كمال زاخر
على الرغم من شيخوخة قداسة البابا شنودة إلا أن رحيله جاء صادماً وخلف حالة من الحزن ليس فقط فى الأوساط القبطية بل فى الشارع المصرى الذى سجل للرجل الكثير من المواقف الوطنية وشهدت معه الكنيسة العديد من المواقف الصعبة. 
 
وكانت مصر تعبر لحظات فارقة وغائمة، وهى تضع نقطة فى نهاية حكم وانتظار المجهول، كانت مرحلة ملتبسة ومرتبكة، وكانت كل الاحتمالات مطروحة كأسئلة بلا اجابات،  تجمعت كل هذه الملابسات لتكون فى استقبال البابا الجديد، لنجد انفسنا أمام متلازمة مصرية، يغيب فيها الرئيس من المشهد والبابا كذلك، ويأتى فى اعقابهما رئيس جديد وبابا جديد، حدث هذا  مع البابا يوساب والملك فاروق، والبابا كيرلس والرئيس جمال عبد الناصر، ومع البابا شنودة والرئيس مبارك، ويتكرر الامر حين تعبر الكنيسة والوطن مرحلتهما الانتقالية، ليأتى البابا تواضروس والرئيس السيسى فى ادق لحظات الكنيسة والوطن.
 
تنعقد المقارنة الحتمية بين البابا الراحل والبابا القادم، وتبدأ متاعب البابا الجديد مع الحرس الكنسى القديم، وكانت ادوات ذاك الحرس الفضاء الافتراضى ولجانهم الالكترونية، بعد ان صدمهم خروجهم من مارثون خلافة البابا شنودة الذى رحل بشيبة صالحة.
 
لم ينزلق البابا الجديد الأنبا تواضروس الى منطقة الفخاخ المنصوبة له بفضل خلفيته العلمية وتلمذته على استاذ ادارة الأزمات الأنبا باخوميوس الذى ادار فترتين من ادق فترات الكنيسة؛ حين اعتقل الرئيس السادات البابا شنودة وحدد اقامته فى دير الأنبا بيشوى، وعقب رحيل البابا والسجس الذى احاط بأجواء الترشح والاختيار. 
 
ادرك البابا الجديد كل ملابسات اللحظة، فاتجه الى مأسسة الكنيسة ليخرج بها من الفرد الى المؤسسة، فبدأ فى تنظيم كل الملفات عبر وضع لوائح تنظم عملها ليتجنب شخصنة الحلول ومن ثم النتائج، وكانت العشر سنوات هى سنوات التأسيس والبناء والنأى بالكنيسة عن دوائر الصراعات.
 
وكان صبر البابا، وحكمته ومنهجه العلمى اسلحته فى العبور بالكنيسة من السياسة الى تبنى رسالتها المكلفة بها من مؤسسها المسيح لحساب الإنسان