الشرق الأوسط - منى مدكور |
نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان: مشهد مثول مبارك للمحاكمة حمل احتراما كاملا لحقوق الإنسانية - نحن ضد تخوين منظمات المجتمع المدني غير الحكومية، على العكس، عدد كبير من هذه المنظمات يحتاج إلى تمويل حقيقي، لأن الدولة لا تستطيع أن تقدم لهم هذا الدعم، ولكن الأهم هنا أن تضع الدولة الضوابط اللازمة لمعرفة أين تصرف هذه الأموال بالضبط، ومن حق الدولة أن تضع الضوابط المعقولة دون التدخل في عمل هذه المنظمات، حتى لا تتحول إلى منظمات حكومية. وهناك منظمات لا تقبل التمويل الخارجي بالمرة، مثل المنظمة العربية لحقوق الإنسان. - فكرة الضوابط التي أتحدث يفترض أن تنهي هذا الجدل، فالدولة عليها أن تضع الرقابة المالية، لأنه من حقها أن تعرف كيف يتم تمويل هذه المنظمات، وإعلان السفارة الأميركية أوجد شكا كبيرا جدا لرجل الشارع المصري، ومن المهم لنا أن نعرف الآن ما هي المنظمات التي حصلت على هذه الأموال، وما هو المطلوب منها أن تفعله حيال هذه الأموال، نعم، لقد ألقت التصريحات الأميركية بالشك على هذه المنظمات. - إن هذه المنظمات تعمل جنبا إلى جنب مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، ولا تتعارض معه أو تقلل من شأنه، ولكن الدولة مطالبة بتمويل منظمات المجتمع المدني، وهذا حقها، مثل بعض الدول الأوروبية التي تقوم بخصم جزء من أموال الضرائب وتوفر تمويلا داخليا لهذه المنظمات، ولكن للأسف النظام السابق كان يلاحق هذه المنظمات، ولم يكتفِ بعدم تمويلها، وبالتالي عمدت بعض المنظمات إلى اللجوء للتمويل الخارجي، وإلى حمايتها أيضا من قوى خارجية نظرا للبطش الذي تتعرض له من الداخل. - نحن حاليا نعد لمشروع قانون سيغير مجرى تأسيس منظمات وجمعيات المجتمع المدني، وسيوضع أمام رئيس الوزراء قريبا، سنتلافى فيه عيوب النظام السابق التي تحجّم عملها وفي نفس الوقت تعمل على دعم عمل هذه المنظمات مع الحكومة من خلال ضوابط رقابية مالية معينة لترفع عنها الشك وتدعم الشفافية في عملها. - لا، على الإطلاق، بل على العكس تماما هذا مشهد حمل احتراما كاملا لحقوق الإنسانية، والدليل أن مثوله (مبارك) تم بعد تقارير طبية كثيرة تؤكد قدرته على ذلك، مع عدم تعريض حياته للخطر، وفي نفس الوقت كان وهو في المحكمة حوله الطاقم الطبي الخاص به، والرعاية الصحية الكاملة متوفرة، وهذا يؤكد على احترام حقه كإنسان في تلقي الرعاية الطبية طالما كان مريضا، حتى وإن كان في ظروف استثنائية مثل المثول أمام المحكمة. إن مصر بمحاكمة مبارك وبعض رموز النظام السابق أمام قاضيهم الطبيعي وعلنيا، أكدت أنها تدخل بوابة دولة القانون من أوسع أبوابها. - الفارق كبير جدا، فلقد سجنت ومعي مجموعة أخرى من الوزراء بناء على اختلافات في المواقف السياسية مع السادات، لقد كنت سجينا سياسيا، أختلف مع الرئيس في الرأي ولي الفخر أنني كنت كذلك، ومكثت في السجن عشر سنوات لاختلافي مع السادات، وهناك الكثيرون الذين اعتبروا سجننا هو نتاج موقف وطني يحسب لنا لا يحسب علينا، لكن الوزراء المحبوسين اليوم جاءوا في اتهامات لها علاقة بقضايا فساد وإضرار بالمال العام، وهو شيء يدعو للخجل وليس