CET 13:02:26 - 30/05/2009

مساحة رأي

بقلم : نشــأت عــدلى
من يغلب ويحفظ أعمالي إلى النهاية فسأعطيه سلطانا على الأمم 
من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي

أه يا أبى ، قصيرة الأيام المملوئه بركة ومحبه مهما طالت ، وطويلة جداً أيام المشاحنات ، والمجادلات ، والاتهامات مهما قصُرت ، هكذا عشنا ، وسمعنا ، وتعلمنا.
وفى كل هذه الأيام  ، سواء الطويلة أو القصيرة ، مازالت لنا نبراساً ومثلاً أعلى ، لقد علمّت جيلنا ، وأجيال سابقه لنا ، وأجيال قادمة لن نراها ، المحبة الحقيقية ، إنكار الذات ،كيف يكون لنا قلب كبير نحتمل به كل شيء ، ونصبر على كل شيء ، نصمت ولا نتكلم أو ندافع ، لكي  يتكلم الله ويدافع ، الحق الذي بداخلك كان دائما يزعج الباطل ، ويحرك بواطن الشر فى قلوب محبيه ،  كان تعليمك هو التعليم الأبائى الصحيح ، ولِما لا ، فديرك منذ قديم الأزل هو شعاع    ونبراس لكل المتعطشين للمعرفة ، وهو المدرسة الحقيقية للرهبنة ، لأنك ياأبى أنت مؤسسها وراعيها بشهادة التاريخ الرهبانى القديم والحديث ، فديرك هو الوحيد الذي حافظ على التراث القديم للرهبنة الأصيلة مع الجيل الجديد ، ولكن هذا التعليم الصحيح لم يكن له مكان إلا فى  قلوب محبي الحقيقة ، لأنه سيفسد أشياء كثيرة ، وسيفضح أقوال أباء العصر الحديث ، هم يقولوا ياأبى أن لكل عصر أبائه  ،  فآبائه الأيمان الأولين وأبطاله قد عفي عليهم الدهر ولكن لم ولن يغفي عنهم  ،  وأصبحت لنا أقوال أباء حديثه.

ولولا الخوف من مريديك وتلاميذك الذين يملؤا المسكونة  ،  لعصفوا بك وبأولادك شر عصفه ، ولكنهم أثروا السلامة  ،  نجحوا فى منع كتبك أن تكون فى مكتباتهم  ،  لكن لم يستطيعوا أن يمنعوها من المكتبات السرية لرجالهم  ،  كما لم يستطيعوا أن يمنعوها من قلوب وعقول كل الذين تعلموا محبة الله منها ،  وليست هذه المعركة الوحيدة التى غلبت فيها بصمتك ، بل منذ بداية رهبنتك  وأنت تُحارب ، وسلاحك ، الصمت والصلاة ، فمنذ عام 51 عندما تعبت عيناك ، ونزلت من دير الأنبا صموئيل حسب أوامر أبيك الروحي ، وذهبت لدير السريان  تمت رسامتك قساً ، ولكنك أثرت الوحدة ، وخرجت للجبل للتوحد هناك ، ولكن دائما السيرة العطرة تلاحق صاحبها أينما حل ،  فإذ برئيس الدير يرسل لك الرهبان الأحداث لكي يكونوا لك تلاميذ ، وتكون أنت الأب الروحي لهؤلاء الرهبان الجدد ، ولِما لا وقد أنعم الله عليك بمحبة طاغية  للرهبنة ، واستنارة روحية عميقة ، وكتاب انطلاق الروح يشهد بهذه الاستنارة ولكن عدو الخير لا يهدأ ، وبدأت الحرب من رئيس الدير بوشاية أحد الرهبان حقداً على الروحانيات الغزيرة والعميقة  ، فأثرت السلامة وتركت الدير راجعا لديرك الأصلي الذي ترهبنت فيه ، فإذ بتلاميذك قد سبقوك للدير دون علم منك ، فخضعت للأمر الواقع ، لأنك كنت تؤمن أن  الرهبنة تلمذة .
 
