كتب: رامى جلال 

عنوان المقال هو جملة قبطية معناها الحرفى هو «معافى من الرب»، والمعنى الدارج هو «العواف»، وهى تماثل التركيب الإنجليزى «Good Bye».

اللغة القبطية هى آخر مرحلة من مراحل تطور اللغة الهيروغليفية حيث كان يستخدمها المصريون فى القراءة والكتابة منذ خمسة آلاف عام. والواقع أن تاريخ مصر القبطى هو إحدى صفحاتنا المهمة، وتمتد جذوره لمصر الفرعونية. وبقيت منه مظاهر متعددة أبرزها وأكثرها عمقاً استمرار وجود الأقباط أنفسهم، فى مصر العظيمة التى تستوعب الجميع، وكذلك اللغة القبطية التى لا تزال هى فى لغة الصلاة فى طقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية حتى يومنا هذا.

كل مراحل مصر التاريخية لها أهميتها، ليس بينها ما يمكن إهماله أو إسقاطه، كلها تراكمات فوق بعضها لا تنفصل أبداً. وإذا تجاهل البعض أى حقبة تاريخية فستتراكم قلة المعرفة ويتحول التجاهل إلى جهل وعداوة، لأن الإنسان عدو ما يجهل. وهو ما نلمسه مع مرحلة مصر القبطية، التى نريد أن يعرفها الجميع بوضوح.

مرت مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية بأزمة مصطنعة تتعلق بما أسماه البعض «صعوبة المناهج الدراسية» الخاصة بالصف الرابع الابتدائى. والواقع أن الأمر موجّه ومبالغ فيه، وقد قرأت بنفسى أجزاء من المنهج، ولا يمكن لعاقل أن يشتكى منها، لكن يبدو أن البعض قد قال إنه تربى على الحفظ وليس الفهم وبالتالى عليه أن يؤمّن هذا الفكر القديم لأبنائه من بعده. البعض يُشعرك بأنه إذا فهم فسيموت!

أحالنى جدال المناهج، إلى حتمية إدخال تعديلات هيكلية حقيقية تساعد على بناء الشخصية المصرية عبر تراكم طويل، منها موضوع تاريخنا القبطى.

عدم التعمق فى تدريس التاريخ القبطى بالمدارس المصرية الرسمية هو أحد أشكال التمييز غير المفهوم وربما غير المقصود. الاهتمام بتدريس التاريخ القبطى بالمدارس سيعمل على تعزيز قيم المواطنة وعدم التمييز بين الأديان، ما سيسهم عبر عدة سنوات فى تخفيف حدة الأزمات الطائفية التى تنشب فى الدولة المصرية من فترة لأخرى. إذ إن تدريس هذه الحقبة من التاريخ المصرى بما تحويه من فنون وآداب يدعم تحقيق الوحدة والترابط بين أبناء الوطن الواحد مع تغليب لغة الحوار.

دون اهتمام بتدريس تاريخنا كله سنقول «أوجاى خين ابتشويس» لقبول الآخر وحرية الرأى. علماً بأنه طبقاً للمادة رقم 50 من الدستور المصرى، فإن الدولة عليها أن تولى اهتماماً خاصاً بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية فى مصر.

المنهج الدراسى عبارة عن سياق للمواد العلمية أو التربوية التى تُعطى للمتعلمين خلال فترة الدراسة وذلك لجعل عملية التعليم منضبطة ومنسقة ومرتبة وغير مبعثرة. ومن المهم أن يسترشد المنهج بوجهات نظر تربوية حديثة تتماشى مع طبيعة العصر الذى يوجد فيه مثل: وحدة الخبرة وتكامل المعرفة وربط التعليم بالحياة والعمل ومراعاة شرط النضج فى التعلم. ومن المهم أن يحتوى المنهج على ما يراكم شعور الطلاب بكيفية تكوّن هويتهم التى صهرت داخلها العديد

من التوجهات التى لا بد أن يطّلع عليها الطلاب جميعاً دون زيادة أو نقصان

.