للفخر. - حين يكون السجين من الشخصيات العامة المعروفة يلقى في الغالب معاملة فيها احترام، وعدم إهانة كرامته بشكل عام، وهذا عرف جرى في السجون المصرية ويطبق أيضا بناء على لوائح السجون المصرية منذ سنوات طويلة، بسبب أن معظم السياسيين والمعارضة في مصر سجنوا من قبل، فأصبح هناك تقليد داخل السجون المصرية للتعامل مع سجناء الرأي، ولكن في النهاية لا يوجد امتيازات كبيرة كما يشيع البعض، فالسجن سجن في النهاية. - لقد تأكدنا أن هناك قناصة كانوا موجودين على أسطح المنازل وقاموا بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، لكننا لم نصل إلى الجهة المسؤولة عنهم، وقامت بتوجيههم، ولا من أين حصلوا على الأسلحة التي قاموا بواسطتها بقتل الثوار، ولقد طلبنا من النائب العام التحقيق في هذا الملف على وجه السرعة، لكن مما لاشك فيه أنه كان هناك قناصة مدربون على أسطح المنازل، ولم يكن القتل عشوائيا. - هذه أول مرة أسمع هذا الكلام، ومحامي مبارك لا يؤخذ بكلامه. الأكيد أن اللجنة لم تصل إلى ما يؤيد هذا الكلام أو يشير إلى أن عناصر من حزب الله أو حماس أو أي عناصر أجنبية قد لعبت أي دور خلال الثورة، أو قامت باقتحام السجون، هذا كلام غير صحيح بالمرة. - نعم، هذا صحيح، العدد الفعلي أكبر من الأعداد المعلنة بالفعل، لأن بعض المستشفيات رفضت منح شهادة وفاة لأهالي الشهداء، لأن الوفاة تمت بسبب طلق ناري، كذلك كان هناك من يخشى الذهاب للمستشفيات خوفا من المساءلة القانونية، بالإضافة لكثير من المفقودين الذين لم يتم إحصاؤهم بدقة حتى الآن. - لا أنساق وراء هذا الكلام، بل على العكس سمعت أن العلم المصري في ميدان التحرير رفعت عليه كلمة لا اله إلا الله، محمد رسول الله والصليب معا، والقداس وصلاة الجمعة كانتا تقامان في ميدان التحرير على السواء، وتاريخ مصر كله يروي أن هناك تلاحما شديدا إذا ما كان هناك تهديد خارجي، ولكن كمجلس قومي لحقوق الإنسان هناك مشروعا قانونين يخصان هذا الملف وهما قانون دور العبادة الموحد والخاص بإقامة الكنائس والمساجد وفق شروط موضوعية محددة، منها عدد السكان وعدد المسيحيين في قرى مصر المختلفة، وهناك مشروع قانون آخر لمنع التمييز على أساس الدين أو الحالة الاجتماعية أو أي نوع من التمييز بينه وبين أي مواطن. - لقد تم حل الحزب الوطني بعد الثورة بناء على التقرير الذي أصدره المجلس القومي لحقوق الإنسان في ديسمبر (كانون الثاني) 2010، وهذا يعني قبل قيام الثورة، والذي أشرنا فيه إلى أن الانتخابات كلها مزورة ولم ترق أصلا لمستوى كلمة الانتخابات، لكن المشكلة أنهم لم يكونوا يلتفتون إلى هذه التقارير أو ما يرد فيها، ولكن لم تأت لي تهديدات مباشرة، وذلك راجع إلى أن المجلس القومي يتبع الأمم المتحدة، والمساس به قد يضر بصورة مصر في المحافل الدولية. - نرفض كل إجراء يخل بالاتفاقيات الدولية التي انضمت مصر إليها وصدقت عليها، والمدنيون لا يجب أن يحاكموا محاكمات عسكرية، ولقد تشاورت مع أعضاء المجلس العسكري في الأمر، وقالوا إنهم في سبيل إنهاء هذه المحاكمات، وإن عذرهم هو وجود البلطجية الذين يجب السيطرة عليهم، ولكن ردي أن قانون الجنايات أيضا به ما ينص على ردع هؤلاء