CET 00:00:00 - 10/04/2009

قرأنا لك

عرض: عماد توماس
هذا الكتاب الصادر حديثاً عن موقع "زواج سعيد جداً" التابع للدلتا لخدمات المجتمع، يمكن اعتباره من أكثر الكتب معالجة لقضايا المرأة المعاصرة، فلا يكتفي بتشخيص الداء لكن يقدم علاجاً، لعله يكون سبباً في توعية المجتمع وتغيير نظرته السلبية نحو قضايا المرأة المعاصرة.

يستعرض هذا الكتاب قضايا مثيرة للجدل بقلم كاتبان بارعان لهما باع طويل في العمل الصحفي والميديا، فالدكتورة آمال توفيق هي إحدى رائدات غلاف الكتابالعمل العام في الصحافة المسيحية، وتولت رئاسة التحرير بقطاع الأخبار بالتلفزيون المصري لسنوات عديدة، وشاركت بتقديم العديد من البرامج الإخبارية والسياسية، كما شاركت في تأسيس مجلة "هو وهي" ورأست تحريرها أكثر من 20 عام، وزوجها الأستاذ نعيم عاطف فهو كاتب وباحث وشاعر مسيحي، كتب العديد من المؤلفات العامة والمسيحية، وقدم الكثير من البرامج في الفضائيات المسيحية، ويهتم بالقضايا الإجتماعية وقضايا الأسرة.
وفي هذا الكتاب يناقش الكاتبان أربعة قضايا تخص المرأة، الأولى قضية الختان، والثانية قضية الإغتصاب ومهانة المرأة، والقضية الثالثة هي التحرش الجنسي بالمرأة، والرابعة سوق النخاسة المعاصرة أو ما يسمى بتجارة البشر... ونحاول هنا استعراض مبسط لهذه القضايا الشائكة.


الختان 1- الختان!
يرى الكاتبان أن ختان الأنثي من العادات والتقاليد الموروثة التي لا يُعرف تماماً متى دخلت في ممارساتنا الحياتية، وتنتشر هذه العادة انتشاراً كبيراً في بعض الدول العربية والأفريقية، حيث بلغت نسبتها في مناطق اليمن الساحلية 96 بالمائة، وتقدر نسبتها في مصربـ 90 بالمائة. ووفقا لليونيسف فإن قرابة 70 مليون إمرأة وفتاة تتراوح أعمارهن بين 15 و27 سنة في الشرق الأوسط وأفريقيا هن من ضحايا ختان الإناث، وتتعرض الكثير من الفتيات إلى صدمات نفسية من جراء هذه العملية، ومعظمهن يعانين بصمت خشية أن ينبذهن مجتمعهن المحلي، وغالباً ما تقوم بعملية الختان سيدات محترفات تستخدمن السكاكين والأدوات الملوثة، وتمارسن نوعاً من تشويه الأعضاء الجنسية.

الختان والموروث الشعبي
يشير الكاتبان إلى أن كثير من الناس توارثوا منذ زمن بعيد مضموناً زائفاً عن الختان يقوم على فكرة أن ختان الأنثى يصونها من الشهوة والإثارة، فيحفظها من السقوط والإنحراف ويقيها من الإنزلاق في المعاصي، ومن هذا المنطلق ينظر إلى هذه العادة كعنصر أساسي من قواعد الإحتشام، وعلى هذا الأساس يلتزم به الناس دون نقاش أو تفكير. وأصبح راسخاً في الوجدان الشعبي أن البنت التي لا تـُجري لها هذه العملية لا يُقبل عليها أحد وقد لا تتزوج، ولذلك نجد أن الختان مقبول بوجه عام في المجتمعات التقليدية، حيث تشكل مثل هذه العادات سمة من السمات الشعبية المتعارف عليها، وتظهر فيه سطوة المجتمع الذكوري الذي لا يعبأ بمكانة المرأة أو بمعاناتها، ولا يسمح بالحوار أو المناقشة في شئونها، وهذا طبعاً لن يتغير إلا بتأثير التعليم والتنمية الاجتماعية والاقتصادية السريعة.

