الذى لم يستطع أن يخرج ببلده من البحيرة الاسنة . ما أتعس حياتي علي أرضك يا مصر . جاءت ولادتي في مخبأ أثناء غارة جوية (المانية) علي مدينة القاهرة ، فكانت اصوات القنابل وطقطقات المضادات الارضية اول ما سمعت من أصوات وكانت انعكاسات أضواء الكشافات العملاقة التي تجوب السماء المعتمة بحثا عن طير الابابيل هي اول ما شاهدت وبين صرخات الذعر وهمسات الخوف علي الام والطفل كانت صيحتي الاولي .. ومنذ تلك اللحظه لم أتوقف عن الصياح.
مع افتتاح القرن الحادي و العشرين .. كنت شديد الحماس أن يكون القادم قرن التخلص من كوابيس الطواغيت التي تحكم بلداننا من فارس حتي صحارى الامازيج .
ظلت ميكانيزمات إختيار رئيس الوزراء و طاقمة في مصر سرا (كهنوتيا) .. لا يتمتع بمعرفة إسلوبه و أسبابه إلا رهط من الملأ الاعلي المحيط بالرئيس القائد زعيم الامة.
كلما زاد مستوى البؤس و الحاجة بين المصريين في زمن حكم ضباط ( يناير/ يونيو ) ..إرتفعت عند البعض هامات ضباط ( يوليو / مارس ) حتي قاربت أن تصل إلي عنان السماوات العليا .. و وضعت هالات الفخار والانتصار للفقراء حول راس صاحب ( حرية إشتراكية وحدة )..وزملاء له كانوا يسمون أنفسهم الضباط الاحرار
كتب ديورانت في قصة الحضارة المجلد الثاني ((لعل الفتح الاسلامي للهند أن يكون أكثر قصص التاريخ تلطخا بالدماء إن حكاية الفتح لمما يبعث اليأس في النفوس لأن مغزاها الواضح هو أن المدنية مضطربة الخطي وأن مركبها الرقيق الذى قوامه النظام ،الحرية ، الثقافة والسلام قد يتحطم في لحظة علي أيدى جماعة من الهمج تأتي غازية أو تتكاثر في الداخل متوالدة))
في مجتمعات الوفرة و التنافس ..تتعدد المنتجات .. و يحتار المستهلك في إختيار السلعة .. فالمعروض متنوع و متفاوت الاسعار بصورة تجعل لكل ذوق و لكل ميزانية .. ما يناسبها ..
هؤلاء الذين يرون الحال في مصر يخضع لمقولة ((ليس في الامكان أفضل مما كان )) و كدة مرضية وعسل في الغالب يحتاجون لنظارة (عقلانية) .. حتي يرون الواقع بدون إضفاء خيالاتهم و تمنياتهم علية .
كأنني أشاهد نفس العرض ..و أعرف نهاية الفيلم ..حكومة شديدة الضعف مفروضة علينا بإرادة علوية سامية ، تتخبط ، تكذب وبنفس السرعة تزور الحقائق و لا يهم أفرادها إلا رضا الزعيم المفدى صاحب المعجزات و الانجازات ...التي لا يصدقها إلا ساذج أو مستفيد .
حياتنا بطولها و عرضها همسة في عمر الكون.. و قد نظل لفترات طويلة علي يقين بأمر ما .. ثم نجد في لحظة أننا كنا من المخطئين.
علاقه المصريون بالهتهم ( التناسلية) نجدها في جميع عصور التاريخ القديم .
منذ هزيمة يونيو 1967 .. و نحن كمصريين .. نتجنب أن نشير لهذا الحدث .. و نخجل أن نناقشة .. و نضع بديلا له عبور أكتوبر لخط بارليف .. ثم نتوقف
لم أعد أتعرف علي هذا المكان الذى نعيش فيه .. هل نحن في بلد محترم له دستور وقانون .. و حقوق للمواطن .. ام في طابونة الحاج هيمه..يستطيع المعلم في اى لحظة أن ينظر للعاملين بها .. ويقول ((كل واحد يلس لباسة و يورينا عرض كتافه .)) لا أعترف بما يسمونه مجالس عرفية تنتهي الي قرارات ظالمة يصدرها بشر غير مؤهلين للحكم .. لصالح بشر غير معاصرين لتطورات الحياة ضد بشر مستسلمين لقدرهم.
