د/ أحمد صبحي منصور يتحدث من واشنطن لأقباط متحدون
الأزهر عقبة تحول دون حرية الفكر والعقيدة والبحث العلمي
الشعوب الميتة يزدحم أحياؤها حول كتبهم تبركا وليس بحثا
بقلم/باسنت موسى
نفى كل ماهو مخالف لثوابتنا المجتمعية أو الدينية من سمات
مجتمعاتنا العربية التي أدمنت ثقافة النفي والإرهاب ، ود/ أحمد
صبحي منصور أحد ضحايا النفي والإرهاب من قبل مؤسسة الأزهر بمصر،
حيث إنه كان يعمل بالتدريس داخل كليات الأزهر وبدأت المعاناة منذ
رسالة الدكتوراة والتي كانت تدور حول موضوع " أثر التصوف في العصر
المملوكي " وكأي بحث علمي تعرضت للآثار السلبية للتصوف على كافة
مناحي الحياة المختلفة ، ولكن هذا لم يستحوذ على أعجاب شيوخ الأزهر
حيث أنهم اعتادوا تقديس أولياء الصوفية ، وبالتالي أؤجل مناقشة
الرسالة لمدة ثلاث سنوات ونوقشت بعد حذف ثلثي الرسالة الذي يشمل "
التأثير السلبي للتصوف على الجانب الديني والخلقي" ، وفى عام 1985
قدم الباحث خمس مؤلفات خاصة بالفكر السني مخالفة للسائد بين شيوخ
الأزهر فقاموا بوقفة عن العمل ومنعه من السفر والترقية بل إحالتة
إلى مجلس تأديب تحت دعوى إنكار السنة وقبلوا إستقالتة عام 1987
ولكن اضطهادهم له ساهم في دخولة السجن في نهايات عام إستقالتة .
أتصلنا به في محل إقامتة بواشنطن وكان لنا معه هذا الحوار فإلى
المزيد
** هناك من يرى أن تعديل المادة 76 بوضعها
الجديد نقلة حضارية ، هل ترى سيادتك ذلك؟
كان المفترض من إعلان التعديل لهذه المادة هو إحلال الانتخاب محل
الاستفتاء ولكن ترزية القوانين كالعادة أفرغوا هذا التعديل من
مضمونة ليصب في النهاية لصالح التمديد أو التوريث لسنا بالبلاهة
التي يتوهمهما فينا الآخرون ، لقد أضطر الرئيس مبارك اضطرارا
لإعلان هذا التعديل وأعتقد أن هدف هذا الإعلان هو بقاء الحال كما
هو عليه من الاستبداد والفساد . ليس المطلوب تغيير مادة أو أكثر من
الدستور بل تغيير الدستور كله ليكون دستورا ديمقراطيا حقيقيا وهذا
الإصلاح الدستوري لابد له من إصلاح تشريعي كامل يضع له الأرضية
القانونية لإصلاح سياسي حقيقي والإصلاح السياسي لا يكفى بدون إصلاح
ديني يشد من أزره حتى لا نقفز من الظلام ويأتي طوفان عقيم يستعيد
صرخة أوربا حين هتفت " أشنقوا أخر مستبد بأمعاء أخر رجل دين " .
مصر بحاجة لإصلاح سلمى وألا فالانفجار قادم العناد هنا سيؤدى
للهلاك ولا يصح لعناد شخص واحد أن يهدد السفينة المصرية في أعاصير
هذه التحولات التي يشهدها العالم منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 .
** التيارات الدينية عادة ما ترفع شعار"
شورى الإسلام" فهل مفهوم الشورى بالإسلام يختلف عن مفهوم
الديمقراطية؟
التيار الديني السياسي الطامح في الحكم يرفع لواء الشورى بديلا عن
الديمقراطية ويفهم الشورى على أنها استشاره الحاكم الذي يملك الوطن
والشعب لأعوانه إذا أراد وله أن ينشىء مجلسا للشورى إذا شاء وهو
الذي يعين أعضاؤه ويعزلهم ويستشيرهم متى أحب !! وهم يفكرون في
إرضاءه ونفاقه مثلما كان يفعل " الملأ " من قوم فرعون ، التطبيق
العملي المعاصر لهذه الشورى الاستبدادية هو ما يحدث في السعودية
تلك المملكة التي تحمل أسم العائلة الملكية تأكيدا على أن الأسرة
الحاكمة تملك الدولة ومن يعيش فيها أسوة بالدول التي كانت تتسمى
بأسماء الأسرات الحاكمة في العصور الوسطي كالدولة الأموية
والعباسية ، هذه الدولة السعودية هي النموذج الأسمى الذي يتطلع
إليه التيار الديني السياسي لإقامة مثيل له في مصر .