وقد وُضِعَ عليك أن تكون معلما وأستاذ ًلكل هذا الجيل من الرهبان فقبلت بحب وأتضاع  ، لأن الرهبنة كانت لك عشق ،  غايتها الانفصال عن الكل والارتباط بالواحد فقط ، لم تكن لك أهداف أخرى سوى التمتع بحب الله ، ونشر هذا الحب ليكون الكل كما أنت ، لم تقصد أن تكون كاتبا ، أو مؤلفا ً، بل كان هدفك الأساسي هو تعليم الناس طقوس الكنيسة التي كانت معرفتها قليلة وكتبها شحيحة فى تلك الأيام  ،  وأن محبة الله  تسكن القلوب ، هذه  هي غايتك الأساسية ، فلم يكن هدفك هو حب الظهور ، أو أن تكون فى منصب ُتصِلح من خلاله الكنيسة ، لا ،  لم يكن هذا ضمن خططك أو مخططاتك ، حتى الشهرة التي نالتها كتبك ، وتلاميذك الذين تعلموا منها وشربوا الإيمان الحقيقي لم يكن  لها حساب عندك ، وعلى الرغم من قلة هذه الكتب نسبة إلى ُكتّاب آخرين ، ولكن حتى  عناوين هذه الكتب محفوظة لكل تلاميذك ، فالكتابة عندك الهدف منها تعليم الشعب فقط  ،  والدليل على ذلك أن معظم الكتابات الموجودة الآن كُتبت أيام الريان ، أيام الوحدة الحقيقية ، فى الجبل المهجور ، الأيام المباركة بالنسبة لك، التي شربت فيها من نعمة الله بغزارة.
 
وهى أيضاً أيام شماتة وعزل بالنسبة لآخرين ، أيام أن كنت منسياً من كل الناس ، ِمن كل مَن أدعى أنهم تلاميذك ، مِن الذين غرزوا الخنجر بقوة فى ظهرك ، من كل أحبائك ، في ظل هذه الظروف ، أخرجت لنا أروع الكتب وأدسمها ، وبقد ر ما كنت منسياً في نظر أحبائك ، كنت معروفاً للكثيرين بسبب هذه الدرر، التي غيّرت مجرى كثير من القلوب المتحجرة ، كانت لك محبة لم نجدها فى قلب كل مدعى المحبة ، محبة صادقة صادرة من أعماق القلب ، فكانت هى المحرك لكل اتجاهاتك وكل  كتاباتك ، كان لديك شعور جارف بكل المظلومين ،  فى الوقت الذي كنت فيه أنت من أكثر المظلومين ، لكنك جزت كل ذلك دون أية أثار داخلية ، لأن داخلك مشغول بما هو أهم.

وفى سنة 69  استدعاك العظيم عند الله والناس البابا كيرلس السادس لتذهب إلى دير أبو مقار ومعك أبنائك الرهبان الذين خرجوا معك للريان ، ومعهم الذ ين اقتنيتهم    للرب من الريان ، بهؤلاء بْدأت ، وَبدَأتّ الرحلة  ، رحلة البناء ، للنفوس أولا ، والدير  ثانيا ، ومع رحلة البناء بدَأت رحلة الحروب ، وكانت كل مرحله تقدمية سواء فى الكتابة   أو العِمَارة ، كانت بالضرورة تتبعها محاربات كثيرة ، أحيانً خفية ، وظاهرة فى أحيان ٍ أخرى، وليتها كانت محاربة من عدو الخير إبليس ، ولكنها من أبنائك الذين علمتهم  الأصول الرهبانية وأساسياتها ، ولكنك ياأبى لم تلتفت إلى هذا أو إلى ذاك .

ولكن أنظارك   كانت موجهه  إلى لله راعى الكل ، فأخرج الله لنا روائع النعمة الإلهية على يديك ، وكل حرب جديدة كانت تشتعل ضدك ، كانت هناك نفوس جديدة تنضم إليك فى صفوف المؤمنين ، مقاتلين معك بالصلاة ضدّ كل حروب عدو الخير، وهذه الحروب لم تأتى من فراغ ياأبى ،  فكل ما كتبته  وكأن عيناك مفتوحتان ،  تكتب عما ستراه  الكنيسة  من صعاب ومشاكل ، لأن الله أنعم عليك باستنارة داخلية وتحليل دقيق لكل أمر من الأمور اللاهوتية
...                                          
وإلى لقاء مع  باعث النهضة الرهبانية وأبّ رهبان القرن العشرين وفصول من كتابة الكنيسة الخالدة

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٧ صوت عدد التعليقات: ٣٥ تعليق