الختان والعقيدة الدينية
يشير الكاتبان إلى انتشار عادة ختان البنات في دول كثيرة، ويمارسها المسلمون والمسيحيون على حد سواء (كما في مصر مثلاً). ويحسب بعض البسطاء أن ختان الأناث (أو ما يسمى بالخفاض) هو شريعة دينية واجبة النفاذ، وينفي الكاتبان ارتباط هذه الممارسة بالدين، فقد وجدت هذه العادة قبل المسيحية والإسلام بزمن طويل، وكل ما في الأمر أن عادة الختان تلائم قيم ومفاهيم الناس عن العذرية وشرف الأسرة من خلال موروثات ومفاهيم تقليدية اكتسبت مع الوقت تقديساً خاصاً!

الختان والطب!
يتحدث الأطباء من منظورهم العلمي دون تدخل في أمر الموروث الشعبي أو الجدل العقائدي، فيريعهم شكل الجراحة البدائية التي تجريها النسوة -الجاهلات بأبسط المبادئ والمعارف الطبية-، فختان الأنثى يختلف عن ختان الصبي في أنه يستأصل أجزاء هامة في أعضائها التناسلية (جزء كبير من البظر والشفرين الصغيرين)، والتي تفقد الفتاة قدرتها على ممارسة علاقة زوجية ناجحة، مما قد يؤدي إلى مشاكل لا حصر لها بين الزوجين!

ختان البنات ومفهوم العفة
لعل أكثر ما يدفع الأسرة إلى عادة ختان البنات هو الفكر السائد حول علاقة الأجزاء المبتورة باشتعال الرغبة الجنسية، وأن بتر هذه الأجزاء يجعل البنت هادئة ومعتدلة في رغباتها! والحقيقة أن هذه الأجزاء هي التي تكفل العلاقة الانسانية الطبيعية التي تيسر التوافق والحميمية، وانتزاعها قد يحرم الزوجة من الرغبة في هذه العلاقة، ويجهلها عبئاً ثقيلاً عليها وعلى زوجها الذي سيتهمها بالبرود والجمود، ويجعل دوره في هذه العلاقة حيوانياً بحتاً لا نصيب للزوجة فيه!

إن بتر الأعضاء الحساسة في جسم المرأة لا يصنع العفة، ووجودها لا يصنع الفجور، فالعفة شيء روحي ينبع من القلب الطاهر والفكر النظيف، ولو كانت القيم تكتسب ببتر الأعضاء لقلنا يجب بتر الأرجل لنكتسب الصلاح لأنها (أرجلنا) قد تجعلنا نسير في طريق الشر، أو يجب قطع الآذان لنكتسب النقاء لأنها (آذاننا) تجعلنا نسمع الكلمات البذيئة!

الأضرار الصحية والنفسية!
يرصد الاستاذ نعيم عاطف والدكتورة آمال توفيق بعض الأضرار الصحية والنفسية لهذه الظاهرة التي تمتهن آدمية المرأة بدعوى الطهارة والمحافظة، منها الشعور بالصدمة التى تحدث نتيجة الألم أو الخوف أو النزيف أو نتيجة لها جميعاً، يلي ذلك تلوث الجرح الذي قد يحدث حالات وفاة بالتتانوس وكذلك احتباس البول، ويضيف الكاتبان أن أخطر الآثار التي قد تسببها عملية الختان على المرأة هو احتمال الإصابة بالعقم وذلك بسبب التهاب الحوض المزمن وحتى إذا استطاعت المرأة الحمل فإن مضاعفات الولادة قد تكون خطيرة، وقد تصل إلى حد وفاة الجنين أو تشوه الدماغ نتيجة لنقص الأوكسجين!