أما الواقع النظري القرأنى والحقيقي للشورى والذي كان النبي محمد
عليه السلام يطبقه فإن الشعب وليس النبي الحاكم هو مصدر السلطات
لأنه لن تكون له سلطة إذا انفضوا من اجتماعهم الاختياري حوله.
** 29-3-2005 كتب السيد فهمي هويدى مقالة
بجريدة الأهرام تحت عنوان " تفكيك الإسلام" متهما سيادتك بتفكيك
الإسلام والإساءة إليه ما تعليقك؟
يتهمني فهمي هويدى بالعمل مع آخرين على تفكيك الإسلام مع أن
الإسلام الذي أؤمن به لا مجال فيه للتفكيك لأنه القرآن الكريم فقط
وهو المحفوظ من لدن الله تعالى والمنزه عن التحريف وعبث البشر ،
وحقيقة تفكك المسلمين بدأ في عهد الصحابة والفتنة الكبرى ثم تطور
وتشعب ومنذ عشرة قرون تفككوا إلى ثلاث طوائف كبرى هي " السنة
والشيعة والصوفية" ، وكل طائفة تفككت داخليا إلى مذاهب وفرق ، وفكر
هويدى وهابي والوهابية تعتبر أن كل من يناقشها هو معادى للا سلام
ومقالات هويدى ضد المختلفين معه يعتبرها الإرهابيون فتاوى لقتل
المفكرين والمثقفين كما حدث مع د/ فرج فودة أو الاضطرار للهجرة كما
حدث معي ومع حامد أبو زيد أو الصراخ احتجاجا وخوفا من المصير
المعروف كما حدث مع د/ سعد الدين إبراهيم . إن ضحايا فهمي هويدى
كثيرون منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .
** ماهى الخلفية الثقافية التي ينتمي إليها
السيد/ فهمي هويدى؟
هويدى ينتمي للتيار السلفي الذي يقوم على تقسيم العالم إلى معسكرين
الأول:- دار الإسلام وفيها يحتكر المذهب السني دين الإسلام لنفسه
ويتهم المسلمين الشيعة والصوفية بالكفر والشرك ويضطهدهم كما يضطهد
أهل الكتاب من أصحاب البلاد الأصليين الذين تمسكوا بدين آبائهم
وأجدادهم ، الثاني:- دار الحرب وهى بلاد الغرب ، والواجب قتالهم
لنشر الإسلام وإرغامهم عليه واعتبار ثقافته غزوا فكريا وتفسير
المصائب التي تحدث لنا على أنها بسبب تأمر الغرب علينا .
** فتاوى التكفير وإباحة القتل يزداد عددها
يوميا فهل يحمى الإسلام حرية الاعتقاد ؟
في الإسلام الحق لا إكراه في الدين وقد قال تعالى " أفأنت تكره
الناس حتى يكونوا مؤمنين" ولكن شيوخ الأزهر والفتاوى غير مقنعين
بذلك والدليل فتاويهم المحرضة على القتل، والشيخ/ طنطاوى إذا كان
مؤمنا بالإسلام دين الحرية في المعتقد والفكر إذن لماذا حدث كل هذا
الاضطهاد لي منذ 1977 وحتى الآن وأنا في غربتي بعيدا عن وطني وأهلي
وجامعتي ؟ وأنا على وشك الحصول على درجة أستاذ مساعد كانت سنة 1985
وفيها تحولت أبحاث الترقية إلى مضبوطات اتهام لأنني اجتهدت من خلال
القرآن الكريم طبقا لما يمليه قانون الأزهر نفسه من الاجتهاد في
تجلية حقائق الإسلام. أحالوني للمحاكمة وكان الذي يرأس لجنة
المحاكمة أو محكمة التفتيش وقتها عميد كلية الدراسات الإسلامية،
واسمه الدكتور محمد سيد طنطاوى. كان شيخا مجهولا يسمع عنه أحد، كما
لا يسمع كثيرون عن الكلية البائسة التي كان عميدا لها والتي لم تكن
تجد مأوى لها وقتئذ إلا بين أعمدة الجامع الأزهر نفسه. وجد الشيخ
المجهول القادم من أسيوط آن محاكمتي هي فرصته في الصعود، لأن
وراءها ريالات السعودية ونفوذها لذلك سعى لإرضائهم بأن أوصى بأقصى
عقوبة وهى العزل إذا صممت على أقوالي . بعدها بعامين كان ممن شارك
في مؤتمرات عقدها الوهابيون لمناقشة كتبي في إسلام أباد تحت رعاية
رئيسها ضياء الحق وأصدروا قرارا بردتي عن الإسلام، ثم عقدوا مؤتمرا
آخر في جدة تحت رعاية الشيخ نصيف ورابطة العالم الاسلامى اتخذ نفس
الموقف ، كل ذلك للضغط على النظام البائس كي يضعني في السجن وهذا
ما حدث. وكوفىء الشيخ المجهول سريعا فأصبح المفتى ثم أصبح شيخا
للأزهر. هل يمكن لمن يؤمن بالإسلام دينا للحرية أن يكون تاريخة
هكذا. الله تعالى يصف هذا الصنف من الناس: " ومن الناس من يعجبك
قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام.
وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا
يحب الفساد . وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم . البقرة"
203- 206 " صدق الله العظيم..
**ماهى رؤية سيادتك كمفكر مسلم للمادة
الثانية من الدستور؟
أكثر مادة مثيرة للجدل في دستور 1971هى المادة الثانية القائلة (الإسلام
دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع) .
وهذا الجدل المحتدم بين تلك المادة بين العلمانيين والسلفيين تركز
على قراءة مغلوطة للمادة تقول " الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي
للتشريع " . وهذا مالم تقله المادة فهي تؤكد على مبادئ الشريعة،
وهى غير تفصيلات و أحكام الشريعة الإسلامية، فمبادئ الشريعة
الإسلامية هو ما يعرف لدى الفقهاء بمقاصد الشرع ،وقال الفقهاء أنها
حفظ النفس والعرض والمال ..الخ . أي أنها كليات أساسية في التشريع
،ومبادئ الشريعة أو مقاصدها لا تختلف عن هدف اى قانون دولي أو
محلى،وهو تحقيق العدل والموازنة بين العدل الاجتماعي والحرية و
تحقيق السعادة للمواطنين .. الخ..
وعليه فلا فرق بين قول دستور 1971 مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر
الرئيسي للتشريع وقول بعضهم مبادئ حقوق الإنسان العالمية هي المصدر
الرئيسي إذ لا يوجد فارق حقيقي بين حقوق الإنسان في المواثيق
الدولية وحقوق الإنسان التي يقرها القرآن بشرط أن نقرأ القرآن
بمصطلحاته ومفاهيمه بعيدا عن مصطلحات التراث ومفاهيم الفقه المنتمى
للعصور الوسطي.
على أن المادة 2 التي تجعل مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي
للتشريع تتعارض مع عشرات المواد من الدستور ذاته، تلك المواد التي
تجعل الرئيس متحكما في السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة
القضائية ورئيسا أعلى للقضاء والشرطة وقائدا أعلى للقوات المسلحة ،
يملك ويحكم وليس مسئولا أمام اى جهة ،في نفس الوقت الذي يملك فيه
إقالة الحكومة أو إقالة مجلس الشعب ..وهذا يتعارض مع مبادئ الشريعة
القائمة على العدل والقسط وحرية الرأي والفكر وحقوق الإنسان ,
ويعارض عقيدة الإسلام في الألوهية, فالله تعالى وحده لا يسأل عما
يفعل, وما عداه يتعرض للمساءلة على قدر مسئوليتة. ومن المؤكد أن
هذه المادة قد جئ بها كعربون الصداقة بين السادات والتيار الديني
وعقيدتة في " الحاكمية" أي الحاكم المتألة وسلطتة المستمدة من الله،
ولكي تؤسس وتمهد لدولة دينية قادمة تقوم على أسس الكهنوت الديني
السياسي الذي يتناقض مع الإسلام بقدر مع يتطابق مع الخلافة
العثمانية أو العباسية أو الفاطمية ، حين كان يملك الخليفة الأرض
ومن عليها.
** العار والشرف من المفاهيم التي قد تبرر
قتل المرآة كيف ترى تلك المفاهيم؟
تحت شعار الشرف يقتل الأب أو الأخ البنت أو الأخت لغسل العار وذلك
في تشريع ما أنزل الله تعالى به من سلطان. الذكر عندنا يتفاخر
بعلاقاته النسائية المحرمة بينما الأنثى وحدها هي التي تدفع فاتورة
الشرف دون الذكر الجاني لأننا حصرنا مفهوم الشرف بين ساقي المرآة
فقط . من أجل الشرف العربي تسيل دماء الأنثى الضحية بنتا كانت
وأختا ، أي أقرب الناس للقاتل وأحقهم برعايته وحمايته، بينما ينجو
الرجل الجاني .
قتل الأنثى بدافع الشرف ليس جريمة عندنا بل هو رفع للعار، لأن
العارفى ثقافتنا ليس نفاق الحاكم الظالم وتملقه والخضوع والخنوع له
والرضي بالظلم والصبر عليه ، كما انه ليس من مفردات الشرف في
ثقافتنا الاجتماعية القيم العليا من الصدق والأمانة والشهامة
والرجولة والشجاعة والإخلاص في العمل والوفاء بالوعد ، لأن هذه
القيم لا يمارسها الا شعب ديمقراطي حر أبىّ يحكم نفسه بنفسه، هذه
هي مفردات الشرف في الثقافة الغربية لا العربية . الاستبداد العربي
الشرقي هو الذي أنتج هذه الثقافة- ثقافة العبيد.
|