كتب - محرر الاقباط متحدون
تحتفل الكنائس القبطية الارثوذكسية، اليوم السبت بتذكار نياحة القديس أرشليدس الراهب المجاهد، الذي ولد  بمدينة رومية، من أب اسمه يوحنا وأم اسمها سنكلاتيكي، اللذين كانا بارين أمام الله سالكين بحسب وصاياه،  ومات والده وهو ابن اثنتي عشرة سنة.

لما أرادت أمه أن تزوجه لم يقبل، فأشارت عليه أن يمضي إلى الملك ليأخذ وظيفة أبيه، فأرسلت معه غلامين بهدية عظيمة ليقدمها إلى الملك؛ فلما سافروا هاج البحر عليهم برياح شديدة فانكسرت السفينة، فتعلق القديس بقطعة من خشب السفينة ونجا من الغرق بعناية الله، ولما صعِد إلى البر وجد جثة إنسان قد قذفها الموج، فتذكر مآل الناس وزوال العالم، وحدث نفسه قائلا: ما لي وهذا العالم الزائل؟ وماذا أربح عندما أموت وأصير ترابًا؟ ثم نهض وصلى إلى السيد المسيح أن يهديه إلى الطريق القويم.

ثم جد القديس في السير إلى أن وصل دير القديس رومانوس، فقدم للرئيس ما بقي لديه من المال، وأقام هناك سالكًا حياة التقشف والزهد في المأكل والملبس حتى بلغ درجة الكمال، ومنحه الرب نعمة شفاء المرضى. ثم قطع عهدًا على نفسه ألا يرى وجه امرأة مطلقًا.

ولما طال غياب القديس عن والدته، ولم تعلم من أمره شيئًا، ظنت أنه مات، فحزِنت عليه كثيرًا، ثم بنت فندقًا للفقراء والغرباء وأقامت في حجرة منه. وسمِعت الأم يومًا تاجرين يتحدثان بخبر ابنها أرشليدس وقداسته ونسكه ونعمة الله التي عليه، ولما تقصت منهما الخبر تيقنت أنه ولدها، فنهضت مسرعة إلى ذلك الدير.

ولما وصلت الأم الدير، أرسلت إلى القديس تخبره، فأجابها قائلاً: إني قطعت عهدًا مع الله ألا أبصر امرأة مطلقًا. فكررت الأم الطلب، وهددت ابنها بأنه إن لم يسمح لها برؤيته، مضت إلى البرية لتأكلها الوحوش!! ولما عرف القديس أنها لن تتركه، وهو لا يقدر أن ينكُث عهده، صلى إلى السيد المسيح أن يأخذ نفسه! ثم قال للبواب أن يدعها تدخل ـ وكان الله قد أجاب طلبه ـ فدخلت أمه ووجدته قد سلَّم الروح!! فصرخت باكية وطلبت إلى الله أن يأخذ نفسها أيضًا فاستجاب الله طلبتها. ولما قصد الناس أن يفرقوا بين جسديهما، سمِعوا صوتًا من جسده يقول: اتركوا جسدي مع جسد والدتي، لأنني لم أطيب قلبها بأن تراني؛ فوضعوا الاثنين في قبر واحد.

وقد شرّف الله هذا القديس بعمل آيات كثيرة، وكانت نياحته الرابع عشر من طوبة، صلاته معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًّا آمين.