البلطجية، ونحن كمجلس ضد المحاكمات العسكرية تماما. - هناك نيات حسنة واضحة، ولقد خاطبتهم، وهناك تغيير في المفاهيم ورغبة حقيقية في التعامل مع رسالة ومهام الشرطة في مصر الجديدة. - الثورات قد تنتكس ولكن لا تموت، وثورة يوليو انتكست في فترة حكم مبارك، وجاءت ثورة يناير لتعيد إحياءها مرة أخرى، وكلاهما كانت قائمة على العدالة الاجتماعية والديمقراطية، وثورة يوليو لم تتمكن من تحقيق هذه المفاهيم كاملة، وعبد الناصر كان زعيما وليس مجرد رئيس دولة، ومات وعنده 52 سنة، واليوم تأتي ثورة يناير لتعيد ما أراده عبد الناصر من عدالة. - كون ثورة 25 يناير بلا قيادة أحد أسباب قوتها في البداية، ولكنها تحولت إلى مشكلة الآن لعدم وجود قيادة يتجمع تحتها الثوار، والعصر تغير الآن. ففي الماضي كانت الأمور تتم من خلال الشكل الهرمي، أما الآن فقد أصبحت الأمور تسير بشكل متشابك أو نظام (شبكي)، واتخاذ القرار في هذا النظام يكون في القاعدة الكبرى من الناس، وهي تتماشى مع التنظيرات الجديدة في العالم بأن القرار يتخذ من خلال القاعدة الجماهيرية وليس من خلال الفرد، والمشكلة الحقيقية فقط أن من قام بالثورة ليس في السلطة الآن، ولكن الذي جعل منها ثورة هو أن كل الشعب شارك فيها ولم ينصب أحدا معينا عليها. لهذا اكتسحت كل العوائق. - نعم، لقد كان احتجابي عن العمل العام على مدار سنوات طوال بسبب أني كنت مراقبا ومحددة إقامتي، ولقد سجنت 10 سنوات من دون وجه حق لمجرد اختلافي في الرأي مع السادات وحينما طلب مني السادات الاعتذار له رسميا مقابل أن يخرجني من السجن، رفضت، وقلت له إذا ما فعلت ذلك سأفقد نفسي للأبد والسجن أفضل عندي من فقدان ذاتي. ومن هنا قررت أن أنتهج ملف حقوق الإنسان فيما بعد لأن أسوأ شيء في الدنيا هو الظلم. - بصراحة أقولها، لأول مرة، إنني قمت بتهريب جهاز راديو صغير في إحدى الزيارات لي، وعرف مأمور السجن، وسألني هل تمتلك جهاز راديو؟ فقلت له: لقد تعودت قول الصدق، ولكن هل إذا قلت لك نعم ستتركه لي؟ فقال لي: لا.. فاعترفت له أن معي جهاز راديو بالفعل، فقام بتحريزه، وفي اليوم التالي صدرت أوامر عليا بإعادته لي مرة أخرى، كما سمحوا لي بدخول الأوراق والأقلام، التي استطعت خلالها إنجاز كتابي «عبد الناصر والثورة الأفريقية». أما قصة السيجار، فهي أنه في بداية السجن كانوا يسمحون لنا بإحضار طعام من المنزل، وكان الوقت المخصص لتناوله ربع ساعة فقط، وبما أني معتاد على شرب السيجار فقد كنت أطلب هذا مع الطعام من أسرتي، ولكن الربع ساعة كانت قليلة وكنت في حبس انفرادي ولا أستطيع تدخينه كاملا في ربع ساعة فقط أو غرفة الحبس الانفرادي، فحدث مرة أن قلت لمأمور السجن إني لن أدخل الحبس الانفرادي ثاني يوم إلا بعد الانتهاء من السيجار، ولا أريد طعاما.. وفي اليوم التالي قيل لي إنه تم السماح لي بأن أدخن السيجار كاملا ثم أعود لزنزانتي، فطلبت من أسرتي وقتها أن تشتري لي أكبر سيجار في العالم حتى لا ينتهي بسرعة، وبالفعل كنت أجلس نحو ساعة ونصف الساعة على السيجار الكبير جدا طالما أخذت الإذن. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع:
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |