع اقتصادية وسياسية متردية. كما أن هذه الهجرة تسارعت وتيرتها بعد احتلال العراق عام 2003 وأعمال العنف الطائفي التي عصفت بالعراق وأدت إلى تهجير عدد كبير من مسيحيي العاصمة بغداد وخصوصًا ضاحية الدورة إضافة إلى مسيحيي المدن الأخرى إلى خارج العراق أو إلى منطقة إقليم كردستان العراق الآمنة نسبيًا.

مسيحيو العراق... خيارات بين التهجير أو الموتالتوزيع الجغرافي
يتواجد المسيحيون في العراق في كافة المحافظات تقريبًا لكن وجودهم يتركز في العاصمة بغداد حيث يتواجد أكبر تجمع سكاني لهم وفي منطقة سهل نينوى قرب الموصل شمال العراق. في حين أنهم يتواجدون في دهوك وأربيل والموصل والبصرة والعمارة والحلة وبعقوبة والبانية وكركوك وغيرها حيث تتواجد كنائس لهم فيها.

التوزيع الطائفي
يتوزع مسيحيو العراق على عدة كنائس تنتمي إلى عدة طوائف تتبع طقوسًا مختلفة. غالبية مسيحيي العراق هم من أتباع الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، والطائفة السريانية الأرثوذكسية، والطائفة السريانية الكاثوليكية.

التوزيع الطائفي الحالي
من الصعب جدًا معرفة التوزيع العرقي والطائفي الحالي في العراق، بسبب ظروف الحرب والفوضى الأمنية والهجرة المكثفة، إضافة لكثرة الزيجات المختلطة. فقد خرج الكثير من العرب السنة ومن المسيحيين إلى خارج العراق. وهناك عراقيين شيعة ممن طردهم صدام إلى إيران بتهمة التبعية الإيرانية في الحرب العراقية الإيرانية أو فروا إلى الخارج بسبب ملاحقة النظام السابق لهم خاصة بعد انتفاضة 1991 قد عادوا.

الوجود المسيحي في العراق عبر التاريخ
كنبسة الموصل قديمايعود بنا جهاد الصالح إلى التاريخ، حيث يجمع الكثير من المؤرخين والباحثين حول الوجود المسيحي في العراق بأنه يمتد إلى قرابة ألفي سنة تقريبًا، وهم يعتبرون من قدامى العراقيين بل من قدامى المسيحيين في العالم، ويعتبر القسم الشمالي من بلاد ما بين النهرين المركز الحقيقي لكل المسيحيين في الشرق، حيث تنتشر فيها أعرق الكنائس والأديرة القديمة التي يعود تاريخها إلى بدايات القرن الأول الميلادي.
وهناك تقليدان عن دخول المسيحية إلى العراق، أحدهما ينسب البشارة الأولى للمسيحية للقديس توما الرسول، والآخر يقول إن القديسين (أداي وماري) هما اللذان بشّرا في أعالي ما بين النهرين ثم نزلا جنوبًا عبر حوض ما بين النهرين، ويرجع ذلك إلى نهاية القرن الأول المسيحي.
وقد دافع المسيحيون العراقيون الأوائل عن وجودهم ومعتقداتهم دفاعًا مستميتًا حسب ما يقوله المؤرخ العراقي سيار الجميل، وما زال الكثير من القصص والملاحم تتناقلها الألسن حول المسيحية منها قصة مار بهنام والذي يسمى الشهيد وأخته سارة. وتقوم الناس بزيارة دير ما ر بهنام الواقع قرب قرية النمرود التاريخية (30 كم جنوب شرق الموصل) ليتناولوا ذكر ملحمة الشهيدين.
ناهيك عن الكثير من قصص وملاحم الرهبان المسيحيين الموصليين الأوائل (مار ميخائيل ـ مار يعقوب ـ مار توما ـ مار متى ـ مار يوحنا)، وتعتبر كنيسة مار بهنام، شرق الموصل، ودير مار متى شمالها، من الكنائس القديمة (القرن الرابع الميلادي).
يتكلم المسيحيون في العراق اللغة العربية والكردية، لكن لغتهم الأساسية هي الآرامية (قرى سهل الموصل) والتي هي لغة السيد المسيح، والتي لا تزال تستعمل في طقوس الكنيسة، وهناك اللغة السريانية التي يتحدث بها الكثيرون.
العراقيون المسيحيون من كلدان وسريان وآشوريين وأرمن يفتخرون بعراقيتهم المتأصلة في عمق التاريخ: سومر ـ آكد ـ بابل ـ آشور ـ الدولة الكلدانية... ويزداد فخرهم كون العراق يُعتبر مهدًا لولادة المسيحية وذلك على يد رسل السيد المسيح في مدن العراق (بابل ـ ساليق ـ كشكر ـ ميشان ـ حدياب ـ نصيبين ـ داسن ـ زوزان ـ كرخ ـ سلوخ ـ المدائن...)

