المفكر على محمد الشرفاء الحمادي

في مرحلة المقاطعة العربية الشاملة لمصر بعد اتفاقية كامب ديفيد، حطم المغفور له بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان- بخطوته الحواجز النفسية بين الإمارات وبين مصر لعدم إيمانه بقطع العلاقات بين الأشقاء العرب.
 
وبدأت الخطوات تتسارع لرفع مقاطعة مصر، وفي اجتماع القمة للمؤتمر الإسلامي في الكويت بتاريخ ٢٦/ يناير / ١٩٨٧م، التقى المرحوم الشيخ زايد بالرئيس حسني مبارك رحمه الله، ودار بينهما حديث لا نعلمه في ذلك اليوم.
 
وبعد رجوع المرحوم الشيخ زايد من المؤتمر جلسنا على الغداء في جناحه، وبعد انتهاء الغداء كل من أعضاء الوفد توجه إلى غرفته وفجأة سمعت صوتًا يناديني وإذ بالمرحوم الشيخ سلطان بن زايد يبلغني بأن والده- رحمه الله- يطلبني في غرفته.
 
قدمت مسرعًا وقلت: نعم يا طويل العمر؛فوجدته يقول لي أن الرئيس حسني مبارك طلب منه زيارة أبوظبي والعلاقات بيننا مقطوعة فما هو رأيك؟
فأجبته؛ يا طويل العمر، تعلّمنا منك شجاعة القرار ومواقف الرجولة في الحق وأنت من القلائل في الوطن العربي الذين يصنعون التاريخ ويستبقون الأحداث العظيمة، ومن هذا المنطلق أقترح الاستجابة لطلب الرئيس حسني مبارك لزيارة الإمارات وكسر الحاجز النفسي لتكون سباقًا في تحقيق التقارب بين الأشقاء العرب.
 
ثم قال لي؛ لا تخبر أحداً من الوفد، والتزمت بالأمر.
وبعد انتهاء المؤتمر ونحن في الطائرة راجعين للعاصمة وإذ بالمرحوم الشيخ زايد يطلب معالي أحمد خليفة السويدي وزير خارجية الإمارات، والوفد الرسمي المرافق يبلغهم بأنه دعا الرئيس حسني مبارك لزيارة الدولة غدًا، فبدأت الاستعدادات على قدم وساق واستقبل الشيخ زايد المرحوم حسني مبارك وأقيم له استقبال رسمي.
 
وكانت تلك الزيارة بداية للخطوة الأولى لعودة مصر للجامعة العربية، اتخذ المرحوم الشيخ زايد قراره بعودة العلاقات مع جمهورية مصر العربية قبل سنتين من اجتماع القمة العربية في عمان _الأردن أثناء زيارة المرحوم الرئيس حسني مبارك في سنة ١٩٨٧م قبل مايو سنة ١٩٨٩م الذي بعده مباشرة تم عودة العلاقات العربية بعد ما كانت سباقة لإعادة العلاقات مع مصر بعد انتهاء مؤتمر القمة في عمان مباشرةً.
 
تلك حقيقة أخرى توضح للعالم العربي قيادة امتزجت مشاعرها بأمتها العربية وأصبحت قضية الأمن القومي العربي الشغل الشاغل للمرحوم الشيخ زايد كان يتألم حينما يحدث أي خلاف بين دولتين عربيتين ويسعى بكل السبل لاحتواء الخلافات لتعود المياه إلى مجاريها.
 
لقدكان الضمير العربي الذي الذي يعيش آلام وطنه العربي الكبير ويفرح لانتصاراته وتقدمه واستعداده الدائم للتضحية بكل ما يستطيع من أجل حماية الأمن القومي العربي.