كتب - روماني صبري
ترأس البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك لبنان، طقس تدشين كنيسة مار نعمة الله (الحرديني) في جوار دير سيدة طاميش، بحضور النائب البطريركي على نيابة صربا المطران بولس روحانا وقدس الأباتي نعمة الله الهاشم رئيس عام الرهبانية اللبنانية المارونية، والاباء المدبرين وحشد من من الكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين من أبناء الرعية الجديدة.

استُهلّ القداس برتبة تكريس وتبريك الكنيسة، ثم ألقى المطران بولس روحانا كلمة رحّب في خلالها بصاحب الغبطة، شاكراً حضوره، ومُنوّها بالجهود الكبيرة الذي قامت بها الرهبانية اللبنانية المارونية في وقت قياسي لبناء الكنيسة، بعد أن أعطى صاحب الغبطة موافقته على إنشاء رعية تحمل إسم القديس نعمة الله، عام ٢٠١٧.

بعد تلاوة الانجيل المقدس ألقى غبطته عظة تحت عنوان: " إبن الله أُرسل لخلاص البشرية، ولا سلطة ولا قوة شريرة تقوى عليه لأنه هو والكنيسة واحد"، وجاء فيها :

"يسعدنا نحن اليوم إذ نحتفل بتكريس هذه الكنيسة الرعائية على اسم القديس نعمة الله أن يكون احتفالنا إعلاناً لإيماننا، إيمان بطرس الذي تعوّدنا عليه وتربّينا عليه، "إيماني إيمان بطرس، وإيمان بطرس إيماني".

الكنيسة المشبّهة ببيت حجر، هي في الحقيقة وفي الأساس هيكل روحيّ، فبطرس الرسول يقول "أنتم حجارة هيكل الرب" وكل مرة تدخلون هذا الهيكل المقدّس وترون جماله وترون هذه الحجارة، تذكروا أن كل واحد وواحدة منكم هو حجر في هذا البناء الذي هو الكنيسة التي نقول كلنا أنها جميلة، آية في الجمال، ولكن ينبغي أن تكون الكنيسة هي الجماعة والرعية والهيكل الشخصي. الكنيسة ليست فقط كنيسة حجرية، أجل هذا بيت جميل لله، هنا الرب حاضر في كلامه وفي الذبيحة الالهية لخلاصنا، هنا نتناول جسده، هنا نعيش الأخوّة ونبنبي الجماعة المؤمنة، هذا كله صحيح، ولكن ينبغي أن نكون نحن كجماعة كنسيّة موحّدة بالمحبة والحقيقة والتضامن والشركة والتفاهم والاّ  تفقد الكنيسة الحجريّة جمالها."

واضاف غبطته: "نأتي الى الكنيسة لكي نلتقي المسيح الذي يجعلنا كنيسة، نحن جسده السرّي، نحن هيكله، نحن كنيسة مصغّرة، الكنيسة مصغّرة في كل واحد منا، وفي الجماعة الرعوية، وفي الرهبانية اللبنانية المارونية التي شاءت وبنت هذه الكنيسة فوق القاعة التي أرادها على اسم مار نعمة الله ، المثلث الرحمة سليل الرهبانية المطران يوسف محفوظ الذي نذكره اليوم معنا في الصلاة.

نعم الرهبانية هي كنيسة مصغّرة، وفي الواقع فيها القديسون، القديس نعمة الله، القديس شربل، القديسة رفقا، الطوباوي الأخ اسطفان، والعديد من الأبرار الذين عاشوا معنى الرهبانية، عاشوا الكنيسة، وجعلوا نفوسهم هيكلاً لله، وأعلنوا سر المسيح في حياتهم، ونحن إذ نحتفل اليوم بتكريس هذه الكنيسة على اسم مار نعمة الله، نلتزم مثله بعيش هذا الايمان بكل أبعاده.

أودّ أن أحيي أخي سيادة المطران بولس روحانا النائب البطريركي العام في منطقة صربا الذي شاء أن ينشىء هذه  الرعية وأن تكون على اسم مار نعمة الله، إنها مبادرة جميلة للغاية لأنها كنيسة مؤسسة على إيمان راسخ. تعالوا نتطلّع الى القديس نعمة الله الذي علّم سرّ المسيح كأستاذ لاهوتي، ومن تلاميذه القديس شربل، نحن نقول أنه علّم اللاهوت حياة، علّم اللاهوت ليس فقط تعليما أكاديميُّا، بل علّم اللاهوت بحياته وبمثله، وصحيح عندما نقول أنه علّم القديس شربل كيف يكون قديساً، وقد عاش ملىء هذا الايمان الذي أعلنه القديس بطرس في قيصرية فيليبس.

نحن نسأل اليوم من الله أبينا نعمة الايمان، إيمان بطرس في المسيح الذي هو وحده مخلّصنا، وهو وحده سيّدنا، وهو حده يوحّدنا، وهو وحده يهدينا الى الحقيقة والنعمة.

أنا أهنىء هذه الرعية الجديدة، أهنئكم لأن هذه الرعية تحمل اسم مار نعمة الله، وهذا شيء جميل ونعمة خاصة، فليبارك القديس نعمة الله عائلاتكم وليعطينا النعمة لكي نقتدي بمثله، هو الذي عرف أن يجمع بين الفضيلة والعلم، بين الوظيفة والخدمة، وتعرفون أنه في الرهبانية ترقّى الى درجات وانتُخب مدبراً عاماً للرهبانية، وهو معلّم عاش الايمان العميق والتواضع، وأمامه وجه المسيح، فما أجمل هذا الرسم الذي يصوّره يبحث عن وجه المسيح وحده.

يا مار نعمة الله، في يوم تكريس هذه الكنيسة الرعائية على اسمك، نسألك أن تعلّمنا أنت المعلّم كيف نبحث مثلك عن المسيح في أعماق قلوبنا، وكيف نشهد له في أعمالنا، وأن نجمع بين الفضيلة والمعرفة، الفضيلة والعلم، لكن علّمنا يا مار نعمة الله أن نبحث عن المسيح ساجدين وعيوننا الى فوق، هكذا علّمت مار شربل وسواه من الرهبان الذين عاشوا في هذا الاشعاع المسيحي."

وختم البطريرك الراعي عظته: "يا ربنا يسوع المسيح أعطنا النعمة لكي نعلن مثل سمعان بطرس أنك أنت المسيح المنتظر والمرسل، أنت ابن الله الحيّ، لك المجد والشكر مع أبيك وروحد القدوس الى الأبد، آمين."