أظهر تقرير مؤشر مديري المشتريات الخاص بمصر، أن اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر شهد تدهورا أقل حدة في ظروف الأعمال التجارية خلال شهر مايو، حيث أدى التقدم نحو بيئة طلب أكثر استقرارًا إلى تباطؤ الانكماش، لكنه ظل قوياً من حيث مستويات النشاط.

وأوضح التقرير، الصادر عن مؤسسة ستاندرد آند بورز جلوبال اليوم الاثنين، أنه في حين استمرت الأسعار المرتفعة في التأثير على المبيعات والإنتاج والمشتريات خلال مايو أشارت الشركات إلى أن الضغوط التضخمية كانت أضعف بكثير من المستويات المرتفعة المسجلة في مطلع العام الجاري.

ومع ذلك فإن التحديات المستمرة التي تواجهها الشركات غير المنتجة للنفط أدت إلى أن تظل توقعات النشاط ضعيفة وإلى انخفاض مستويات التوظيف مرة أخرى، بحسب التقرير.

وسجل مؤشر مديري المشتريات "PMI" في مصر ارتفاعا للشهر الثاني على التوالي، ليصل خلال مايو إلى 47.8 نقطة مقابل 47.3 نقطة في أبريل الماضي، وعلى الرغم من بقائه تحت المستوى المحايد (50 نقطة)، إلا أن المؤشر وصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر فبراير 2022.

ويعد مستوى الـ50 نقطة هو الحد الفاصل بين النمو والانكماش في هذا المؤشر، والذي يعتمد في دراسته على بيانات مجمعة من مسؤولي المشتريات التنفيذيين في أكثر من 400 شركة من شركات القطاع الخاص تمثل هيكل اقتصاد مصر غير المنتج للنفط.

ومؤشر مديري المشتريات الرئيسي هو مؤشر مركب تم إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط، وفقا للتقرير.

وقال ديفيد أوين، كبير الباحثين الاقتصاديين في ستاندرد آند بورز جلوبال ماركت إنتليجنس: "ظل مؤشر مدراء المشتريات المصري سلبيًا في شهر مايو، لكنه أظهر مزيدًا من الأمل بأن الرياح الاقتصادية المعاكسة الحالية بدأت في التبدد".

وأضاف: "ارتفع المؤشر الرئيسي للشهر الثاني على التوالي مسجلاً 47.8 نقطة، بينما ارتفع المؤشران الفرعيان الرئيسيان للإنتاج والطلبات الجديدة إلى أعلى مستوياتهما في 17 شهرا و7 أشهر على التوالي".

واستمرت مستويات النشاط التجاري في الانخفاض في شهر مايو، مما يعكس الجهود المستمرة من الشركات لتقليل الإنتاج بما يتماشى مع ضعف حجم المبيعات، ومع ذلك وعلى الرغم من قوته بشكل عام، فإن معدل الانخفاض كان أضعف معدل تم تسجيله ما يقرب من عام ونصف، وساعد ذلك شبه الاستقرار في قطاعي التصنيع والخدمات، وفقا للتقرير.

وذكر التقرير أنه وبالمثل انخفض حجم الطلبات الجديدة الواردة إلى الشركات غير المنتجة للنفط بدرجة أقل في مايو، حيث سجل هذا المؤشر أعلى مستوى له منذ 7 أشهر.

وفي حين واصلت الشركات الإشارة إلى انخفاض الطلب الذي يُعزى إلى حد كبير إلى التضخم بدأت بعض الشركات المشاركة في الدراسة في رؤية انتعاش في طلبات العملاء.

وأشار التقرير إلى أن الأعمال الجديدة الواردة في اقتصاد الخدمات شهدت نموا للمرة الثانية في ثلاثة أشهر. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت المبيعات للعملاء الأجانب بأدنى معدل في عام 2023 حتى الآن.

وعززت بيانات شهر مايو وجهة النظر القائلة بأن الضغوط التضخمية قد تراجعت عن أعلى مستوياتها في عدة سنوات والتي سُجلت في أواخر عام 2022 وأوائل عام 2023، بحسب التقرير.

