CET 00:00:00 - 19/04/2010

فاقد الأهلية

بقلم: سحر غريب
نحن ننتمي إلى جيل المحظوظين، وعهد الله محظوظين، لأننا جيل رأى اللحمة وتمتع بملمسها وزارت شوربتها معدته وتمتعت أمعاؤنا وزغردت بمرورها حتى لو كان مرورًا للكرام، وستنظر الأجيال القادمة إلينا وتشاور علينا وتقول عنا المحظوظين أهم، اللي كان عندهم لحمة أهم، وسنظل مثار غيرة وحقد الأجيال القادمة لأننا ذقنا اللحمة، لذا فإنه يتحتم علينا أن نضع خرزة زرقاء درءًا لحسد عيون الأجيال القادمة معدومة اللحمة.

وستُذكر اللحمة المُنقرضة في كتب التاريخ على أنها أكلة لطالما زارت أحلام معدومي الدخل من المصريين الذين عاشوا في عهد حكومة نظيف، ويفسر المفسرون أن رؤيتها في الحلم، خير اللهم أجعله خير، إنما تدل على اقتراب الرزق الوفير والعلاوة القادمة التي لا تشتري إلا مُكعب لحمة لأسرة مكونة من ثلاثة أطفال وأمهم وأبيهم، والبركة في الشوربة، واللحمة لمن لا يملك ثقافة لحمية ولم يرَ الجزار إلا في الأحلام أو على صفحات الجرائد هي نوع من المأكولات كان يأكلها المصري عندما كان متريشًا وأصبح يشم ريحيتها عندما بات فقيرًا يا ولداه وقاطعها مُجبرًا أخاك لا بطل عندما ارتفعت أسعارها بصورة جنونية، وبعد أن أخذ جيب المواطن يئن ويئن ويصرخ معلنًا حالة الفلس التام.

ويمكنك أيها المُعدم أن تتعرف على اللحمة عن قريب إذا شاهدت بعض الأفلام القديمة التي كان المُنتج لا يبخل عليها ويصرف في إنتاجها ببذخ شديد ويشتري بالمستريح كيلوا لحمة بحاله ليستعين به في بيان يُسر الحالة المادية وارتفاع الطبقة الاجتماعية التي وصل إليها المواطن المُشار إليه في الفيلم، فتستطيع ساعتها أن تستمتع أيما استمتاع وتكحل عيناك برؤية الغالية ولكن إياك أن تعشم نفسك وتحلم بتذوقها حتى لا تُتهم بقلة العقل والغباء وسوء تقديرك لأمور جيب البنطلون.

وليس مُستبعدًا بعد أن تُصبح اللحمة من المستحيلات كالعنقاء والغول والخل الوفي، أن تدخل شركات الأدوية قريبًا على مجال اللحمة بقلب جامد فتوفرها على هيئة أقراص تؤخذ عن طريق الفم أو كلبوس في الحالات المستعصية التي تعاني من فقر اللحم بصورة كبيرة.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٨ تعليق