سحر الجعارة
عزيزى المواطن المصرى: الساخط، المتذمر، الشاكى الباكى من قانون «الأحوال الشخصية»، ذلك القانون الذى «لطّم» ابنته أو أخته بين أروقة «محكمة الأسرة».. أو الذى يراه ظالماً انتزع منه «شقة أو أثاثاً» أو حرمه من مبيت ضناه بين أحضانه.. هل تعلم أن «مصر»، بكل مؤسساتها التشريعية، تناقش وضع قانون جديد أكثر عدلاً ودقة فى الحقوق والواجبات، يحقق الاستقرار للأسرة المصرية؟

الحقيقة أننى مصدومة فى الوعى المجتمعى، وأشعر بالهزيمة لأن «الباشمواطن» الذى صدّر كل مشكلاته للوطن وحمّل الدولة تبعات تصرفاته غير مهتم بقانون يرسم ملامح المستقبل، وكأنه ينتظر صفارة بدء المباراة الساخنة بين السلطة الدينية والسلطة السياسية ليهلل ويصرخ ويئن ويلطم ويعلن انحيازه لثقافته الذكورية وهو متمترس خلف الأبواق التى تنعق ليل نهار داعية لخراب البيوت بالطلاق الشفهى وشرعنة خطف الأطفال من أحضان الأمهات والإلقاء بالأعراض فى الطرقات دون أدنى إحساس بالذنب!

نحن فى مرحلة مفصلية: إما تنتصر الدولة ليكون الدستور والقانون هما الحصن والملاذ، أو تنكسر «مدنية الدولة» لتفرض الوصاية الدينية قوتها ونفوذها على العباد.. ونصبح مجرد قطيع يقودنا «الملالى» ويسيطرون على مقدّراتنا.

أنا «مزعجة».. سأظل إلى أن تسقط الأفكار الداعشية الكامنة بين بعض المؤسسات وخلايا المجتمع.. إلى أن يسقط القانون الظالم.

حتى الآن لم تطرح أى جهة مقترحات خاصة بالقانون الجديد، الذى طالب الرئيس «عبدالفتاح السيسى» بكتابته، ما عدا «المجلس القومى للمرأة» الذى قدم المحددات والمتطلبات التشريعية لقانون الأحوال الشخصية.. وهو المجلس الذى يهاجمه دائماً «زعماء التطرف» المدججون بالعمائم والمكلفون «من كبيرهم» بهدم مؤسسات الدولة الدستورية.

أتصور أنها معركة تتصارع فيها كل القوى «المحافظة والليبرالية».. وكل الأطياف «الانتهازية السياسية أو الصالح العام».. وكل الأفكار «الكهنوت الدينى أو حقوق الإنسان».

بحسب ما طرحه السيد الرئيس وبلوره مجلس المرأة يجب تعريف الزواج باعتباره ميثاق «عقد رضائى».. وبالتالى تضاف إلى وثيقة الزواج بعض البيانات التى من شأنها سرعة الفصل فى المنازعات بشأن تحديد مسكن الزوجية وطبيعته ودخل الزوج وقائمة اختيار للشروط الخاصة، وغير ذلك من البيانات التى تجعل من الوثيقة أحد العناصر القوية للفصل فى المنازعات الأسرية.

والحقيقة أن وثيقة الزواج المعمول بها الآن تتيح ذلك، لكن البعض يفضّل عليها «قائمة المنقولات» التى تبيح حبس الزوج (!!).

فى الوثيقة الحالية من حق المرأة أن تحتفظ بعصمتها فى يدها، وأن تشترط عدم منعها من العمل، وقس على ذلك حتى تصل إلى «شرط بعدم الزواج بأخرى».. وهو ما تدخلت المؤسسة الدينية من قبل لمنعه بزعم أنه «يحرم حلالاً».. رغم ما نعلمه جميعاً من أن التعدد «رخصة وليس سنة ولا فرضاً».. ورغم يقيننا من أن نصف مشكلات الزواج يأتى من الخيانة وتعدد الزوجات.

بالمناسبة هذا الكلام ليس «شأناً إسلامياً»، إنه شأن مصرى ما دام من حق المسلم أن يتزوج مسيحية ويعدد معها.. وما دام ينشأ عنه عنف أسرى ومشكلات اجتماعية.

والآن.. يقترح مجلس المرأة إمكانية اشتراط الزوجة عدم الزواج بأخرى فى عقد الزواج: (يُعتبر قرينة على وقوع الضرر ما لم تكن تعلم به.. وتقضى لها المحكمة بالتطليق «بطلقة بائنة» دون الحاجة لإثبات الضرر).

وفى سياق آخر يؤكد مجلس المرأة على ضرورة تنظيم تعدد الزوجات وذلك بتحقق القاضى من شرط علم الزوجة برغبة الزوج فى الزواج بأخرى وموافقتها وضمان استيفاء العدل بينهما، ومنح القاضى «سلطة التصريح» بالزواج الثانى.

طبعاً أمام نهم الذكور سوف نغرق فى تفاصيل الشريعة والفقه.. رغم أن الشريعة ليست «نصاً سماوياً» بل اجتهاد بشر هم أيضاً مَن ألّفوا لنا الفقه بحسب ثقافتهم وعلمهم.. فقط أنوه إلى أن «تونس»، وهى دولة ذات أغلبية إسلامية، قد ألغت رسمياً تعدد الزوجات عام 1956 (تونس تتبع مفتيها ولا تعتد بغضب الأزهر).

فى المقال القادم.. «رصاصة الطلاق الشفهى».
نقلا عن الوطن