بقلم نسيم عبيد عوض
منذ الفتح العربى إلى عام 1922م ( تأليف د/جاك تاجر)
هذا الكتاب معروف لنا هنا فى الخارج منذ أكثر من 25 عاما , ومرجع مهم لكل الأبحاث والكتابات ورسائل الدكتوراة لأكثر من نصف قرن من الزمان, وقد قامت الهيئة القبطية الأمريكية ومقرها جبرسى سيتى بطبع الكتاب باللغة العربية ونشره عام 1984 ووزع بالآلاف فى انحاء العالم كله, والنسخة التى طبعتها هيئة الكتاب فى مصر هى نسخة مملوكة لى شخصيا وأخذت من مكتبى , وأشكر كل من ساهم فى طبعها ونشرها فى العالم العربى ,
وهذا الكتاب طبع فى القاهرة باللغتين العربية والفرنسية عام 1952 ( الطبعة المصرية برقم 3329/1952) وعلى الفور حرمته الدولة ولا يزال محروما حتى طبعته و نشرته هيئة الكتاب أخيرا الشهر الماضى وتم عرضة فى معرض الكتاب ولاقى رواجا منقطع النظير بإعتباره مرجعا لة قيمة كبيرة للباحثين.
مؤلف الكتاب:
جاك تاجر – من أصل مارونى – كان يعمل محافظا لمكتبة الملك فاروق- وكتب هذا الكتاب كرسالة دكتوراة قدمت الى جامعة السوربون بباريس التى منحته درجة الكتوراة عام 1948 , ويقول جاك تاجر عن نفسه \" لست مسلما ولا قبطيا . وقد تعرضت لموضوع العلاقات بين الأقباط والمسلمين بدافع المؤرخ الذى يسرد الحوادث على حقيقتها لا بشعور القاضى الذى يحكم بين طرفين, ومن البديهى أن يثير هذا البحث بعض التعليقات غير أنى أرحب بكل من يحيطنى بوجهة نظره أو يتحفنى برأيه. \"
والمعروف ان المؤلف لقى حتفه فى ظروف غامضة, ولم يعرف سبب وفاته.
مقدمة عن الكتاب:
شاء الدكتور الفقى أو لم يشأ – على الرغم من انه إستعان بهذا البحث فى رسالته للدكتوراة- فأن هذا الكتاب يعتبره المؤرخين فى مصر والخارج أنه أوفى دراسة علمية فى هذا الموضوع, وأشهر من كتب إنتقادا لهذا الكتاب الشيخ محمد الغزالى الذى ألف كتابا أسمه\" التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام\" للرد على الكتاب ولكنه للأسف لم يأتى بحجة مقنعة ضد ماورد من حقائق بالكتاب ولكنه أكتفى برفض وقائع الإضطهاد التى لازمت الحكم الإسلامى على مر العصور, مع إن وقائع وحقائق إضطهاد المسلمين للأقباط مثبتة بجميع المراجع القبطية والأجنبية وليس هذا فقط بل فى كل المراجع الإسلامية وكل أمهات الكتب العربية, , وقد ذكرها جاك تاجر كمراجع لبحثه هذا من أمثال ابن عبد الحكم , المقريزى والجبرتى وأبن قيم الجوزية فى كتابه \" أحكام أهل الذمة\" و بل وجميع الكتابات الحديثة- لمسلمون معاصرون – تضمنت بكل ماورد ببحث الدكتور تاجر أمثال: - د/ سيدة اسماعيل الكاشف ( مصر فى فجر الاسلام) –دار الفكر العربى- 1947 - د/ قاسم عبدة قاسم ( أهل الذمة فى مصر- العصور الوسطى) دار المعارف1977,
ومن العجب ان الدكتور قاسم من أول من خرج يشكك فى الكتاب فى جريدة الدستور, بعد نشره أخيرا فى مصر ولم يسبق له طوال نصف قرن ان سبق وأنكر ماورد به لأنه كان محرما على القارئ المصرى والعربى. - أحمد صادق سعدا ( تاريخ مصر الإجتماعى والإقتصادى) –دار بن خلدون-1979. - د/ محمد عمارة ( الإسلام والوحدة القومية) – المؤسسة العربية للدراسات والنشر- 1979.
