د.امير فهمي زخاري المنيا
حي يحكي تاريخ البارونات والأمراء بوسط الإسكندرية
سكنته جاليات كثيرة وشهد مولد ( توفيق الحكيم وليلى مراد ) والأخوين ( سيف وانلي وأدهم وانلي ).

يمتاز الحي بثرائه التاريخي وأعلامه من الفنانين والكتاب والشعراء وكان حتى وقت قريب أشبه بضاحية راقية مستلقية على ضفاف ترعة المحمودية حيث نزحت إليه صفوة المجتمع من البارونات والأمراء بعد

القصف البريطاني عام 1882  للحي الأوروبي في المنشية ليصبح مركزا لتجمع الجاليات الأجنبية التي خلقت لنفسها حياة أجتماعية متكاملة فيه وعلى الأخص الجالية الإيطالية والتركية واليهودية.

سمي الحي بأسم  ( محرم بك ) زوج  ( تفيدة هانم ) كريمة ( محمد علي باشا ) الذي كان قائدا للأسطول
البحري المصري حتى عام 1826 وتخليدا لبطولاته سمي الحي بأسمه وأطلق أسمه أيضا على أطول
وأوسع شوارع الحي.

كيف كان حي محرم بك وكيف أصبح  :
هذا الحي العريق الذي  كانت أرقي العائلات السكندرية تتباهى أنه من سكانه حيث القصور والفيلات وجمال الشوارع الهادئة والنظيفه المزينة بالأشجار علي جوانبها.  

لكن لم تعد الليلة كالبارحة فقد تبدلت أحوال الحي وأضحى حي شعبي وهجره أغلب سكانيه الأصلين بعد أن أنتشر على أرصفته المقاهي وأصبح الضجيج والصخب هي السمه الحاليه للحي وهدمت معظم قصوره وفيلاته وأقتلعت أشجاره ووقفت مكانها كتل خراسانية ضخمة غايه في القبح بإختصار تم إغتيال
الحي بفعل فاعل تحت سمع ومرأه المسئولين وتم تغير تركبته السكانية.

سكن الحي من قديم الزمان تركيبه سكانيه من مختلف الأجناس والأديان فترى المساجد والكنائس تحيط بك من كل جهه في الحي فهذا مسجد أولاد الشيخ أشهر مساجد الحي وهذه كنسية السيده العذراء أكبر كنسيه وأشهر كنسية في الحي لا يفرق بينهم إلا عده أمتار .

كما سكن الحى العديد من الجاليات اليهوديه فأهم شارعين في محرم بك بأسم يهود ( شارع منشأ )
نسبه إلي ( البارون منشأ ) والذي تعتبر مدرسه المشير أحمد بدوي كانت القصر الخاص به ويوجد أيضا  

( شارع جرين ) نسبه إلي اليهودي  (  ميشيل جرين  )  كما أقام رجل الأعمال اليهودي أبرام عاداه بك بشارع الرصافة في منزله الذي حوله بعد ذلك إلي ملجأ لليهودي العجزة وكبار السن ثم تحول الأن إلى

(مستشفى النزهة ).

ينتشر أيضا بالحي المدارس فتقريبا لا تجد شارع في محرم بك إلا وبه أكثر من مدرسه سواء ابتدائي أو إعدادي أو ثانوي وهناك أيضا التعلبم الحامعي متمثل في كليه الخدمه الاجتماعية بالرصافه ومبنى من كليه العلوم وينتشر أيضا به الكثير من المستشفيات والمستوصفات مثل مستشفى الرمد والقبطي
والراهبات ومستوصف جامع أولاد الشيخ.

من معالم الحي مدرسه العباسية الثانويه التي تعتبر طوال تاريخها هي مدرسه المتميزين والمتفوقين عالميا التي أنشأها خديوي مصر عباس حلمي الثاني عام 1910 وتخرج منها العديد من أهل السياسه والوزراء وأيضا العلماء.

من معالم الحي أيضا مكتبه الإسكندرية القديمه بشارع منشأ التي كانت تعتير شعاع العلم والثقافة
والمعرفة لسكان الحي وكانت تقام بها الكثير من الندوات العلميه والثقافيه.
ومن الأماكن الشهيرة في الحي سجن الحضرة الذي حبست جدرانه أعتى المجرمين وشهد داخله إعدام أشهر مجرمي الإسكندرية ريا وسكينة.
كذلك نادي الصيد على أطراف الحي الذي كان من قبل مدرسة الرماية في عام 1949 التي شيدت
لإشباع رغبة الملك فاروق وحاشيته في الصيد وكان النادي يضم مباني خشبية وميادين للحمام والأطباق

وأماكن لتخزين الحمام وكان معظم أعضائه من الأجانب وأفتتحه حسين صبري باشا خال الملك فاروق وكان الباشوات والأعيان يخرجون منه لرحلات ترافق الملك فاروق إلى إدكو ومريوط أو السلسلة.
لا تستطيع دخول أو الخروج من الحي إلا من خلال ثلاث كباري تعرف بين سكان الحي بأسم الكوبري(أبو عين واحدة)  وهو في إتجاه شارع زين العابدين والآخر (الكوبري أبو ثلاث عيون) وهو في

إتجاه شارع الرصافة والأخير (الكوبري أبو أربع عين ) وهو في إتجاه شارع قنال السويس ولكن المدخل الوحيد لمحرم بك بدون كباري فهو من ناحيه محطه مصر حيث يوجد أشهر مكان يلتقي فيه
الأصدقاء من سكان الحي حيث يقول الجميع  ( نتقابل عند العصافري ).

أما أشهر الشخصيات التى سكنت هذا الحي العريق يأتى في المقدمة الأديب توفيق الحكيم ولد في الحي عام 1898 ودرس وتعلم في مدرسه العباسية الثانويه وأيضا الفنانه ليلى مراد وشقيقها منير مراد
والفنانة بهيجة حافظ والمطرب عمر فتحي والمطرب عماد عبد الحليم والفنانة هند رستم ومديحة كامل
وناديه الجندي والفنان أحمد أدم ومن سكان الحي الإخوان أدهم وسيف وانلي.

وكان الحي مركزا لأحداث كان بطلها سفاح الإسكندرية ( محمود أمين سليمان )  الذي ألهم نجيب محفوظ روايته الشهيرة  ( اللص والكلاب ) وعاش به لفترة الأديب السكندري إدوار الخراط وذكره في رائعتيه(ترابها زعفران) و(يا بنات إسكندرية) كذلك دارت به أحداث كثيرة في رواية الأديب إبراهيم عبد المجيد (طيور العنبر ).

كما ولدت به ( رباعية الإسكندرية ) للكاتب البريطاني الشهير (لورانس داريل ) حيث أقام في
منزل ( عائلة إمبرون )  بشارع المأمون أثناء الحرب العالمية الثانية وفيه تعرف إلى الفنانة (  كليا بدارو ) وهام بها وأطلق أسمها على واحدة من  (رباعيات الإسكندرية)  التي أصبحت علامة فارقة في تاريخ الأدب الروائي العالمي.

ومن أهم شوارع الحي:    الرصافة - قنال السويس -عرفان - بولينو -الاسكندراني - جرين -                          منشأ - الحديني - زين العابدين - أمير البحر.    

كان متعه سكان الحي  في الذهاب إلى الملاحات والتي كانت تحيط بالحي لقضاء وقت ممتع وسعيد في صيد أسماك البلطي وكان أغلب السكان من المهرة فى صيد الأسماك.


تحياتى للجميع.. مصر جميله ...
د.امير فهمي زخاري المنيا