عادل حزين


 26  أغسطس 2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

لارى فلنت ... حكاية عن دستور أمريكا
بقلم عادل حزين

لارى فلنت هو ناشر أمريكى لعدد يزيد عن الثلاثين مجلة موضوعها جميعا الجنس والصور العارية... ولمن لا يعلم فالمجتمع الأمريكي مجتمع محافظ جدا بالمقاييس الأوربية أو الروسية, والمجتمع الأمريكي لديه مثل ما لدى الأعراب من دعاة ومفتيين كانوا يخطبون فى جموع مليونية من قبل حتى اختراع الفضائيات وإن لم يكونوا طبعا بكثرة عدد مفتيي ودعاة الأعراب, وكان من بين أولئك الدعاة ولازال داعية أمريكى مشهور هو القس الأمريكي جيرى فالويل, أين منه القرضاوى وبن لادن فى الشعبية الواسعة والتأثير العميق وأتباعه ومشايعيه يعدون الآن بعشرات الملايين من الأمريكيين, وقد كانوا وقت الواقعة التى سنرويها يصلون إلى عشرة ملايين أمريكى بالتمام والكمال ومن قبل اختراع التلفزيون والفضائيات.
فى عدد من أعداد إحدى مجلات لارى فلنت نشر إعلانا عن مشروب كحولى ومعه ريبورتاج إعلانى عن "أول مرة" لعدة إناس متخيلين يحكون عن "أول مرة" لهم فى إسقاط جنسى واضح بين أول مرة يتذوقون فيها الكحول أو بالطبع يمارسون فيها الجنس. مع الإعلان وضع لارى فلنت صورة للقس الأمريكى جيرى فالويل الداعية المشهور وعن لسانه ذكر أن أول مرة للقس كانت مع والدته شربا وجنسا, كما جاء فى الريبورتاج المذكور أن القس لا يتحدث للجمهور إلا وهو سكران.
يستطيع القارى أن يعرف رد الفعل لدى القس الأمريكى ومشايعيه لو تخيل أن أحدا نشر كلام مماثل عن القرضاوى أو بن لادن مثلا وقال أن أول مرة مارس الجنس فيها كانت مع أمه وأنه لا يفتى إلا وهو محشش. بالطبع قامت قيامة القس وأتباعه على الناشر ولأن الناس فى أمريكا أهل حضارة فقد لجأ القس للمحكمة مطالبا بتعويض قدره أربعين مليونا من الدولارات للسب والقذف وللتسبب عن قصد فى إيذاء مشاعر الضحية. رفضت المحكمة إدعاء السب والقذف وحكمت بتعويض قدره مائتى الف دولار عن الإدعاء الأخير, فاستأنف لارى فلنت لدى المحكمة العليا والتى تعادل محكمة النقض لدينا, فماذا قالت محكمة النقض الأمريكية؟
قالت المحكمة فى حكم شهير أن تدفق حرية التعبير المنصوص عليها فى الدستور تتعارض مع حق المجنى عليه فى الخصوصية والتعويض عما يصيبه من جراء نشر فكاهة ولو كانت كاذبة. وأن حق التعبير يتفوق على حق المجنى عليه إن كان وجها حماهيريا. وقضت المحكمة برفض دعوى التعويض للقس الشهير جيرى فالويل, وإستشهدت فى قضائها بسابقة قضائية حين وصف جورج واشنطن –وهو من هو- فى مجلة كاريكاتورية بأنه حمار.
المادة الأولى من التعديل الدستورى الامريكى التى تحتوى حرية التعبير والأعتقاد وحق الإجتماع مكونة كلها من خمسة وأربعين كلمة فقط, بدون مقدمات مطولة وتشدق غبى بعبارات تحتوى على ألغام تبيع للناس الوهم يعارض آخرها ما سمح به أولها تماما ككتب التفاسير والفتاوى الإسلامية التى يتعارض كل سطر وكل فتوى فيها مع غيرها. حتى أننا نجد من يفتى بقتل الأمريكيين أمس يلحس فتواه اليوم, ومن أفتى بعدم الإشتراك فى الإنتخابات العراقية يفتى اليوم بعكس ماأفتى به أمس بحيل وألاعيب ما أنزل بها الله من سلطان.
الدستور ياسادة إنما هو تعبير عما توافقت عليه الأمة من مبادىء يتم الدفاع عنها بدون إستثناءات... الدستور ياأمة الأعراب ليس فيه "ولكن" ولا "مع إحترام... كذا" ولا "فى حدود... كذا", الدستور هو التعبير عن الأساسيات الضرورية للمجتمع والقضاء هو حارسه الذى لا ينظر لأشخاص ولو كان المدع لارى فلينت والمدعى عليه قس أو مفت أو داعية...

عادل حزين
نيويورك

 



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون