فاطمة ناعوت
نحن شعبٌ كريم؛ لا ننسى اليدَ التي امتدّت لنا بين ألسنة اللهيب لكى تنقذنا من الويل. نحن شعبٌ أصيل، نعرفُ أصالةَ الأشياء ونُقدِّر معادنَ الناس. نحن شعبٌ مثقفٌ؛ تعلّمنا ألّا نبخسَ الناسَ أشياءهم، وأن جزاءَ الإحسان ليس إلا الإحسان. لكل هذا كان عيد ميلاد السيد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» هذا العام غير كل عام. الفضائياتُ وصفحاتُ سوشيال ميديا استمرت لأيام تحتفل بعيد ميلاد القائد، ببرقيات المحبة وباقات الزهور، وعرض قطوف مما قدّم «السيسى» لمصرَ من هدايا وتضحيات وجهد على مدى ثمانى سنوات منذ أهداه اللهُ لنا رئيسًا عام ٢٠١٤، والقادم أجمل بإذن الله. كتب الشعراءُ قصائدهم ورسم الرسامون لوحاتهم في حب القائد السيسى. واليومَ أهدى الرئيسَ قصيدةً كتبتُها يومَ ٦ يناير ٢٠١٥، حين دخل الكاتدرائية لتهنئة البابا والمسيحيين بعيد الميلاد المجيد، ضاربًا صفحًا عن أعرافٍ ظلامية رجعية و«غير دستورية» جعلت مَن سبقوه من رؤساء يحجمون عن تقديم هذا الواجب الطيب لأشقائنا المسيحيين، وواضعًا بهذا سُنّةً وطنية راقية ودربًا سوف يسير عليه جميعُ الرؤساء القادمين إذا ما أرادوا الخير والقوة والاتحاد لهذا الوطن الطيب.

القصيدة عنوانها: «محرابٌ ومذبح»، ولها حكاية وكواليس. في قداس عيد الميلاد ٢٠١٥، ذهبنا كعادتنا لتقديم التهنئة لأشقائنا المسيحيين في الكاتدرائية ضمن الشخصيات العامة المدعوة للاحتفال الرسمى بقداس عيد الميلاد. همستُ لنفسى: «ليتَ الرئيسَ يأتى!»، فردَّ الجالسُ إلى جوارى: (لا تكلّفوه بما لا يستطيع!. يكفى أن أنقذنا من الإخوان!. هناك موانعُ سياسية تمنعه من دخول الكاتدرائية في أعيادنا)، فأجبتُه: (بل موانعُ عرفيةٌ رجعيةٌ غير دستورية. السيسى رجلٌ جسورٌ؛ وحَدْسُ الشعراء يخبرُنى بأنه سيأتى!)، ولم أكمل كلامى حتى تعالت الزغاريدُ والهتافات في الكاتدرائية، رفعنا عيوننا لشاشات المونيتور لنشاهد الرئيسَ يهبط من سيارته ويدخل الكاتدرائية. كنتُ أسعدَ الناس أن شهدتُ أخيرًا عهدًا تزهو فيه مصرُ بالعدالة النبيلة، وبقائدٍ أبٍ للجميع دون تمييز. وتكرر المشهدُ الآسر فيما تلى من أعوام. وعشيةَ عيد الميلاد ٢٠١٦، ارتقى الرئيسُ «السيسى» مِنصّة الكاتدرائية ليعلن اعتذارَ مصرَ الرسمىّ للأقباط المسيحيين على ما طالهم من إرهاب، وشكرهم لأنهم لم يقابلوا حماقة المتطرفين إلا بالحب للأم الطيبة «مصر» ولأشقائهم المسلمين.
 
أثبتَ الرئيس السيسى بالفعل لا بالقول خلال الأعوام السابقة، والقادمة بإذن الله، أنه أبٌ لجميع المصريين دون تمييز عقدى، وأغدق حبَّه لجميع الفئات المُهمّشة والمنسية في المجتمع مثل: الفقراء، المرأة، الطفل، ذوى الهمم، ولم يتوقف لحظة عن البناء والإصلاح في ملفات الصحة والتعليم والطاقة والعمران الأخضر والصرف الصحى، والنهوض الثقافى الذي يُعلى من شأن الهوية المصرية الرائدة، ودشّن على أرض مصر العديد من المتاحف والجامعات الدولية والمدارس والمستشفيات والمدن الجميلة لأبناء العشوائيات ومحطات تحلية الماء وحقول البترول والمطارات وطوّر منظومة الزراعة والصوامع وأصلح منظومة المرور والسكك الحديدية وشيّد المونوريل وطوّر المنظومة الرقمية في جميع مؤسسات الدولة، وفتح حضنَ مصرَ لملايين الأشقاء الذين ضاق بهم العيشُ في أوطانهم، وغيرها من طيبات وهدايا تستلزم مجلدات لا مقالًا.
 
مَن ينكر كل ما فعله الرئيس «عبدالفتاح السيسى» في سنوات قليلة من منجزات، ما كانت لتحدث في مائة عام بمعدل التنمية المصرى الكسول الذي اعتدنا عليه منذ عقود، فهو إما أعمى متعاميًا، أو عدوًّا يكره الخير لمصر.
 
اليوم، أهدى للرئيس «السيسى» القصيدةَ التي كتبتُها يوم ٦ يناير ٢٠١٥، ويهديه ابنى الجميل «عمر» لوحة رسمها بحب؛ من فرط ما يسمع عن رئيسنا العظيم.
 
«محرابٌ ومذبح»
زهرةٌ أورقتْ/ في الأشجارِ اليابسة/ حينَ خرجَ الأميرُ من مِحرابِه/ حاملًا قرآنَه وقلبَه/ ليصعدَ إلى منْجَليةِ الَمذبحِ/ يقرأُ سورةَ مريم ليبارِكَ الطفلَ الجميلَ في مِزْوَدِ البركة/ ثم ينحنى/ يرتّبُ هدايا الميلادِ تحتَ قدمىْ الصغيرِ الأقدس:/ ذهبًا ولُبانًا ومُرًّا/ فتبتسمُ الأمُّ البتولُ/ وتمسحُ على جَبهةِ الأميرِ هامسةً:/ طوباك بين الرجالْ/ أيّها الابنُ الطيبُ/ فاجلسْ عن يمينى/ واحملْ صولجانَ الحُكمْ/ وارتقِ عَرش بيتى/ وارفعْ رايتى عاليةً/ بين النساءْ/ عَلِّمِ الرَّعيَّةَ/ كيف يحتضنُ المحرابُ المذبحَ/ وكيف تتناغمُ المئذنةُ مع رنينِ الأجراسْ/ وارشدْ خُطاهم/ حتى يتبعوا النَجمَ الذي سوف يَدُلُّهم على الطريقْ/ إلى أرضِ أجدادِهم الصالحين/ بُناةِ الهرم/ فإذا ما وصلوا إلى ضفافِ النيلْ/ أوقَدوا الشموعَ/ في وهجِ الصبحِ/ حتى تدخلَ العصافيرُ عند المساء أعشاشَها/ بعدما تبذرُ القمحَ والشَّعيرَ والسوسن/ على أرضِ «طِيبةَ» كلِّها/ فلا ينامُ جائعٌ جائعًا/ ولا محرومٌ يبقى محرومًا/ ولا بردانٌ بردانًا ينامُ ليلتَه/ ولا حزينٌ يجِنُّ الليلُ على عينيه/ دونما يدخلُ قلبَه الفرحُ.
نقلا عن المصرى اليوم