بقلم : عـادل عطيـة
ماهي تطلعات الإنسان : حين ينظم أشعاراً ، أو : يغني ، أو : يرقص ، أو : يكتب قصة ، أو : يؤلف مقطوعة موسيقية ، أو : ينحت تمثالاً ؟
هل يخلق لنفسه جواً من الصحو والصفاء ، ينقله على أجنحة الأحلام ؟
وما الذي يجعله يزين بيته بالكماليات ، فيضع فيه اللوحات الزيتية ، والكتب ، والأزهار ، والبيانو ، بشكل يمثل جمال الفن المجرد ؟
هل هي لذة الحياة ، ومتعة إستعمال الألوان المختلفة ، ورؤية العالم كأنه مسرح كبير ؟
ولماذا نهمل رحلة إلى السوق لشراء حاجاتنا الضرورية ؛ لنذهب إلى نزهة خلوية نناجي بها أنفسنا ، مع إننا لا نكسب شيئاً مهماً في هذه النزهة ؟
هل لأن للأشياء البدائية والأساسية ، قدرة عظيمة على التأثير على القلب ؟
قد نتصور أننا نحتاج لعمال وبنائين وخياطين ، أكثر من حاجتنا من الشعراء والمصورين !
فالشاعر ، قد لا يقول إلا أشياء خيالية !
وقد لا تكون لمقطوعة الشعر معنى كمعظم الأشياء في الطبيعة !
ولا يفعل الرسام إلا أهراق الزيت على القماش !
ومع ذلك ، فالإنسانية لاتُقدّر باني " الأوتوستراد " ، مثلما تُقدّر : فيدياس ، ومايكل أنجلو ، اللذان تكاد تماثيلهنا تعرقل السير !
وهي لا تمجّد الحكام الذين يسنون القوانين والشرائع ، مثلما تمجد : جوته ، وشكسبير، اللذان يحدثاننا عن أشياء لم نرها ، وسوف لن تتحقق أبداً !
هل هو سحر العالم الذي سيظل نتخيله ، في أي شكل يكون ذلك ، والذي يتصل بنا عن طريق الصور المرئية ، التي لها من الجدة والقوة ، ما يجعلها تختطف خيالنا وتفرّ به ؟
هل هي محاولة إعادة صياغة العالم عن طريق : الأدب والفن ، وهي مكوًناته الذي يحلم المفكر بتفسيره ، بمقدار ما يحلم الأديب بتصويره ، والفنان بتجسيده ، والمرء بمعايشته ؟
هل لأن الإنسان ، يحاول أن يجد سبيلاً إلى الخلود ، يحاول أن يترك مولوداً يخلّد إسمه ، ونحن نحب الخلود ، ونقتفي أثره ؟
وماذا وراء مشهد رجل يحرث حقلاً ، أو : فتاة تملأ جرتها من العين ، أو : أم شابه مع طفلها ، أو : صياد يرتق شباكه ، أو : نور ينبعث من كوخ منعزل في ليلة ظلماء ، وهي نفسها أفضل مواضيع الشعراء والرسامين ، ومع أنها ليست بقدم الهضاب ولا تملك قدرتها على الإستمرار ، فهي تأسرنا أسراً جميلاً
هل لأنها : أكثر أهمية وفصاحة ؟
أم لأن الطبيعة مثيرة للإهتمام بسببنا نحن ؟
ذلك هو السؤال
وذلك هو الإنسان ، الذي قال عنه أندريه مالرو :
" ثمة شيء أبدي يبقي في الإنسان ،
" الإنسان الذي يفكر ،
" شيء اسميه شطره الإلهي ،
" ذلك هو قدرته على أن يضع نفسه بإستمرار موضع السؤال " !
|