منذ زمن ((تشترى ساعة بكاتينة .. من غير عقارب و لا مينا ))و لم أشاهد الفوازير الرمضانية ..أو البرامج التلفزيونية والاذاعية التي تعد للاحتفال بهذا الشهر..و عندما يدور الحوار حولي بين الاصدقاء و الاقارب عن احداث المسلسلات أغادر المكان
الصديق رسام الكريكاتير بهجت عثمان الذى غادرنا منذ عام 2001 ، هو صاحب هذا التعبير الذكي الذى صكه في نهاية تسعينيات القرن الماضي و رغم هذا لم يصبح صادقا فى يوم بالقدر الذى هو عليه الآن .
منذ بداية الوعي بالتواجد و الانسان يحاول أن يجد طريقا داخل ضباب الجهاله الذى يحيط به من كل جانب ..ولانه لم يكن يملك الادوات المنطقية والعلمية والمختبرية للمعرفة .. فلقد تاه لالاف السنين .. يجرى خلف أصوات غامضة أو إيحاءات غير واضحة أو صور لم تكتمل .
إن العرب كما كتب كل نـُسّاخ الاخبار منذ بداية غزوهم لمصر قاموا بإساءات ضد المصريين لازالت مسكوت عنها .. داخل إطار صمت جماعي أقرب للمؤامرة (( حينما إستولوا علي نقيوس (وكانت مركزا للديانة المسيحية ) قتلوا الآلاف من أهل المدينة والجنود ونهبوا كثيرا من الأسلاب وأسروا النساء والأطفال وتقاسموهم فيما بينهم وجعلوا المدينة قفرا)) .. ((كانت مصر فريسة للعربان وكان عندما يدخل المسلمون بلدا يقتلون الرجال ويغتصبون النساء ويأخذون الأطفال ولم يشفقوا علي أحد، نهبوا وقتلوا كل ما هو موجود وحرقوا ما تبقي قبل ان يغادروا)) (( دفع عمرو بالآلاف من المصريين لحفر خليج تراجان بأمر من الخليفة عمر حتي تسير فيه السفن حاملة الخيرات المنهوبة من مصر الي الحجاز وذلك إثر مجاعة حلت بالعرب عام 21 هـ )).
بالامس .. كان عيدا.. خرج الرجال يرقصون في الشوارع .. ويغنون .. و النساء يرفعن أعلام السعودية .. و يتداول الناس .. فيديو تقول فيه إحداهن .. (( لو طلب الملك سلمان الاهرامات .. حنديهم له .. و عليهم أبو الهول .. وأم الهول كمان )) ترى من هي أم الهول هذه ..إلا فتيات مصر اللائي يبعن لشيوخ الخليج .. بثمن بخس .
دافيدس لاندر دون في رسالتة للدكتوراه عام 1958 و التي ترجمها الدكتور عبد العظيم انيس تحت عنوان ((بنوك و باشوات )) أنه (( في مرحلة الستينات من القرن التاسع عشر قامت حرب أهليه طويله في أمريكا أوقفت امدادات القطن عن العالم و عطلت أكبر الصناعات الانتاجيه و حولت زغب الخيوط البيضاء الي ذهب )) مصانع مانشيستر ،روان ، فلاندرز ، و الالزاس عانت من نقص الخام و سيطرة المضاربين في البورصه لدرجة أن مصانع لانكشير اغلقت و سادت البطاله بين أعداد كبيره من العمال .
لسنا في حاجة لقراءة هذا الكتاب لنتعرف علي حجم (الهبل) الذى يحتوية يكفي أن تقرأ مقدمة المترجم .
عندما أتابع تصريحات السادة الوزراء عن مشاريعهم المستقبلية أو خططهم التي يقدمونها من خلال بيان الحكومة أمام البرلمان ..أشعر انني في ميدان من ميادين القاهرة (بالتحديد مدخل مدينة السلام ) حيث تتقاطع عدة شوارع و تتصارع السيارات .. من اول الكارو التي يجرها حمار حتي المرسيدس الفاخرة التي لا يكف صاحبها عن السب و إطلاق الشتائم .. في شو عشوائي كوميدى لا تراه الا بين المصريين المعاصرين .