كتب - محرر الاقباط متحدون 
قال الناقد خالد عاشور :" المخرج السيناريست إختبار صعب لم ينجح فيه الكثيرون مثلما نجح وتفوق فيه استاذنا داود عبد السيد وقبلها العظيم استاذنا صلاح أبو سيف.
جاء ذلك في رسالة عبر حسابه الخاص على فيسبوك، حملت عنوان "وبينا ميعاد..محاولة للكمال"، وجاء بنصها : 
الجميل في مسلسل وبينا ميعاد هو السيناريو.. والأجمل ان السيناريست هو المخرج المتميز باقتدار "هانى كمال" كاتب السيناريو ومهندسه من الحلقة الأولى وحتى الآن.. هذا يجعل من المخرج أكثر دراية بكل تفصيلة في السيناريو الذي كتبه بنفسه.
هذا المسلسل من المسلسلات التي تهتم بالتفاصيل.. فالميزة الأهم لدى السيناريت أنه درس الأبعاد النفسية والاجتماعية والعمرية لكل ابطاله بداية من البطل الرئيسي "المهندس حسن" أو العبقري الرائع النجم عن حق وجدارة الأستاذ "صبري فواز".
لم يغفل هاني كمال أولا كسيناريست كل ابعاد الشخصيات سواء كانت كبيرة سناً أو طفلة "مصطفى ديشة/محمد العزازي" ابن المهندس حسن أو حتى الطفلة "نيللي / كنزي رماح" ابنة المهندسة "نادية/شيرين رضا".. على الناحية الأخرى كخيوط الحرير في النسيج غزل باقي شخصياته المشتركة والمحيطة بالبطلين.. الميزة التي تجعل من سيناريو "هاني كمال سيناريو متميز أنه يتخذ شكلا ثلاثي الأبعاد لكل الشخصيات ويتصاعد في بنائها دون استعجال او استسهال منه.. الشخصيات تنمو كما ينمو النبات في هدوء.. يهتم باضاءتها وتغذيتها وحركته وتنفسها مع كل المحيطين بها.. لم يغفل شخصية واحدة حتى الأن.
 كل الشخصيات مكتوبة بهندسة قوية وبناء سردي يتحرك تصاعديا فيزيد المشاهد تعلقا بها وبأبطاله... هذه ميزة كبيرة يعرفها السيناريست اولا "هاني كمال" فقد مهد لنفسه كمخرج الأرض الصلبة التي سيبني عليها مسلسله كمخرج فيما بعد.
العيب فينا ولا في اولادنا.
هذا السؤال شغل المخرج هاني كمال كسيناريست.. اجاب عنه بالقلم وقت هندسة السيناريو.. ثم جاءت الكاميرا بالأخراج والأضاءة والديكور والملابس تؤكد أننا امام مخرج يدرك ادواته جيدا وكيف يصعد بها بصرحه الدرامي المسمى "وبينا ميعاه".. بدأ المخرج هاني كمال بأختيار فريق العمل الذي وفق فيه بامتياز.. الجميع على طبيعته.. الشباب لديهم فوران فني وصدق كبير أولا مبعثه من هوايتهم المتحققة كفنانين شباب.. وثانيا وهو الأهم وجود قامتين فنيتين ذكرت فيما سبق اولهم الفنان المحبب لقلبي "صبري فواز" .. ثم على الطرف الأخر الفنانة "شيرين رضا" التي بدأت بطريقة رسمها السيناريست والمخرج هاني كمال مستفزة.. صدقناها كل الصدق.. ثم اكتشفنا قدرتها على اللعب على حبل الضعف والقوة.. الأنسان بنقيضيه.. وهذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة أن تثبت "شيرين رضا" قدرتها على المعايشة.. رغم ان الدور جديد عليها.