وجوب اقتلاع عادة ختان الأنثى!
يهيب الكاتبان على المجتمع الإنساني اقتلاع هذه العادة القبيحة التي تنطوي على إهدار كرامة المرأة، وقد استطاعت الجهود التي بذلتها المؤسسات في بعض البلاد أن تستصدر قانوناً بتحريم ختان الإناث، وقد أصبح ختان الأنثى في مصر غير قانوني منذ أن أ صدرت وزارة الصحة قانوناً يحرم ذلك في يوليو 1959م، لكن هذا لا يضمن انقطاع هذه العادة، فعمليات الختان لا تسجل رسمياً، وقد تستمر ممارستها سراً، وبأخطار أعظم!
لذلك نحتاج إلى بذل جهود خاصة يشارك فيها علماء الدين في المساجد والكنائس، وكذلك علماء النفس وعلماء اللإجتماع وأطباء أمراض النساء والتوليد، ومعلمات المدارس للقيام بدور في إقناع الرجال والنساء باستئصال هذه العادة، كذلك يجب توعية الداية وحلاق الصحة وغيرهم ممن يمارسون المهنة الخطرة!

الأغتصاب2- الإغتصاب ومهانة المرأة!
يتساءل الكاتبان عن الأنثى المظلومة المقهورة الذليلة المهانة، هل هي طفلة الجاهلية الموءودة يوم ولادتها؟ أم هي المحتقرة التي ليس لها رأي أو قيمة أو ميراث؟ أم هي السجينة في بيت الأب ثم في بيت الزوج؟ أم هي سلعة تجار الجنس والرقيق والقوّادة والنخـّاسة والسماسرة ومصاصي الدماء والمستغلين في كل عصر؟
ويجيب الكاتبان أن كل ما ذُكر يحمل ظلماً ومهانة للأنثى، غير أن الإغتصاب لا يهين المرأة فحسب، بل يحطمها ويدميها ويسحقها، ويبعثر أشلاءها، وينثر رمادها في التراب!

ظاهرة الإغتصاب!
يحمل لنا التاريخ القديم قصصاً أليمة ودامية عن الفتيات والسيدات اللاتي تعرضن للإغتصاب الجنسي، فليس الإغتصاب جريمة مستحدثة، بل هو قديم قدم الشهوة وسوء الخلق!
غير أن الإغتصاب الجنسي في عصرنا لم يعد وقائع مثيرة نادرة الحدوث، بل صار في كثير من بلاد العالم -جريمة متكررة الحدوث- بما يشبه الظاهرة بسبب الهوس الجنسي والإنفلات الغريزي، وفي البلاد الأكثر حرية، حيث لا يُلقى اللوم دائماً على الأنثى المغتصبة، تستطيع نسبة من النساء المعتدى عليهن (تقدر ب40 بالمائة) الإبلاغ عن الحادثة، والمطالبة بحقها المسلوب.
ويقدم الكاتبان سيل دموي من القصص الأليمة لنساء تعرضن للإغتصاب، بهدف التنبيه والتحذير، وحث بناتنا وسيداتنا على توخي الحذر في التعاملات اليومية.

لماذا زادت جرائم الإغتصاب!
يسرد الكاتبان عدة عوامل حولت الاعتداء الجنسي من: "مجرد أحداث عابرة"، إلى: "ظاهرة سريعة التواتر".
من هذه العوامل: انتشار الإعلام الجنسي، سوء التربية وضعف الرقابة، اتساع مساحة الحريات الشخصية، ضعف الحافز الديني والخلقي، تأخر سن الزواج وعوائقه، المخدرات وتغييب العقل.

أين يقع الإغتصاب؟
يرى الكاتبان أن الإغتصاب الجنسي قد يقع في أي مكان، فقد يحدث في أماكن متوقعة: كالبيوت، والشوارع الخالية، والفنادق، والحدائق المظلمة، والأماكن البعيدة عن العمران، والمساكن المهجورة، ودورات المياه وغيرها.
وقد يقع الإغتصاب في أماكن غير متوقعة كالمستشفيات والمدارس، فحيثما وجدت النوايا الآثمة، والنفوس الضعيفة والمضطربة، توجد معها احتمالات الاعتداء الجنسي.
مساندة المرأة المغتصبة