مسيحيو العراق... خيارات بين التهجير أو الموتمسيحيو العراق بعد سقوط نظام صدام
اليوم وبعد سقوط نظام صدام فقد أخذ الاضطهاد في حق المسيحيين داخل العراق يأخذ منحى آخر. اضطهاد تمارسه مجموعات إرهابية ـ قومية وعنصرية، هي من بقايا النظام السابق. ذات الفكر الديني المتطرف أو ما يسمى الإسلام السياسي وتحت تسميات متفرّعة (مقاومة ـ جهاديون ـ بناء إمارة إسلامية).
لقد برزت مأساة المسيحيين العراقيين على واجهة الأحداث بعد تعرضهم لعمليات إبادة مخططة وتعرض كنائسهم في عدد من المدن العراقية إلى الحرق والتفجير والتخريب والهجوم المسلح، إلى درجة خلت مدينة البصرة وجنوب العراق كله تقريبًا من المسيحيين، وأجبر عشرات الآلاف من سكان بغداد المسيحيين إلى ترك بيوتهم وأعمالهم وممتلكاتهم، والهرب طلبًا للأمان. وكان المسيحيون في منطقة الدورة ببغداد قد أفادوا أن التكفيريين طلبوا منهم من خلال منشورات، الهجرة وترك إمارتهم الإسلامية (الدورة) أو أن يعتنقوا الإسلام أو يدفعوا الجزية، كذلك تقوم الجماعات الإرهابية بخطف المسيحيين وطلب فدية قد تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات مقابل إطلاق سراح أحدهم، وأيضًا القيام بنسف البيوت، وقد قام مسلحون بقتل كاهن كلداني وثلاثة شمامسة بعد انتهاء القداس في الموصل ذات الغالبية السنية، وعثر على جثة الكاهن
وأدانت وزارة حقوق الإنسان العراقية واستنكرت الأعمال المجرمة بحق المسيحيين من أبناء العراق وتهجيرهم، ووصفت الإرهابيين بالزمر الظلامية. ولكن هل يكفى الإدانة والاستنكار والكنائس تحطم والنفوس تموت!!

هجرة قسرية
مسيحيو العراق... خيارات بين التهجير أو الموتيشير لنا تقرير بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق إلى أن 44 في المائة من العراقيين الذين يطلبون اللجوء إلى سوريا هم من المسيحيين، ويمثل المسيحيون المجموعة الأكبر من طالبي اللجوء إلى الأردن، وهناك هجرة واسعة إلى تركيا والسويد واستراليا، والنزوح إلى كردستان.
وقدّرت الأمم المتحدة في تقريرها لعام 2007: أن 1.5 مليون مسيحي آشوري كانوا يعيشون في العراق قبل عام 2003، وأن نصفهم فّر من البلاد في السنوات الأخيرة، وتؤكد التقارير أن أكثر من مائة ألف منهم نزحوا إلى سوريا، وحوالي ستة آلاف إلى لبنان.
إن استمرار المشهد الطائفي الدموي وتحول أرض العراق إلى ساحة صراع بين قوى إقليمية متعاونة ومتعاطفة مع القاعدة وأيتام نظام صدام، لأجل القضاء على التجربة العراقية الديمقراطية والحرّة، باتت تهدد بإفراغ العراق من أبنائه وخاصة الشعب المسيحي بتنوعاته، في ظل أفكار التطرف الأصولي والعنف والإرهاب، وباتوا على شفا خطر حقيقي وانقراض قومي وشيك، وتشتت جغرافي وعقائدي.
لهذا فإن مسألة المحافظة عليهم وحمايتهم تقع على عاتق المجتمع الدولي، بما فيها الدول الإقليمية، في سبيل ديمومة المثل الإنسانية السامية والسلوك الحضاري والفكري، والحفاظ على تعايش الشعوب المشترك، تحت لواء ثقافة الإنسان.

مسيحيو العراق... خيارات بين التهجير أو الموتمسيحيو العراق والمجرم المعلوم
الكاتب العراقي وليد الزبيري فى مقاله المعنون بــ "مسيحيو العراق والمجرم المعلوم" ينتقد موقف وسائل الإعلام التي توقفت عن تسليط الأضواء على مأساة المسيحيين العراقيين, خاصة الآلاف منهم الذين يسكنون مدينة الموصل, ويرصد الزبيدى تداعيات ما تعرضت إليه العائلات المسيحية التي مازالت تتواصل, فهناك العائلات التي وصلتها التهديدات المكتوبة أو خلال الهاتف النقال، وهناك من وجد كتابات على جدار منزله تحذره من البقاء, إلا أن هذه العائلات غير قادرة على الرحيل وليس لديها الإمكانات المادية لتحمل أعباء الحياة بعيدًا عن منازلها، وغير قادرة على دفع مبالغ ايجارات في أماكن أخرى, وفي الوقت نفسه يعيش هؤلاء تحت هاجس الخوف من القتل, فلا يستطيع أحد الخروج من المنزل وإذا اضطر فيكون في غاية الخوف والحذر.
ويضيف الزبيدى أن المسيحيون العراقيون تعرضوا في مدينة الموصل إلى أبشع الممارسات، البعض منهم تم اغتياله، والآلاف اضطروا للهروب خارج مناطق سكناهم أو خارج العراق، ونزحت إلى سوريا أكثر من خمسمائة عائلة.
يؤكد الزبيدي أن حكومة المالكي شكلت لجنة تحقيقيه وذهبت اللجان وعادت اللجان, وقال عضو في برلمان العملية السياسية أن نتائج التحقيق أمام المالكي, وانتظر الكثيرون خروج كلمة تتحدث عن الجهات المجرمة التي اغتالت الأبرياء وهجرت الآلاف من أبناء مدينة الموصل, وحتى هذه اللحظة لم تخرج نتائج التحقيق، وتم إسدال الستار على جريمة بشعة ترتكب بحق أبناء العراق.

هوامش
•     جهاد صالح، جريدة المستقبل اللبنانية
•     حنا بطاطو، العراق، الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية
•     وليد الزبيدي، مسيحيو العراق والمجرم المعلوم.
•     موسوعة ويكيبديا.

معاناة مسيحيي العراق في صور - اضغط على الصورة للتكبير
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٠ صوت عدد التعليقات: ٢٤ تعليق