الأنبا مكاريوس
تحل غدا الجمعة، الذكرى الحادية عشر لوفاة البابا شنودة الثالث البطريرك الـ117 من بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بهذه المناسبة كتب الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، مقالًا بعنوان «شنودة الأنشودة الخالدة»، واصفًا فيها يوم وفاة البابا شنودة وجنازته التاريخية.

إعلان وفاة البابا شنودة
وقال الأنبا مكاريوس «وأتذكر أنه عندما أعلن عن نياحته، أن رفض الناس الخبر، وهرعوا إلى الكاتدرائية لعله غير صحيح ولما عاينوا الوجوم والصدمة على وجوه من هناك انتهروهم.. أن لا تقولوا إنه مات! مثلما علق داود على موت شاول ويونانان: كيف سقط الجبابرة.. لا تخبروا لَا تَبْشَرُوا فِي أَسْوَاقِ أشقلون، لئلا تفرح بنات الفلسطينيين، لئلا تَسمَتَ بنات الخلف.. ثم تحولوا بأيديهم وأعينهم إلى فوق يصرخون: أن لا تأخذه يا رب بل اتركه لنا، فما زلنا في احتياج إليه ومن ثم ارتفع صراخهم يشق عنان السماء: يا رب يقوم - يا رب يقوم، ثم يتجهون بأبصارهم نحو المقر البابوي حيث الجسد مسجى صارخين ملتاعين، كمن يخاطبون مصارعًا عملاقا سقط في الحلبة: قم.. ثم.. أنت قوي.. أنت تستطيع.. ولعلهم استحضروا في تلك اللحظة مشهد إقامة لعازر وآخرين، فالقادر على إقامته موجود ألم يكن البابا نفسه يرددها دائما: "ربنا موجود"؟!».

وتابع أسقف المنيا «لم يفكر الصارخون كيف مات ؟ ولماذا مات؟ كلا وإنما فكروا أنه يجب الا يموت! وبين العاطفة والحب الجارف من جهة والواقع من جهة أخرى، هم حائرون، وبدا الأمر كان الصدمة هي التي فعلت ذلك، ولكن الأحداث التي تلت إعلان نبأ انتقاله أكدت أن خبر الوفاة وجد صعوبة بالغة في تصديقه، فإن الملايين التي خرجت لتشيعه بدا وكأنهم لا يودعوته وإنما أملوا أنه لم يمت، فلربما كذب البعض عليهم فأعلن عدو شرير عن موته ليكسر قلوبهم، فالتزاحم الذي أودى بحياة البعض والجنازة المهيبة - وهي إحدى أكبر الجنازات على مدار قرن كامل تقول إن موته أصاب الكثيرين بالصدمة، وفي خطوة حاسمة عندما قام أحدهم بإغلاق الجزء المكشوف من التابوت بعد انتهاء الصلاة أمام الهيكل ليغطي وجهه.. كانت تلك هي اللحظة الأشد قسوة منذ ولد قبل تسعين عامًا، وما زالت يتردد في الاسماع صراخ الشعب ملناعًا بدموع غزيرة عندما رفع الصندوق بعدها فوق الاعناق یا بابا با بابا الجميع بنادونه بشكل شخصي باعتباره أباه هو فقط؛ فكيف استطاع أن يوصل هذا الإحساس إلى كل منهم ؟!».

الأنبا مكاريوس: البابا شنودة رثاه الألوف وقيل في رثائه ما لم يقل
وأضاف الأنبا مكاريوس «لقد رثاه الألوف وكتبت عنه عشرات الكتب، وقيل في رثائه ما لم يقل إلا نادرا إن الإيمان الراسخ في الكنيسة والمبني على الانجيل والآباء يؤكد أنه ليس موت بل انتقال ورقاد، ومن ثم فالبابا موجود وإن توارى عن الحواس المجردة».

واختتم الأب الأسقف: «أحد عشر عامًا ولم تنطو صفحته، ولم يزل الكثيرون يحاولون إقناع أنفسهم أنه مات بالفعل"، فهو وإن مات يتكلم بعد رحل البابا شنوده بالجسد، ولكن ما يزال يتردد في كل مكان وكل وقت جميع ما قال وما كتب، وما قيل وما كتب عنه نتذكر تيار الأبوة الذي كان يخرج منه، نتذكر حضوره القوي وصدقه الشديد دموعه وابتساماته قوته واتضاعه، أسفاره وجولاته، وإطلالته الأسبوعية المريحة يحمل معها إلى الشعب الطمانينة والفرح، شنوده.. الأنشودة الجميلة الخالدة لن تموت ولن تبهت وسيظل صداها يتردد في جنبات الكون الأجيال عديدة»
نقلا عن الوطن