يقدم الكاتبان روشتة علاج لمساندة المرأة المغتصبة، منها تجنب الغوص في تفاصيل الحدث وتحليل أسبابه ونتائجه، فالمغتصبة تحس أنه لا يوجد ما يستحق أن تعيش لأجله، فالعالم كله مستنقع من القبح والظلم، لذلك فالمساندة تستدعي إيقاد شمعة وسط كل هذا الظلام، وهذا لا يتأتى بالقاء العظات أو كلمات المواساة، بل بتقديم نماذج من الحب والخير والعطاء، في مقابل النموذج المعتم الذي اجتازت فيه، وتحس المغتصبة بكثير من الحنق على سلبية المجتمع الذي لم يسرع لنجدتها، بالإضافة إلى إحساسها أنها أصبحت بلا قيمة، والمساندة هي معاونتها على استرداد الثقة بذاتها، وتأكيد القيمة الذاتية لتبدأ من جديد!

التحرش بالمرأه3- التحرش الجنسي!
يحمل التحرش في اللغة العربية -كما يذكر الكاتبان- معنى التعرض بصورة خشنة بقصد الإيذاء، وهو من مصطلحات الصيد، فالحرش هو الإيقاع بالحيوان والتمكن منه وصيده -وخاصة الضب-، غير أن التعبير في استخداماته الحديثة يعني كل ما تتعرّض له الأنثى من مضايقات، بواسطة رجال تصادفهم في مسيرة حياتها، بصورة تسبب لها الضيق والخوف والضرر والإيذاء النفسي- وربما البدني أيضاً!

أبعاد التحرّش الجنسي
يحمل التحرش أشكالاً مختلفة من الإيذاء، منها:
التحرش اللفظي: مثل تعمد بعض الشبان مثلاً -عند مرور السيدات أو عند خروج الطالبات من المدارس- إلى التلفظ بعبارات الغزل الفاضحة، التي يعبرون بها عن عواطفهم المكبوتة او خدش الحياء، وفيه يعمد الرجل غير المهذب إلى التلفظ بعبارات خارجة وبكلمات وتوريات إباحية، قد تكون مصحوبة بحركات ذات دلالات جنسية، تهدف إلى خدش الحياء.
التلامس الجسدي: وفيه يعمد بعض ضعفاء النفوس والمضطربين سلوكياً إلى التلامس الجسدي مع المرأة، مستغلين الممرات الضيقة والزحام والمواصلات العامة وغيرها.
وقد يصل التحرش الى بعد أكبر مثل هتك العرض: وفيه لا يتوقف الرجل عند الإيذاء اللفظي أو خدش الحياة أو التلامس السريع المسروق في الزحام، بل يتعدى ذلك إلى محاولات التعرية ونزع الثياب وربما الإغتصاب، ونادراً ما يحدث ذلك في الأماكن العامة والمزدحمة والمأهولة!

أين يقع التحرش الجنسي؟
من الطبيعي أن تكون هناك أماكن تكون المرأة فيها أكثر عرضة للتحرش الجنسي من غيرها.. فالنوادي الليلية، وبعض الكافيتريات المشبوهة، وصالات الديسكو مثلاً يرتادها كثيرون من راغبي المتعة، ومن الرجال غير المسئولين، الذين يتسلـّون بالأعراض، وكثيراً ما تتواجد في تلك الأماكن نساء ساقطات وقوادون محترفون، وللأسف فإن بعض الفتيات الصغيرات قد يقبلن على هذه الأماكن (بعيداً عن رقابة الأهل) من باب المغامرة والتجربة، أو تحت إغراء زميلات وزملاء مستهترين، وهي بلا شك أماكن ليست آمنة!
وتستطيع كل سيدة أيضاً بحاسة الحذر الأنثوية أن تستشعر مواطن الخطر في المناطق النائية والبعيدة عن العمران، كما تستطيع أن تحس بخطورة الظلام والليل والوحشة، حيث تزيد احتمالات الخطر!
ومع ذلك فإن التحرش الجنسي قد يقع في أي مكان، فحيثما وجدت النوايا الآثمة والنفوس الضعيفة والمضطربة، توجد معها احتمالات التحرش، لذلك فقد يقع التحرش في الشارع أو في البيت أو في المصنع أو في الحقل أو في العمل أو في عيادة طبيب!!

