ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

ارتجاج مخ وصراع العلم والبيزنس

خالد منتصر | 2016-02-25 07:13:03

خالد منتصر «كنت أتعامل مع اللاعبين كسيارات السباق، أجرى بعض الصيانة لكى يستكملوا السباق ولا يهم هل سيعيشون أصحاء بعدها أم لا، المهم أن ينجح السباق ونجنى الأموال»!!، كلمات قالها الطبيب المشرف على فريق كرة القدم الأمريكية للطبيب الشرعى بطل فيلم «concussion»، الذى توصل عبر أبحاثه إلى أن الصدمات الدماغية المتكررة لهؤلاء اللاعبين تنتهى بنسبة كبيرة من اضطرابات المخ، بطل الفيلم ويل سميث، الذى تعودنا منه على الكوميديا والأكشن، يقدم دوراً جديداً متميزاً ومختلفاً مقتبساً عن قصة حقيقية؛ طبيب شرعى نابه مهاجر من نيجيريا إلى بلاد العم سام، يعشق عمله ويمارسه بغرام وفن وتبتل، يخاطب الجثث قبل أن يقتحمها بالمشرط، يستهلك أدوات كثيرة تتسبب فى خسارة مادية للمؤسسة لأنه لا يستخدم الأداة أكثر من مرة واحدة، قادته ملاحظته الدقيقة إلى التساؤل عن السبب الحقيقى لموت لاعب كرة القدم الأمريكية الشهير فى الخمسين من عمره بدون تلك الأسباب الروتينية المحفوظة، وبرغم كل التحاليل والأشعات السليمة، مع تشريح المخ ومن خلال عينات الهستوباثولوجى تحت الميكروسكوب،

وصل إلى نتيجة أن هناك بروتيناً تراكم فى شرايين المخ وسدها بتكرار الصدمات الرهيبة التى تعرض لها هذا اللاعب، تكررت الملاحظة مع عدة لاعبين آخرين ومنهم من كان فى منتصف الأربعينات، الكل يعانى من اكتئاب شديد وصداع وميول انتحارية ونسيان شديد وازدواجية رؤية، وأغلبهم مات فى حوادث أو بالانتحار، بعد أن نشر الطبيب الشرعى بحثه بدأت الرابطة الوطنية لهذه اللعبة تنزعج فقررت دخول حرب تكسير عظام ضد هذا الطبيب، فالمليارات التى تدخل الخزينة والملايين المخدرون المجذوبون بتلك اللعبة والشركات الإعلانية المرتبطة بها والمؤسسات الخيرية التى تربح من وراء هذه اللعبة.. إلخ، أين يذهب كل هذا؟، هل سيضحون به من أجل طبيب قدم بحثاً نُشر فى مجلة علمية لن يقرأها أمريكى واحد؟!، كانت ذروة الحرب هى شراء ذمم أساتذة أمراض عصبية كبار لكى يقولوا كلاماً مناقضاً لكلام الطبيب الشرعى وإثبات أن تلك الصدمات لا تؤثر إطلاقاً على المخ، يظل هذا الصراع الذى يصل إلى حد المطاردات والتهديدات والإيذاء الذى انتهى بفقدان الجنين الذى كان ينتظره هو وزوجته،

إلى أن جاء الحادث الفاصل والحاسم حين انتحر عضو مجلس اتحاد اللعبة، الذى كان لاعباً سابقاً، وكان من أشرس المحاربين لذلك الطبيب الشرعى وأبحاثه، انتحر بالمسدس بعد نوبة جنون عاصفة، بدأ اللاعبون أنفسهم يطلبون محاضرات من صاحب البحث، واعترفت أمريكا كلها واحتفت بهذا العالم الذى أصر على أبحاثه وحارب من أجلها حتى النهاية، وكان يستمد ثقته لا من عناد أجوف ولكنه استمد الثقة من بحث دائب ونتائج مفحمة دامغة، هذه هى ثقة العلماء وليس لغو وعناد الجهلة، وأخيراً انتصر العلم فى النهاية على البيزنس.
نقلا عن الوطن

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com