ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

التعليم والفرص الضائعة

مدحت بشاي | 2015-09-13 10:59:49
بقلم : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
أعتقد أن مشكلة تخلف وتراجع أدوات وآليات صباغة منظومة التعليم في مصر تكمن بداية في تصور غريب يعلن عنه كل قادم جديد لحمل حقيبة التعليم ، حيث يتخيل أنه جاء ليصلح أحوال التعليم وحده ، فهو الخبير والمنظر والباحث والمصلح الاجتماعي والنفسي والمدير والممول والمدبر والتربوي والمفكر والموجه والمدرس ، ولم يدرك أي منهم للأسف أن مهمته هو دعوة كل هؤلاء واستدعاء خلاصة فكرهم وتجاربهم ونجاحاتهم ، بل وإخفاقاتهم وأسبابها ..
 
أذكر أنه مع كل مرة أزور معرض القاهرة الدولي للكتاب كل عام ــ على مدى الكثير من دوراته ــ كنت أبحث أولاً عن جناح المجالس القومية المتخصصة ــ في زمن الضابط والإعلامي والمفكر الوطني المنضبط الدكتور عبد القادر حاتم رحمه الله ــ للحصول على أروع دراسات وأبحاث شيوخ العلماء وأهل الفكر الوطني المخلص أعضاء تلك المجالس وبشكل خاص في مجال التعليم بكل مراحله ، وهي مجموعة أبحاث ودراسات تم توثيقها في مجلدات ضخمة تم إصدارها في طبعات شعبية بأسعار زهيدة إلى حد أراها مهينة لأسماء علماء كبار أفذاذ شاركوا في تأليفها بتواضع وزهد رائع في الحصول على غنائم أو شهرة أو حتى للحصول على مناصب عليا ...
 
ورغم أن تلك المجالس كانت إداراتها حريصة على إرسال إنتاجها بشكل دوري إلى كل الوزارات للإفادة منها في إدارة عمليات الإصلاح والتطوير ، إلا أن أصحاب القرار في تلك الوزارات ــ وبشكل خاص في مجال التعليم ــ أهدروا كل فرص الإفادة منها وأعتقد أنها في غرف مخازن الخيبة والندامة ، أو تنعي حالها على أرفف مكتبات بعضهم من باب إدعاء المعرفة والثقافة والوجاهة الوظيفية !!!
 
وعليه ، ظلت وزارات التربية التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي تعيش حالة من العشوائية والتوهان الإداري والمهني .. مرة نضم  التربية والتعليم إلى وزارة التعليم العالي ، ومرة أخرى نضم البحث العلمي للتعليم العالي ومرات تعود إلى الوزارات جميعها استقلالها ... أما القرارات الفوقية التي تم اتخاذها وتم التراجع عنها ، ثم العودة بإقرار العمل بها ثالثة فحدث ولا حرج لسبب بسيط أن الوزارة يديرها الوزير ولا وجود لأي نظام مؤسسي محترم قابل للاستمرار والبناء عليه للتجويد والإضافة والتواكب مع تقدم أنظمة التعليم في العالم المتقدم.. 
 
والأمر الأبشع عندما تضطرنا الظروف العالمية للعمل بنظم متعارف عليها لتطوير الأداء وتفعيل نظم الإدارة العالمية في الإدارة ، فنضطر على عجل لإنشاء " الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد" على سبيل المثال ، والتي من المفترض أن رسالتها  تتمثل في الارتقاء بمستوى جودة التعليم وتطويره المستمر واعتماد المؤسسات التعليمية وفقاً لمعايير قومية تتسم بالشفافية وتتلاءم مع المعايير القياسية الدولية لهيكلة ونظم وموارد وأخلاقيات العملية التعليمية والبحث العلمى والخدمات المجتمعية والبيئية، وكسب ثقة المجتمع فى مخرجاتها لتحقيق الميزة التنافسية محلياً وإقليمياً ودولياً، ودعم خطط التنمية القومية الشاملة، وتعزيز المساهمات المعرفية والثقافية والبحثية لهذه المؤسسات... ولكن للأسف رغم مرور أكثر من 9 سنوات على قرار الإنشاء لا يوجد أي نتائج كانت تستحق إهدار كل تلك الأموال والميزانيات لإنشاء هيئة ضخمة قبل أن ندرك كيف سنتعامل مع نظم الإدارة بالفهلوة والفكاكة ولعب الصغار بالكبار ... أهدرنا فرصة عمل مؤسسة مهمة للمتابعة والقياس لأننا كان ينبغي ألا نعدم وسيلة للتعامل مع الموظف المصري العبقري في تستيف الأوراق وإعداد الملفات المضروبة والعمل بنظرية " الشئ لزوم الشئ " ، فنجدنا أمام مؤسسات حاصلة على كل شهادات " الأيزو " وزغردي يا انشراح ، وأقيموا الاحتفالات والليالي الملاح ، وتكريمات الكبار للصغار اللي ضحكوا عليهم في حارة مزنوقة !!!
 
وكمان معقول يا ناس يا هوووه عندما نقرر إنشاء مجلس استشاري للرئيس  للتعليم يخلو التشكيل من أسماء : د. مراد وهبة ود.طارق حجي ود.حسام بدراوي ود.كمال مغيث ود.وسيم السيسي ود.سعيد اسماعيل علي ود.ابراهيم بدران .. وغيرهم من أصحاب الإسهامات والحلول الرائعة في مجال التعليم ... معقول ياناس لايتم الاستعانة بمجلدات المجالس القومية المتخصصة ، والاكتفاء بأصحاب قبعات نوبل وغيرهم من علماء كانوا غير متابعين للمشهد المصري وعلل نظمه وأسقام من يديرون تلك المؤسسات ، لينعموا علينا بزيارات سياحية وباستضافة السيد الرئيس ، لنضيع الفرص من جديد مع رئيس مهموم فعلا بقضايا تطوير التعليم ، ووزير مالوش دعوة بأي حاجه ويصدر وحده عشرات القرارات بافتكاسات ما أغربها ورعاية حالات فساد إداري غير مسبوقة ، وحادثة طالبة الحصول على الصفر خير شاهد على إننا بلد لن يجدي معها مجالس استشارية ولا هيئات اعتماد جودة مادمنا نعيش نظم " ‘دارة على ماتفرج " ولك الله يا مصر وياعيني على فلذات أكبادنا !!!   

 

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com