من الذي يتحرش بالمرأة؟
هناك فئات ثابتة وتقليدية تتحرش بالمرأة وتضم السفهاء وغير المهذبين، ومعتادي الإجرام، والقوادون وتجار الجنس وغيرهم.
غير أن هناك فئات أخرى مستحدثة انضمت إلى طابور التحرش بسبب انتشار الإعلام الجنسي الإباحي، ومواقع الجنس الفضائية (التي بلغت عدة مئات من المحطات المتخصصة في تجارة الجنس)، والتي أثرت كثيراً في شيوع التحرش الجنسي، الذي اكتسب عملاء جدد ممن كانوا سابقاً "محتشمين"!
ينبر الكاتبان على أربع فئات خطرة من الرجال هم: العدوانيون والشهوانيون والمراهقون والمغيبون بالمخدرات.

دور المرأة في تجنب التحرش
يدعو الكاتبان السيدات الفاضلات إلى توخي الحذر، واجتناب الخطر بقدر الإمكان! وأشار الكاتبان الى بعض الخطوات التى قد تجنب السيدات تماماً مضايقات الرجال السفهاء منها:
الحرص على تجنب الشوارع الخالية من المارة، والممرات الضيقة، عدم المرور أمام المقاهي التي يتجمع بها "شلل" من الشبان المراهقين.
تجنب الخروج على انفراد في أوقات متأخرة.
عدم دخول أماكن غير معروفة.
عدم قبول المساعدات من الغرباء الذين يقحمون أنفسهم ويعرضون مساعداتهم المريبة.
تفادي ركوب سيارات الأجرة لأماكن معزولة، أن تضع في الإعتبار سلوكيات السائق عند استخدام التاكسي، فإذا استشعرت شيئاً مريباً فالأفضل عدم إكمال المشوار.
عند أية بادرة خطر، يجب الإستغاثة وعدم الصمت أو استرحام المعتدي، فليس من ذلك جدوى.
ويختم الكاتبان هذه النصائح لتجنب الأخطار، بأن تمتلئ قلوبنا بالثقة أن الله قادر على حمايتنا.

النخاسة4- النخاسة.. والنخاسة المعاصرة
النخاسة المعاصرة هي نوع من الرق والعبودية والإتجار بالبشر، يمارسه النخاسون المعاصرون تحت سمع وبصر العالم المتحضر، وعلى مشهد من المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، حيث لا زالت تمتهن كرامة المستضفين من البشر مثلما كان يحدث في القديم!
يشن الباحثان هجوماً عنيفاً على النخاسون باعتبارهم من أحط طبقات البشر وأبلدهم إحساساً، فهم جلادون قساة لا ضمير لهم يمارسون كل أساليب القهر الوحشي، ويلهبون أجساد الضعفاء بالسياط الدامية، ولايقيمون اعتباراً لأي جانب إنساني، فيدوسون بأقدامهم القذرة أجساد الأطفال العرايا، ولا يرحمون طفلاً أو شيخاً أو إمرأة، بل يحملونهم في أقفاص حديدية وسجون متحركة إلى أسواق العبيد! إنها مهنة حقيرة قذرة امتدت آلاف السنين دون حساب أو عقاب أو ردع!
ويرى الباحثان أن تجارة البشر (أوالنخاسة المعاصرة) تجارة واسعة لا تستطيع أن تتصدى لها جماعة أو دولة بمفردها أو قارة، فهي مشكلة عالمية تؤثر على كل القارات وعلى معظم البلدان، وتحدث داخل وعبر الحدود القومية، وتعتبر واحدة من أكثر أشكال الجريمة الدولية اتساعاً وإدراراً للربح!