وعموما فى نهاية الكتاب قائمة بالمراجع-
1- المصادر القديمة –أ- المصادر الإسلامية وعددها 23 مرجعا , ب- المصادر المسيحية- 15 مرجعا ووثيقة.
2- المصادر الحديثة: أ المصادر الرسمية 6 من المحفوظات والوثائق الرسمية تركية وأوربية وعربية محفوظة بقصر عابدين. ب- دوائر المعارف والقواميس عدد 2. ج- المجلات العلمية والدوريات وعددها 8.
3- المصادر الشرقية وعددها 11 مصدرا علميا.
4- المراجع الأجنبية: أكثر من سبعين مرجعا. ولكل الباحثين فى تاريخ بلدهم مصر عليهم بقراءة الكتاب والإحتفاظ به فى مكتباتكم كمرجع علمى فريد, وكذلك ببيان المراجع المذكورة فى الكتاب. ملحوظة ضرورية للقارئ : هناك كتب كثيرة فى هذا الموضوع مازالت محرم تداولها داخل مصر ,
ونحن هنا قد طبعنا أغلبها من سنين طويلة وتم نشرها على العالم أجمع ,وحتى كتاب الدكتورة بنت الشاطئ – نساء النبى- وكل كتب القمص سرجيوس , ولابد ان أذكر الفضل للدكتور شوقى كراس الذى كان وراء كل هذة المطبوعات ونشرها ليعرف العالم الحقيقة , وبالفعل كان لهذه الكتب فائدة كبيرة للباحثين المسلمين قبل الأقباط . مقدمة المؤلف: كتب جاك تاجر فى المقدمة \" إن شعب مصر لم يعرف تاريخ العلاقات بين المسلمين والأقباط إلا عن طريق القصص والحوادث التى شوهتها الأحقاد القديمة, وهذه الدراسة لا تهدف إلى إذكاء نار عداوات قديمة , ذلك لأن الأهواء الدينية فى الشرق لم تفقد من حدتها بين المسلمين وألأقباط فى الطبقتين الوسطى والسفلى, فإن القلق المكبوت مازال جاثما رغم التصريحات الرسمية وحسن إستعداد رؤساء الأمة لإزالة مافى النفوس من ضغائن ليتحد العنصرين , إذ أن الأتحاد أول الأسس المتينة لاستقلال البلاد.\"
عرض مختصر عن الكتاب:
( الكتاب يقع فى 325 صفحة من الحجم المتوسط)
1- فصل خاص عن حالة المسيحية فى مصر قبيل الفتح الإسلامى وقد عرضها تاجر فى ثمانى صفحات بإختصار شديد فجاء بحثه – فى نظرى- مشوها ويحتاج الى مراجعة تفصيلات أكثر- , لأنه كان واضحا انها لم تكن فى إهتمامه البحثى.
2- الفتح العربى – إستعداد العرب نحو الأقباط – طابع غزواتهم وموقف الأقباط منهم : - ( اهتم هذا الجزء بعدة نقاط مهمة وأولها ان المسلمين والأقباط فى مصر عنصرين ينتميان إلى شعب واحد. ) أ – استعداد العرب نحو الأقباط – عطف النبى على الأقباط- العرب لا يجدون مبررا سياسيا لفتح مصر- أسباب الفتح الإسلامى لم تكن دينية فقط- ( وفى ذلك يقول الكتاب انه لولا إلحاح عمرو بن العاص لتأخر فتح مصر طويلا, كان عمرو بن العاص فى عصر الجاهلية يقوم بالتجارة مع مصر و وحتى فى كتاباته للخليفة عمر بن الخطاب قال له\" إن فتحها كانت قوة للمسلمين وعونا لهم وهى أكثر الأرض أموالا وأعجزها عن القتال والحرب.\"
3- الشريعة الإسلامية وأهل الذمة: قان القلقشندى بتلخيص الشروط المفروضة على أهل الذمةوهى( الجزية, الضيافة, الإنقياد لأحكامنا , وأن لا يركبوا الحمير بأن يجعل الراكب رجليه من جانب واحد, وأن ينزل المسلمين صدر المجلس وصدر الطريق, التمييز عن المسلمين فى اللباس, انهم لا يرفعون ما يبنونة على جيرانهم من المسلمين, وانهم لا يحدثون كنيسة ولا بيعة فيما أحدثه المسلمين من البلاد.)