وأضاف التقرير أن الاستقرار الواسع لأسعار الصرف أدى إلى ارتفاع أسعار المشتريات بنفس الوتيرة دون تغيير إلى حد كبير عن أدنى مستوى في 12 شهراً والمسجل في شهر أبريل، وإن كان المعدل لا يزال حادا بشكل عام. ارتفعت الأسعار بوتيرة قوية ومتسارعة، لكنها أيضا أضعف بكثير مقارنة بتلك المسجلة في الفترة الأخيرة.

وأوضح أنه مع ذلك، أدت الخسائر الناجمة عن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وضعف الطلب إلى استمرار انخفاض النشاط الشرائي في الشركات غير المنتجة للنفط، مما أدى إلى مزيد من الانكماش في مخزون الشركات من مستلزمات الإنتاج.

ومع ذلك، كانت وتيرة انخفاض مشتريات مستلزمات الإنتاج هي الأبطأ منذ شهر أكتوبر الماضي. وأدى استمرار قيود الاستيراد إلى إطالة مدد تسليم مستلزمات الإنتاج، وإن كان بشكل طفيف.

وقال ديفيد أوين: "أشارت الشركات إلى أن ضغوط تكلفة مستلزمات الإنتاج كانت مرة أخرى أقل حدة مما كانت عليه في بداية العام، حيث ساعدت فترة استقرار الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي على تهدئة أسواق الاستيراد. وأدى ذلك إلى ارتفاع ضعيف نسبيًا في أسعار البيع، مما أعطى بعض الأمل في أن تضخم أسعار المستهلكين سينخفض مرة أخرى في شهر مايو".

وذكر: "كما ساعد التحسن من جانب الأسعار على تحسين الطلب. في حين استمر انخفاض الطلبات الجديدة في الداخل والخارج، تراجعت معدلات الانخفاض منذ شهر أبريل، وتراجع الانكماش العام في المبيعات إلى أقل مستوياته منذ شهر أكتوبر من العام الماضي".

وبحسب التقرير، تم تسجيل انخفاض في معدلات التوظيف في شهر مايو، لتنخفض بذلك أعداد الموظفين للشهر السادس على التوالي.

وأشارت الشركات إلى أن انخفاض المبيعات والصعوبات في دفع رواتب الموظفين بسبب نقص السيولة كانت وراء هذا الانخفاض، الذي تسارع اعتبارًا من شهر أبريل ولكنه كان هامشيا بشكل عام. وعلى الرغم من انخفاض أعداد الموظفين استمرت الأعمال المتراكمة في الانخفاض، وفقا للتقرير.

وذكر التقرير أن توقعات الشركات بشأن الأشهر الـ 12 المقبلة تحسنت في مايو، بعد أن شهدت بداية الربع الثاني انخفاضاً قياسيًا على مستوى الدراسة.

وأوضح أنه على الرغم من التحسن، ظلت مستويات الثقة من بين أدنى المستويات المسجلة على الإطلاق، وسط مخاوف مستمرة بشأن ظروف الطلب والضغوط التضخمية والصعوبات من ناحية التوريد. وتطلعت 6% من الشركات إلى ارتفاع مستويات الإنتاج خلال العام المقبل.

وقال ديفيد أوين: "تشير المؤشرات الإيجابية في اقتصاد الخدمات- الذي شهد زيادة في الأعمال الجديدة للمرة الثانية في ثلاثة أشهر- إلى أن الطلب يمكن أن يخطو خطوات أخرى نحو الانتعاش في الأشهر المقبلة".

وتابع: "ومع ذلك، لا تزال مستويات الثقة منخفضة على نطاق واسع، حيث توقع 6% فقط من الشركات المشاركة ارتفاعاً في النشاط على مدار الـ 12 شهراً القادمة. ورغم ذلك، لا يزال أفضل من أدنى مستوى في تاريخ الدراسة، والمُسجل في شهر أبريل".