رواية كتبها : Oliver
- سريعاً أقدم نفسي : أنا ساهر الآرامي من  مملكة حلب شمال دمشق. كنت في سوق المدينة أبيع الكروم . هناك حيث يجتمع الأدباء و كهنة المعابد و أناس من مملكة سوفيلوليوما القريبة من آسيا الصغري. كانت أول مرة أقابل أليعازر الدمشقي حين جاء بلدتنا بصحبة رجل مهيب الطلعة. كان أليعازر أنيقاً مع أنه خادم. ذو سلطة مع أنه عبد. صحبته للرجل العبراني أكسبته حكمة تعلو علي كهنة كيزوتنا الحلبيين. 
 
سمعته ينادي من يريد أن يخدم معه سيده إبرام العبراني.عرضاً سخياً أن نصير مثل أليعازر العبد الذي يسلك كالسيد و يتكلم كالآمر. كانوا كالقبيلة ذاهبون إلي حرب ضد ملوك كثيرة و كان الرجل العبراني محاط بجمع من الأشداء فإاقتربت منه و سرت معهم كي نسترد إبن أخيه لوط. قبلت دعوة أليعازر لأخدم إبرام سيدنا فما أحلي أن تكون خادماً كالسيد و عبداً كالأبناء و إبرام بلا بنون فلعل اليوم يأت و أتقاسم ميراثه. 
 
لم أفكر كثيراً فبمجرد أن تأملت وجه الرجل سري في قلبي خشية لا أعرف سرها و سلام لم أختبره قبلاً.
 
- ما كان يهمني إلا طعام يومي و حياة مستقرة  . انا رجل وحيد في الحياة لا يشغلني أين أذهب و لا كيف حالي.عشت عبداً وكلنا كنا عبيد حتي بلا سيد. قال أليعازر سنذهب لأجل خلاص الأسير فقلت  معك أذهب ماذا يمنعنا. هذا السيد سيقع رعبه علي الجميع و سننتصر بلا مغالبة. سننتصر و نغنم و سأشبع مع هذا السيد. هذه حياتنا نحن العبيد نعيش لنموت. 
 
نعم وقعت هيبة سيدنا إبرام علي الملوك الخمسة إنتصرنا و شبعنا و إتجهنا نحو كنعان. كنت أريد أن أصير كأليعازر. كان السيد يتكلم معه كأب مع إبنه. كنت مشتاق للبنوة.
 
- في عودتنا  بعدما عبرنا تلال حاصور. صارت أودية شكيم قبالتنا  و كنعان برزت في الأفق.عندنا في الآرامية كنعان تعني الأرض المسطحة لكن لا أعرف ماذا تكون عند السيد. قبل مدخلها وجدت السيد يقسم الغنائم ففرحت, ظننته وقت الغنائم. ما كان في بالي إلي أين نذهب طالما بقيت مع هذا الرجل السخي. كان الفرح يتقافز من عينيه و هو يعانق لوط حتي ظننت أنه إبنه و ليس إبن إخيه. كان يفصل العُشر من كل شيء. حتي العبيد أنفسهم.سارت الأعشار في طريق و نحن متوازيين معهم دون إختلاط. كأن إبرام ير ما لا نره.سائرون نحن صوب كنعان لننعم بالغنائم و فرح عودة الأسير.
 
- قرب أورشليم خرج ملك لابس كالكهنة. فيه شباب و حكمة.يتكلم كمن أورشليم له و هو لها. وقف فتوقف عند قدميه سيدنا إبرام. ما هؤلاء السادة من أين يأتون. كنت أتعجب لهيبة إبرام سيدنا و الآن أتعجب أكثر من هذا الرجل المستنير. ما ها الذي أقوله ؟ أنا أصف السادة كالسادة و لست أفكر كالعبيد. حين أخرج الرجل الملك من قنينته خمر و من جرابه خبزاً تلألأت أنوار في قلبي فرقص قلبي. شرب إبرام من كأس ملكي صادق فصارت كنعان في وجهه موصوفة. في شفتيه كل الكلمات القديمة. تسربل السيد بالحكمة و تسربلنا كلنا بالدهشة. شرب إبرام خمر الكاهن فإستنارت عيناه بحكمة فأقسم ألا يأخذ من الغنائم شيئاً. كان الخبز و الخمر غنيمته. أما العبيد ففرحوا بالغنائم أما السيد ففرح بكنعان. كما ظهر ملك شاليم إختفي إيضاً. لم يأخذ من سيدنا غنائمه فقط أخذ العشر من العبيد و مضي. ما كانت تهمه الذبائح بل النفوس.غاب الرجل لكنه سكن عقلي فإقتربت من أليعازر أسأله. يا رئيسنا من هذا الرجل فنظر يطالبني بالصمت و هو يمضغ لقمة الخبز التي شاركه بها إبرام. كان اللقمة تحملهما بعيداً عنا و رشفة الخمر تكسوهما بالجلال. لوط أيضاً مزهواً بنور غسل عنه عفرة الطريق و قسوة الأسر و بدا لنا لوط باراً جداً. كنعان أعلنت عنوانها لعلها مدينة العجائب.
 
- منذ أكل إبرام و لوط خبز الكاهن و خمره صارت العيون تتكلم أكثر من الشفاه. أخذ إبرام عصاه و تنحي عند تل يطل علي نهر الأردن. كنت أراقبه و أليعازر يراقبه. غفا حتي ظننته مات.إقتربت فسمعته يتكلم.كان الحديث له صوتان و أنا أري إبرام سيدي وحده؟ ما فهمت شيئاً لكن إبرام يشتكي العقم. قال أن أليعازر سيرثه فجاء الصوت كالنور و أفاقه. 
 
نهض إبرام لينظر السماء كأنه يريد أن يحصي نجومها أو يحتضنها  ليبق حضن إبرام لغزاً. سمعت الصوت يخاطبه أن نسله سيكون أكثر من النجوم. نظرت حولي لم أر أحداً. لم أفهم من يتكلم لكن سيدي يفهم و يخاطبه. أليعازر أيضاً كان متبسماً مع أنه سيفقد الميراث. ما عاد الميراث  من الغنائم يهمني. إنجذبت لتأثر الخمر و الخبز و الآن أنا منجذب بتأثير الصوت العجيب و إبتسامات إبرام و أليعازر معاً.إبرام كان ينتظر يوما كهذا فرأي و فرح.
- نهض إبرام .جري كالشباب نحو الغنائم أخذ عجلة و عنزة و كبشاً. بسط يديه فوقفت يمامة و حمامة. ذبحهم و راح في سبات عميق حتي صارت الظلمة غُربة. إستيقظ يزجر الجوارح فصرت أزجرها معه و كنت فرحاً لأن الجوارح صارت تخشاني. الضباع ما عادت تعوي في وادي جبعون و أنا عند تل الغقارب أتأمل النصرة.
 
- إقتربت من لوط العائد أسأله ماذا يحدث هنا؟ أجابني قائلاً : هنا يسطر الله تاريخ الخلاص. كنعان الجديدة لك كما هي لي فكلنا أولاد إبرام هذا. نظرت في الجميع و نهر الأردن يقترب منا بنسائمه. قلت كم هو عظيم أن أكون هذا السائر مع إبراهيم