4- أحوال الأقباط الحقيقية تحت حكم الولاة أ- طابع الاحتلال العربى( فى وصف عجيب من عمر بن الخطاب خليفة المسلمين عن مصر قولة للوالى عمرو بن العاص\" فإذا أرضك واسعة عريضة رفيعة وقد أعطى الله أهلها عددا وجلدا وقوة فى البر والبحر, وانها قد عالجتها الفراعنة وعملوا فيها عملا محكما..\" - الولاة يتبعون سياسة أساسها المنفعة. وفى هذا الفصل شرح للجزية التى كان يفرضها الوالى العربى على القبط و واتهام عمرو بن العاص باختلاس أموال الجزية , ورغبته فى البقاء الحاكم الأوحد لمصر, وتدهور جمع الأموال والرسوم المفروضة على القبط حتى وصلت الى فرض رسوم على الخضار المزروع والأشجار – النخيل والكروم- وفرض الجزية على الرهبان والأساقفة , - اتجاه العرب إلى اتباع سياسة إستعمارية, - الأمر الخاص باستعمال اللغة العربية فى المعاملات الرسمية, والذى كان له أكبر أثر فى حياة الأقباط الإجتماعية والذى صدر عام 705م (85 هج)فى ولاية عبدالله بن عبد الملك.\"
5-سياسة الولاة المستقلين ( الطولونية والأخشيدية)
6- الأقباط فى العصر الفاطمى بين العظمة والإضمحلال. – حادث نقل جبل المقطم – وإعتناق الخليفة المعز لدين الله الفاطمى للمسيحية وتعمدة فى كنيسة القدس يوحنا وصرف أيامة الأخيرة فى العبادة فى أحد الأديرة. وتنازله عن الخلافة لأبنه العزيز بالله .
7- موقف الصليبيين من النصارى – سياسة صلاح الدين والأيوبيين من الأٌقباط-
8- الأقباط أثناءالحملة الفرنسية على مصر. وسياسة نابليون بونابرت الإسلامية وموقفه من ألأقباط , بونابرت يضحى بالأقباط ليناصر المسلمين, والإسلام ويطلق على نفسه حامى الإسلام.
9- الأقباط وأسرة محمد على , الإعتراف القانونى بالمساواة بين المسلمين والأقباط – احتكار الأقباط لإدارة البلاد المالية .
10- فى الفصول الأخيرة للكتاب يتكلم عن أثر الإسلام فى دين الأقباط وعاداتهم- وماأخذه الأقباط من المسلمين وما أخذه المسلمين من الأقباط, كراهية الأقباط للأفرنج, ودخول الكاثوليكية لمصر, إضمحلال اللغة القبطية,
الخاتمة :
يختتم جاك تاجر كتابة الخطير للغاية بمقولة أخطر بعد دراستة وأبحاثة العميقة فى العلاقة بين المسلمين والأقباط فيقول:\" نريد سياسة قومية خالصة , لا تلتفت فى طريقها النبيل إلى الأديان والمذاهب , ولكنها تتجه دائما إلى مصلحة الوطن.\" وبعد أكثر من 60 عاما من النتيجة التى وصلها يكون هو الهدف. الذى يعمل ويجاهد من أجله كل المخلصيين والوطنيين فى مصر. واننى أشجع الأقباط بقراءة هذا الكتاب ففيه من الحقائق التى هى معروفة لدينا ولكننا نجدها مدونة ومثبوتة بأدلة وإثباتات لا يعلوها الشك, كتاب وثائقى مهم للدارسين والباحثين. |