"شيرين رضا" بهذا الدور تعود الى قوتها كما كانت في دور "نجوى كمال" بمسلسل بدون ذكر اسماء.. المخرج الشاطر هو من لا يترك الممثل لنفسه.. من يستطيع ان يخرج منه احسن ما فيه للدور وللمسلسل وللمشاهد.. كثير من المخرجين ليست لديهم الميزة دي.. "هاني كمال" استطاع ان يخرج من الجميع افضل ما فيهم.. واهم ما ظهر في المسلسل هو اعادة اكتشاف "مدحت صالح" كممثل شاطر.. جميع الشباب في المسلسل متميزون سواء كانوا شبان او فتيات.. مباراة بين الطرفين في المعايشة وليس التمثيل.. الشباب فعلا ابهروني بدون ذكر اسماء لأن كلهم نجوم بلا استثناء.
مسلسل وبينا ميعاد دراس في علم الدراما الأجتماعية وعلم الأجتماع نفسه دراسة حقيقية كتبت برهافة وذكاء وتصاعد لا مط فيه ولا ابتذال ولا تهاون وادراك كل صغيرة وكبيرة ولغة حوار يجب ان تؤخذ في الأعتبار كاحد اهم دروس الـ "Sociology" .. لا يدين الأبناء ولا يدين الأباء.. هو يسلط الضوء علينا جميعا.. العيب فينا وفي اولادنا كما قال "رمزي / مدحت صالح" في الحلقة الـ 23 من المسلسل.. هل نحن نربي ابنائنا ام هم يربونا.. صحيح ان الطفل الأول فأر تجارب للوالدين يتعلمون فيه التربية.. والحقيقة الأهم ان الأبوين نفسهم زوج من الفئران يتم التجريب فيهم.. هل هم اباء على حق.. هل هم يتحملون المسئولية عن جد.. هل الزواج في حد ذاته مفهوم لدى الكثير من طرفي المجتمع.. للاسف مع الوقت والأزمات الأقتصادية وجيل شاب يعاني من مصاعب كثيرة ونسب طلاق مرعبة سببها ان الأبوين فشلا في تربية الطرفين "البفتيات والشبان" .. المفهوم الخاطئ للزواج والمسئولية لدى الطرفين "البنت والولد" هو سبب رئيسي في قنبلة الطلاق وتزايدها الآن.. فاحصائية 2010 كانت حالة طلاق كل اربع دقائق ونصف تقريباً.. الأن الوضع مرعب.. حالة طلاق كل دقيقتين و 20 ثانية تقريباً.. وسيزيد الأمر انفجارا لعدم معالجته ومعالجة اسبابه.
وبينا ميعاد مسلسل اجتماعي بامتياز.. انساني بامتياز.. تعليمي بامتياز.. لم يكتفي بالتوغل في لغم العلاقة بين الأباء والأبناء فقط.. بل توغل "هاني كمال" بجراءة ودون خوف في محاولة صادقة لتسليط الضوء على مشاكل الجيل الجديد والقديم سوياً.. جيل يخاف المسئولية ويهرب منها متمثلا في زوج المهندسة نادية .. وجيل تحمل المسئولية ولكنه أغفل معها ان يتقرب من ابناءه.. وحين اقترب اقترب من منظوره هو لا من منظور ابناءه.. ثم جيل شباب متعجل الوصول الى القمة.. وفي سبيل الوصول اليها مستعد ان يفعل اي شئ حتى لو كان خطئية وليس خطأ.. هاني كمال كسيناريست تطرق لمشاكل كثيرة ولمهن مختلفة كتبها بمهنية متميزة تحسب له.. ثم اخرجها بصورة تزيدة جمالا مع مونتاج واضاءة مبهرة وحالة من السلام النفسي والتعليمي للجميع.. الأباء والأبناء والاطفال.
وبينا ميعاد يستحق أن يكون افضل مسلسل معروض مؤخرا مما شاهد من درامة مصرية دون مجاملة.
شكرا للسيناريست والمخرج هاني كمال وللفنان صبري فوزاز الذي جعل من شخصية المسلسل قدوة لكل أب.. وسيناريو يستحق ان يكون درسا في الحياة.. قبل ان يكون درساً في الدراما.