هاني لبيب
جمال أسعد.. صعيدى عنيد لا يتنازل عن رأيه بسهولة، ولا يزعجه انتقاد الكثيرين له طالما يقوم بما هو مقتنع به، ويقول ما يؤمن به.

ورغم اختلافى فى الرأى معه فى العديد من المواقف، بسبب مغالاته فى بعضها، أو بسبب تشدده المفرط فى بعضها الآخر، فإن لجمال أسعد ملامح مهمة وسمات يجب التوقف عندها.

1 - جمال أسعد صاحب تاريخ سياسى طويل، كما أن له خبرة حزبية مع حزب التجمع، ثم عضوًا فى المكتب السياسى، ومن القيادات العليا لحزب العمل. كما أنه صاحب خبرة برلمانية متميزة كنائب برلمانى منتخب عن دائرته الانتخابية بموطنه أسيوط، ثم عندما تم تعيينه فى مجلس الشعب 2010، كان تعيينه حينها مفاجأة لاقت استحسان البعض، مثلما استهدفها البعض الآخر بالهجوم وإنكار أحقيته السياسية فى هذا التعيين.

2 - اتسم جمال أسعد بأن له مواقف ثابتة لم تتغير، بداية من رفضه التدخل الخارجى فى الشأن المصرى، مرورًا برفض تدويل مشكلات المواطنين المسيحيين المصريين وهمومهم، ووصولًا إلى أنه يصنف دائمًا على اعتبار أنه معارض وطنى.

معارض ضمن تيار المعارضة السياسية، ولكنها معارضة وطنية وليست من أجل (البروباجندا) الإعلامية مثلما احترف الكثيرون «تقمُّص» هذا الدور زورًا وبهتانًا لتحقيق أكبر كَم من الاستفادة الشخصية.

3 - دفع جمال أسعد ثمن مواقفه السياسية والوطنية كمعارض وطنى.. لم يتربح منها يومًا بأى شكل من الأشكال كما يفعل البعض الآن.. فاختلافه مرتكز على قناعات شخصية بغض النظر عن الاختلاف معه أو رفضها.

وأذكر هنا ردود الأفعال العنيفة والغاضبة من بعض المواطنين المسيحيين المصريين بسبب تعيينه فى 2010 بمجلس الشعب، بسبب الاختلاف مع آرائه وتوجهاته المباشرة جدًا من جهة، وبسبب الصورة الذهنية السلبية عنه من جهة أخرى، بسبب انتقاده المستمر وموقفه الواضح والمعلن من رفض خلط ما هو دينى بما هو سياسى.

4 - ما زلت أرى أن رسالة الدولة المصرية من التعيين غير المتوقع لجمال أسعد تحديدًا فى مجلس الشعب هى رسالة مباشرة لكل من تيارات الإسلام السياسى والمواطنين المسيحيين المصريين والنخبة السياسية المثقفة.

وهى رسالة مضمونها الأساسى أن الدولة المصرية هى المظلة لكل المواطنين المصريين، وأن اختياراتها السياسية لا تنبع من قناعات المؤسسة الدينية، وأن الاختيار للتعيين فى مجلس الشعب تم بناء على معايير سياسية بالدرجة الأولى، وأن الدولة المصرية لا ترضخ لأى ضغط سياسى عليها من أى من مؤسساتها. ولكنها للأسف كانت رسالة متأخرة.. لأنه سرعان ما اندلعت أحداث 25 يناير 2011.

5 - وأخيرًا، كتب جمال أسعد مذكراته الشخصية باعتباره شاهدًا على خمسة عصور.. وهى مزيج بين آرائه الشخصية على خلفية تاريخ مصر السياسى وانتمائه لصعيد مصر الذى ظل يتمسك به فى كل الظروف.. حتى قيامه بتنظيم العديد من الأنشطة الثقافية والفكرية فى القوصية.. لذا فإن كتاب «أيامى» هو بمثابة سيرة ذاتية من نوع خاص.

نقطة ومن أول السطر..
أجمل ما فى السير الذاتية والمذكرات الشخصية هو القصص والحكايات التى شكّلت وجدان صاحبها ومواقفه وآراءه.. فهى تاريخ فى صورة كلمات تنبض بشغف الحياة وتحدياتها. إنها جمال «أيامى» وأسعدها.
نقلا عن المصرى اليوم