حجم تجارة البشر
يتم الإتجار في الآلاف من النساء والأطفال كل عام بنقلهم بطرق غير شرعية، ويقول تقرير الأمم التحدة إنه من المستحيل معرفة حجم هذه التجارة بالتحديد، ومن الصعب الحصول على الإحصائيات لأن الإتجار في البشر نشاط يتم بطريقة سرية، كما أن الأبحاث تستند فقط إلى الحالات التي يتم الإبلاغ عنها.
للنخاسة المعاصرة توجهات كثيرة، يأتي في مقدمتها: استخدام النساء في البغاء، وتخطف ربات البيوت من بلاد كثيرة للعمل في الخدمة المنزلية، ويباع الرجال لاستغلالهم في أعمال السخرة، ويباع الأطفال لاستغلالهم في شيء ما بين العمل الشاق أو الإستغلال الجنسي.

إحصائيات مذهلة
يسرد الباحثان أرقام وإحصائيات مذهلة منها ما كشفته تقارير صادرة عن منتدى المبادرة العالمية لمكافحة الإتجار بالبشر في فبراير 2008، الذى قال:
* إن تجارة النساء تحتل المركز الثالث بعد تجارة تهريب السلاح والمخدرات!
* إن الذين يديرون شبكات النخاسة المعاصرة يزيد عددهم عن مليونين وأربعمائة ألف من التجار والوسطاء والمهربين.
* إنه يتم اختطاف الأطفال من بلاد كثيرة مثل رومانيا وبلغاريا وبولندا، وكذلك آلاف النساء اللاتي تخدعهن عصابات التهريب بأوهام الحياة الرغدة في الدول الأوربية المجاورة!
* وذكرت اليونسيف أن هناك أكثر من 300 ألف طفل وصبي يجري استغلالهم كمقاتلين في أكثر من 30 نزاعاً مسلحاً، فيدفعونهم إلى معارك لا شأن لهم بها، ويتعرضون فيها للقتل - بلا ثمن!

النخاسة المعاصرة في المنطقة العربية
يتأسف الكاتبان لحضور بعض بلاد منطقتنا العربية ضمن أكثر البلاد الأسوأ سجلاً لفشلها في منع التجارة في البشر من أجل الجنس والأعمال الشاقة، فقد أدرجت مجموعة من الدول العربية على رأس قائمة من أسوأ 16 دولة في العالم، فشلت في منع هذه الجرائم!

النخاسة المعاصرة وتداعيات الثراء والفقر!
يرى الباحثان أن للنخاسة ثلاث دعامات يقوم عليها هذا العمل التراجيدي اللا أخلاقي، وهذه الأطراف الثلاثة هي: الفقر والثراء والوسيط!
فالفقير يحتاج إلى مال الغني، والغني يريد شراء جسد الفقير، والوسيط يريد ابتزاز الطرفين!
وقد توافرت العناصر الثلاثة في المنطقة العربية، فالثراء متوافر في دول النفط (القليلة السكان)، والفقر متوافر في بقية الدول (ذات التعداد الضخم)، أما الوسطاء فمتوافرون بين ضعاف النفوس.
ويعتبر الباحثان أن أبرز صور النخاسة المعاصرة في منطقتنا هي زواج المسنين والشيوخ والكهول الأثرياء الوافدين من دول الخليج بالصبايا الصغيرات من بنات الدول الفقيرة.
ففي هذه الظاهرة القبيحة يقوم الدلالون والوسطاء بالتسلل إلى بيوت الفقراء، والبحث عن الفتيات الصغيرات الجميلات الراغبات في الهروب من براثن الفقر المدقع الذي يعيشون فيه والطامحات في تحقيق حياة أفضل من تلك التي يعيشونها، ويعزف الدلال على هذا الوتر حتى يزين للفتاة فكرة التضحية بشبابها وجمالها في مقابل مسكن أفضل وطعام أوفر وملابس أثمن، وهي الأشياء التي يستحيل أن تتوافر لها عن طريق الزيجات المحتملة في بيئتها الفقيرة!

يبقى أن نقول إن هذا الكتاب هو الجزء الأول من سلسلة "قضايا المرأة" والتي ننتظر منها المزيد من الكتب بنفس هذه الحرفية والمهنية في الكتابة ومعالجة القضايا التي يطرحها.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٨ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق